2018-06-19
يرسم الفنان النيجيري فينسيت أوسجور بريشته الباكية دموع الطفولة وآهات البراءة التي تتضور جوعاً وتبكي فقراً وتأن حزناً من الأوضاع المعيشية المجبرين على التعايش معها، قسوة الظروف وندرة الرفاهية وغياب الأمل تجعل من اللوحات ساحة للبؤس والشقاء ومنصة للوجع ومرجعاً بصرياً للظلم البشري.
تحمل لوحات أوسجور، التي يحتضنها معرض «مرجع» في غاليري المشروع للفن التشكيلي في دبي حتى العاشر من أغسطس المقبل، مزيجاً من الألوان المتشابكة التي ضلت طريقها وتاهت وسط الخيوط المتناحرة، فخيوط الصوف المصبوغة بالألوان الزيتية تعادي الأسود والأحمر حد الحرب حامية الوطيس.
تحاول ريشة التشكيلي النيجيري الابتعاد قدر الإمكان عن حالة الحزن التي تتلبسها ببعض الضحكات المسروقة ونظرات العيون المتلمسة للأمل والوجوه الأفريقية التي تتحدث عن واقعها من دون كلمات، لأن تعابيرها تفسر آلاف الكلمات.
ويسعى أوسجور عبر أعماله إلى إبراز دقته الفنية في إعطاء أبطال لوحاته وجوهاً مبتسمة وملامح سعيدة كأنها تعيش السلام والأمان، إذ اختار مجموعة من الألوان الصعبة ذات الرموز العميقة التي تبحر في معاناة الفقر وانعدام الأمان لسكان أفريقيا.
وتوحي لوحة الطفلة ذات العيون الزرقاء، التي سمح لريشته إبهاج وجهها ليبعد الحزن والبؤس عنها، بجمال الطفولة والبراءة كي تأخذ حريتها في رسم البسمة على شفاهها، وتبدو الطفلة تنظر بكل قوة وجرأة وكأنها تحاول أن تخبر العالم بأنها ليست خائفة وتحب وطنها وحياتها.
وعلى الرغم من صعوبة الحياة التي تواجهها الطفلة ترك الرسام الحرية لخصال شعرها أن تتطاير مثل شعر أي طفلة ترغب في اللعب واللهو غير مكترثة بمن حولها.
يبدع أوسجور تركيبات تتجاوز مجالها الأصلي مع الإيحاء بالمواضيع المادية والواقع، ما يجعل المجال المقدس له أقرب إلى الخبرة الإدراكية.
بينما توحي لوحة «السيدة النائمة» مشهداً بصرياً يجذب المتلقي لمعرفة الحكاية، ولماذا تنام على الأرض وهي في كامل زينتها وأناقتها، مرتدية مجوهراتها العاجية البيضاء ذات الأحجام الكبيرة، وكأنها مقيدة بخيوط بيضاء ومغطاة ببقعة مظلمة.
وتصيب اللوحة المتلقي بحيرة كبيرة، فجمال المرأة يخفي القصة الحقيقة التي ترمز إلى حال النساء في العالم بسبب الحروب والمجاعات التي أثقلت كاهلهن وحرمتهن العيش على طبيعتهن.
أما لوحة «حسناء نيجيريا» فيظهر منها وجه فتاة يافعة جميلة الملامح تنظر إلى المتلقين في تعجب وحيرة، وتكاد اللوحة تبدو صورة فوتوغرافية من شدة دقتها وشفافيتها، فتلك الحسناء عيناها ساحرتان سوداوان كعيون المها لكنهما غاضبتين من الحياة.
يتمكن المتلقي بسلاسة من ملاحظة التدفق الفكري في لوحات أوسجور المحملة برسائل إنسانية تتحدث عن حياة الشعوب الفقيرة، مستعيناً بخامات بسيطة كخيوط الصوف والألوان الزيتية والأسود والأحمر.





