الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

«موسم الهجرة من الصين».. مُصنّعو السيارات يلجؤون لخطة «البلاد البديلة»

«موسم الهجرة من الصين».. مُصنّعو السيارات يلجؤون لخطة «البلاد البديلة»

على مدار الـ20 عاماً الماضية، كانت الصين رائدة عالمية في صناعة قطع غيار السيارات، بعدما هاجرت إليها شركات صناعة السيارات الأوروبية والأمريكية لتوفير التكاليف وإقامة روابط مع أكبر سوق للسيارات في العالم، لكن الآن تبدَّل الحال بعدما أطلقت المجموعات الدولية جهوداً هادئة ومنسقة لتقليل اعتمادها على شبكة الصين المترامية الأطراف من صانعي المكونات، وفقاً لمسؤولين تنفيذيين في الصناعة وخبراء في سلسلة التوريد.

وقال تيد كانيس، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة فورد لفاينانشيال تايمز، إنَّ هناك إعادة تفكير واسعة النطاق في العمليات اللوجستية عبر الصناعة، مؤكداً أن سلسلة التوريد ستكون محور هذا العقد.

وأضاف أن هذه الخطوة كانت مدفوعة بتطورين؛ الأول هو عدم اليقين الناجم عن سياسة الصين صفر كوفيد التي تجبر المصانع على الإغلاق في وقت قصير.

وقال جيم روان رئيس شركة فولفو للسيارات في وقت سابق من هذا العام، عندما أعلن أن شركة صناعة السيارات المدعومة من شركة جيلي كانت تزيد من استخدامها للمكونات غير الصينية: «كلما طال انتشار الوباء، زاد عدم اليقين».

وأكد كانيس أن التطور الثاني هو القلق على المدى الطويل بشأن انفصال سياسي أكبر في حالة انهيار علاقات الصين مع المجتمع الدولي، على غرار روسيا؛ ما قد يهدد التجارة.

وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تتخلَّى معظم المجموعات الدولية عن السوق الصينية تماماً بسبب حجمها، فإنها تتوقع أن ينخفض ​​تدفق المكونات من البلاد إلى المصانع في جميع أنحاء العالم بمرور الوقت، وبالتالي، يهدف المصنّعون الأجانب إلى تصنيع قطع غيار وسيارات داخل الصين للاستخدام داخل البلاد حصرياً.

ويقلل هذا من اعتمادهم على المصانع الصينية للسلع المباعة في الخارج، مع الاحتفاظ بسلسلة إمداد محلية آمنة للمصانع الخاصة بهم داخل البلاد.

وقال تقرير صادر عن جامعة شيفيلد هالام في ديسمبر الماضي، إنَّ ربع قطع غيار السيارات المصدرة من الصين ينتهي بها المطاف في المصانع الأمريكية.

واضطرت المجموعات من رينو إلى مرسيدس بنز للتوقف عن العمل أو بيع المصانع في روسيا بعد الحرب الروسية الأوكرانية، بينما كان لا بد من الحصول على المكونات الرئيسية، مثل البلاديوم، من مكان آخر.

وقال كانيس: «أعتقد أن عالم السيارات قد فوجئ بروسيا وأوكرانيا. العلاقة بين الولايات المتحدة والصين أصعب مما كانت عليه في السابق. إنه عالم جديد» ومع ذلك، ستستغرق عملية تغيير سلسلة التوريد وقتاً، فنادراً ما تقوم شركات صناعة السيارات بتبديل مصادر المكونات حتى نهاية عمر السيارة، وهو حوالي سبع سنوات. قد يكون أيضاً مكلفاً بالنسبة لصناعة تعمل بالفعل بهوامش ضئيلة.

وقال توم نارايان، محلل السيارات في آر بي سي، «لا أعتقد أن المصادر هي الصعوبة. إذا حاول الجميع التحول إلى نفس المزودين الأوروبيين أو الأمريكيين، فإنك تحدُّ من العرض، وسيرتفع السعر». وقال تيد مابلي، مستشار سلسلة التوريد في بولاريكس شريك، إنَّ الابتعاد عن الصين «سينظر في رفع الأسعار لكل من العمالة والمواد»، وهو ما يعني أنه يجب على شركات صناعة السيارات تحقيق وفورات في أماكن أُخرى، لا سيما مع ارتفاع التكاليف في التحول إلى الكهرباء، أو المخاطرة بأن تصبح غير قادرة على المنافسة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة ستيلانتس، كارلوس تافاريس: «إذا لم نصلح مشكلة القدرة على تحمل التكاليف، فلن تشتري الطبقات الوسطى السيارات الكهربائية».

قال: إنَّ الصين «ليست الدولة الوحيدة، ولا حتى الأفضل»، مع «الكثير من الخيارات» عبر الهند والمكسيك وأجزاء من شمال أفريقيا وآسيا.

