الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

إعادة الثقة لأسواق النفط

مثّل التعاون السعودي الإماراتي في رسم السياسات البترولية حجر الزاوية في نجاح جهود منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لتعافي الأسعار، وتحقيق الاستقرار في أسواق البترول الدولية، وضمان سعر عادل لكل من المنتجين والمستهلكين على حد سواء. ويعكس التفاهم بين وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، ونظيره السعودي خالد الفالح حول الإبقاء على كل الخيارات على الطاولة، بما في ذلك تمديد العمل باتفاق تخفيض سقف الإنتاج، المرونة واليقظة التي تتعامل بهما أوبك من أجل الإبحار بالمنظمة في محيط أسواق النفط المضطربة، التي تتقاذفها رياح التغييرات التكنولوجية، ورغبة قوى عظمى في كسر شوكة أوبك وإملاء شروطها على الأسواق. وراهن كثيرون على أن نتائج الجولات السابقة من تمديد العمل باتفاق تخفيض الإنتاج لم تأت بالنتائج المرجوة، ولم تسفر عن تحسن ملموس في أسعار النفط، رغم التضحيات الجسيمة التي تحملتها الدول الأعضاء. وتتوهم هذه الرهانات أن المنظمة التي حكمت أسواق الطاقة العالمية لما يقرب من ستة عقود، أصبحت على أعتاب نقطة الانكسار والتسليم بأنه لم يعد بمقدورها الدفاع عن حصتها في السوق، أو تحديد سعر عادل لسلعة النفط الاستراتيجية التي لا تتحكم فقط في معدلات نمو حركة التجارة العالمية، وإنما في مجمل أوضاع الاقتصاد العالمي. ولكن هذه الرهانات تتساقط كأوراق شجر ذابلة في موسم الخريف أمام إصرار أوبك على الدفاع عن حقوقها، ومقدرات شعوب الدول الأعضاء مهما كلفها ذلك. ومن المؤكد أن خيار تمديد العمل باتفاق تخفيض سقف الإنتاج يبعث برسالة واضحة إلى الأسواق، مفادها أن زيادة المعروض من النفط لا يمكن أن تكون أبدية حتى ولو احتاج تحقيق التوازن بين العرض والطلب إلى بعض الوقت. وليس هناك شك في أن التعاون السعودي الإماراتي يلعب دوراً حيوياً، ليس فقط في تأكيد إصرار أوبك على المضي قدماً في الدفاع عن حقوقها العادلة، وضمان الالتزام الحرفي والنزيه بحصص الخفض المقررة لكل عضو من الدول الأعضاء. بل الأهم من ذلك أن تفاهم الطرفين يلعب دوراً حيوياً في ضمان التزام كبار المنتجين من خارج أوبك، خصوصاً روسيا، ما يعطي لمسيرة تصحيح أوضاع أسواق النفط زخماً وثقلاً دولياً. وأخيراً وليس آخراً، تبعث هذه التفاهمات أيضاً برسالة قوية إلى المضاربين والمقامرين، مفادها أن المراهنة على انهيار أسعار النفط رهان خاسر.