الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

نوبل للآداب تنحاز لأديب الحزن والنهايات المفتوحة كازو إيشيغورو

صححت جائزة نوبل للآداب اختيارها في العام الماضي المتمثل في المؤلف الغنائي الأمريكي بوب ديلان، وانحازت للأدب التقليدي ممثلاً في الكاتب البريطاني الياباني كازو إيشيغورو صاحب «لا تدعني أرحل، بقايا النهار، وفنان من العالم الطافي». الاختيار صادف قبولاً من الأوساط الأدبية العالمية تأسيساً على الخلفية الثقافية لإيشيغورو بين اليابانية والبريطانية، وهو الأديب الذي اشتهر بنهاياته المفتوحة، يترك لمخيلة القارئ ورؤيته حل الصراع بين شخصياته، دون أن يفرض عليه طريقاً محدداً. المفارقة أن العالم عرف الأديب البريطاني عن طريق السينما عندما أنتجت روايته بقايا النهار، ومثلها الشهيران أنتوني هوبكنز وإيما تومسون، على الرغم من تاريخه الحافل في عالم الإبداع. وأكدت الأكاديمية في حيثيات قرارها أن إيشيغورو (62 عاماً) كشف في روايات مشحونة بعواطف قوية، الهاوية الكامنة تحت شعورنا الوهمي بالتواصل مع العالم. والحقيقة أن إيشيغورو هو الأقرب بجدارة للجائزة من بوب ديلان الذي نصت حيثيات فوزه أنه «ابتكر تعابير شاعرية جديدة داخل الغناء الأمريكي»، وهو الأقرب من الصحافية البيلاروسية سفيتلانا الكيسيفيتش التي فازت بها منذ عامين لأن «كتاباتها متعددة الأصوات تعد معلماً للمعاناة والشجاعة في زماننا». أهم ما يميز الأديب الكبير هو أنه لم يتنكر لجذوره، ولم يطمس هويته، فمزج بإبداع بين ثقافتين، ولم يمنعه انتماؤه من انتقاد الممارسات الخاطئة في وطنه والتي دفعته فيما مضى إلى الانتقال للغرب، وفي مقدمتها النزعة العسكرية التي أدت إلى احتلال اليابان وتدمير مسقط رأسه نجازاكي بالقنبلة النووية. كان يرى أن «حتّى الموتى يحمون الأرض من الرحيل أو من التفكك، ولكنه لم يعف أجداده من عار الدمار والهزيمة». يكتب إيشيغورو بإحساس مرهف وحساسية شديدة، لا يخشى الموت أو الانتحار الذي جعله ملازماً لمعظم أبطاله، كما في روايتي «منظر شاحب للتلال، وفنان من عالم عائم» وهو مصير محتوم رغم أنه متأخر، ويمثل إدانة لكل المغامرين بأوطانهم بمبررات زائفة وبطولات وهمية، ونياشين تعلق على جثث الموتى وأنات الثكالى ودموع الأيتام، كان يتساءل (هل يدري هؤلاء ماذا يعني أن تمضي الأمّ دون انتظار؟ معنى ذلك أنّنا نضع قنبلة موقوتة في قلبها. يستقي إيشيغورو أفكار رواياته من الحياة اليومية بكل تفاصيلها، مع مسحة من الحزن والشجن وإحساس بالبؤس الإنساني، يغوص في الماضي ليرصد ويكشف ويحذر من تكرار المأساة، على الرغم من أن آخر أعماله يتكلم عن المستقبل. واحتفى الأديب الكبير بالمرأة بطلة وساردة لرواياته، مع تأثر بأمه التي ظلت متمسكة بالتقاليد اليابانية، وعاشت مأساة تدمير مدينتها بالقنبلة النووية. ولد كازو إيشيغورو في الثامن من نوفمبر 1954، وانتقل مع والديه للعيش في بريطانيا وعمره خمسة أعوام، وحصل على درجة الليسانس من جامعة كنت عام 1978 والماجستير من جامعة إيست أنجليا لدورة الكتابة الإبداعية عام 1980. ترشح أربع مرات لجائزة بوكر، وفاز بها عام 1989 عن روايته بقايا النهار، وفي عام 2008 صنفت صحيفة التايمز إيشيغورو المؤلف 32 في قائمتها لأعظم 50 مؤلف بريطاني منذ عام 1945.