2018-07-05
أ ف ب
لم تثنِ السنوات المئة غزالة علي المطلق عن ممارسة الحياكة في قريتها حسو الرطلة شمال سوريا، غير آبهة بالتغيّرات التي طرأت على بلدها في حياتها.
في الفناء الواسع لبيت أكبر أحفادها تجلس السيدة المسنة بزيّها التقليدي وقد غطت الوشوم وجهها، تمارس بمهارة فائقة مهنة تتطلب نظراً سليماً ويدين قويتين وتركيزاً عالياً، متحدّية تقدّمها في السن.
لا تعرف غزالة عمرها بالضبط، ولكنها تقدّر أنها جاوزت المئة عام، ففي سن السادسة عشرة تزوّجت، وحينها سجّلها والدها في السجلات على أنها من مواليد عام 1923.
غير أنها في الحقيقة ولدت قبل ذلك التاريخ بسنوات عدة، لذا تقدّر أنها طوت قرناً من الزمن.
وتقول غزالة «نسجتُ في الماضي الكثير من الخُرج والأكياس لنقل الحاجيات من الحبوب والطحين على ظهر البغال».
أما اليوم، فيتركز عملها على حياكة سجادات الصلاة وفرش المنازل والزينة.
أثناء العمل يجتمع حولها الكثير من أبنائها وأحفادها، يراقبون بعناية مهارة جدتهم.. وهي تتمنى أن تورّث هذا الفن لأحدهم.
في الماضي كانت غزالة تبيع ما يفيض عن إنتاجها بعد تلبية حاجات العائلة والأقارب، في السوق المحلية، ولكن اتساع العائلة التي باتت تضم عشرات الأبناء والأحفاد وأبنائهم يجعل إنتاجها يقتصر عليهم.
يوضح حفيدها الأكبر خالد الحوير، البالغ من العمر خمسين عاماً، «لجدتي أكثر من مئة من الأبناء والأحفاد، وهي الآن تعلّم ابنتي يمامة البالغة 12 عاماً أصول المهنة لتمارس الحياكة من بعدها».
لكن الأمر برأيه «يحتاج إلى عناية أكبر وتنظيم دورات تدريبية».
ويضيف «نتمنى أن تولي المنظمات المعنية هذه المهنة الاهتمام اللازم للحفاظ عليها كما يُحافظ على التراث والمهن التقليدية.. لا نريد أن تطوى صفحة هذا الإرث مع رحيلها».
أمضت غزالة كل عمرها في سوريا، لتعيش الآن محطة جديدة في محطات تاريخية شهدت عليها، من نهايات الحرب العالمية الأولى، مروراً بالحرب العالمية الثانية، والحروب مع إسرائيل، وصولاً إلى الحرب السورية الأخيرة.