ومع ذلك، تهدف شركات صناعة السيارات أيضاً إلى أن تكون أكثر صرامة فيما يتعلق باختيارهم للموردين، حيث يركزون على مرونة سلسلة التوريد، فضلاً عن التكاليف، للتأكد من عدم تعطلها.

وقال ماساهيرو مورو، المدير التنفيذي الأول في مازدا: «إنه في الوقت الحالي، يجب مراعاة قوة سلسلة التوريد الخاصة بنا لضمان الشراء المستقر للأجزاء». مشيراً إلى محاولة مازدا إنتاج بعض المكونات المصنوعة في الصين إلى سوقها المحلي في اليابان.

وتُعدُّ هذه علامة على أنه حتى شركات صناعة السيارات اليابانية، التي تميل إلى أن تكون أقل اعتماداً على البلاد من منافسيها في أوروبا أو الولايات المتحدة، بدأت في تقليل اعتمادها على سلاسل التوريد الموجودة في الصين.

وطلبت الشركة بالفعل من أكثر من 200 من مورديها الذين يستخدمون مكونات مصنوعة في الصين، العمل على التخزين لتلاشي الاضطرابات حالة حدوث أزمات في المستقبل.

وعلى الرغم من الحذر المتزايد وراء أبواب مجالس الإدارة، لا تزال الصناعة تعتمد على المبيعات للمستهلكين في السوق الصينية؛ ما يجعل من الصعب على المديرين التنفيذيين التحدث بصراحة عن بعض التغييرات.

وقال التنفيذيون، إنَّ إعادة تخصيص مازدا كانت مدفوعة بشكل أساسي بالمخاوف بشأن موثوقية الإمدادات نتيجة لإغلاق كورونا.

واعترفت شركة هوندا التي تتخذ من اليابان مقراً لها بأنها تدرس طرقاً لخفض مخاطر سلسلة التوريد، على الرغم من أنها نفت تقارير إعلامية تفيد بأنها كانت تستكشف إمكانية بناء سيارات ودراجات نارية بأقل عدد ممكن من الأجزاء المصنوعة في الصين.

وقالت الشركة إنَّه «مع سلسلة من التأثيرات على إمدادات الإنتاج بسبب عوامل متعددة، بما في ذلك إغلاق شنغهاي، فإننا نفكر في طرق مختلفة للتحوُّط من مخاطر سلسلة التوريد. ومع ذلك، نحن لا نفكر على وجه التحديد في سيناريو الانفصال في الصين».

تقوم كل من فورد وجنرال موتورز بشكل استباقي بنقل أجزاء من البلاد لمصانعها الأمريكية، وفقاً للعديد من الأشخاص.

وقالت جنرال موتورز: «معظم الأجزاء التي نستخدمها في أمريكا الشمالية يتم الحصول عليها بالفعل من أمريكا الشمالية، وقد عززت تحديات سلسلة التوريد على مدى السنوات القليلة الماضية من قيمة مرونة مصادرنا». وأضافت الشركة أن «معظم مصادرنا في الصين مخصصة للإنتاج في الصين»، و«نخطط لمواصلة هذا النهج».

وتعتبر مخاطر سلسلة التوريد أكبر بالنسبة لشركات صناعة السيارات الألمانية مرسيدس، وبي إم دبليو، وخاصة فولكس فاغن.

وتُعدُّ الشركات الثلاث راسخة بعمق في الصين لدرجة أنها، إلى جانب مجموعة الكيماويات الألمانية BASF، شكّلت ثلث جميع الاستثمارات الأوروبية المباشرة بين عامَي 2018 و2021.

وقال نارايان من آر بي سي: «الألمان مرتبطون بالصين، ليس فقط من أجل الحصول على المصادر، ولكن من أجل العملاء أيضاً». «هذا هو في الواقع أكبر خطر يبحث عنه المستثمرون في الوقت الحالي». ومع ذلك، أكَّد يورج بورزر، رئيس سلاسل التوريد في مرسيدس بنز، أن أي تغييرات في مصادر الشركة للأجزاء لم تكن مدفوعة بمخاوف سياسية.

قال في قمة فاينانشيال تايمز غلوبال بوردروم في ديسمبر، إنَّ الأمر «لا يتعلق بالصين أو الولايات المتحدة»، ولكنه «يتعلق بأفضل إعداد لسلسلة التوريد والعمليات».

وأضاف: «من الواضح أننا ننظر إلى المصادر القريبة، والتي يمكن أن تكون أيضاً من موردين أوروبيين أو موردين أمريكيين أو موردين مكسيكيين»، مشدداً على أن الأمر لا يتعلق بجنسية المورد.