الاحد - 19 يناير 2025
الاحد - 19 يناير 2025

اليمن 2018.. بداية نهاية التمرد الحوثي

اليمن 2018.. بداية نهاية التمرد الحوثي
تكلّل عام 2018 في اليمن بإنجاز سياسي خُطّ على وقع إنجازات ميدانية بدأت مع إطلاق عملية تحرير الحديدة التي ضغطت على الميليشيات الانقلابية للقبول بالجلوس على طاولة المشاورات رغم محاولتهم تمييع الجهد الدولي في شهر سبتمبر وتعطيلهم جولة مشاورات في جنيف لكن الضغط العسكري حملهم على الذهاب إلى مشاورات ستوكهولم التي رسمت ملامح تسوية.. رغم أنّ الواقع الميداني حتى الأمس يثبت أنّ الانقلابيين لا يملكون نية الالتزام بما اتفق عليه قبل أسبوع.

وشهد عام 2018 تحولات نوعية في خارطة السيطرة في اليمن، بعد أن مُنيت جبهة الانقلاب الحوثي بالمزيد من التصدعات والانهيارات المتسارعة نتيجة عوامل عدة أبرزها صلابة وتوحد جبهة الشرعية بعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على أيدي ميليشيات الحوثي، وإصرار تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية على إنهاء العبث الحوثي بمقدرات اليمن وأمن واستقرار المنطقة والعالم، ووقف المد الإيراني الخبيث في دول المنطقة عبر أذرعه الحوثية في اليمن.

شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2018، أحداثاً دراماتيكية في مسيرة الحرب اليمنية المتصاعدة منذ أكثر من أربعة أعوام بعد انقلاب ميليشيات الحوثي على الشرعية الدستورية في الـ 21 من سبتمبر 2014، فبعد مقتل علي عبدالله صالح، وعلاوة على خسارة الحوثيين لحليف قوي كان يوفر لهم غطاءً سياسياً في الداخل والخارج، تصدعت جبهة الحوثي بانشقاق قبائل يمنية وقادة عسكريين كانوا يدينون بالولاء للرئيس الراحل ما أحدث تغيراً في خارطة الحرب.


بداية النهاية


شكل العميد طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل، بإسناد من تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية قوات «المقاومة الوطنية»، والتي لعبت دوراً بارزاً ومؤثراً في القتال ضد ميليشيات الحوثي على جبهة الساحل الغربي لليمن، بعد أن سيطرت على مواقع استراتيجية، واستهدفت قيادات حوثية بارزة ومخازن أسلحة وذخائر عدة.

وفي تطور لافت، على صعيد معارك استعادة الشرعية في اليمن، أعلنت ميليشيات الحوثي مقتل قائدها البارز رئيس ما يسمى «المجلس السياسي» صالح الصماد في غارة للتحالف العربي في محافظة الحديدة، الأمر الذي زاد من حالة التخبط التي تعيشها الميليشيات الموالية لإيران.

أعقب ذلك إعلان الجيش اليمني إطلاق عملية عسكرية نوعية لاستعادة الحديدة بمطارها ومينائها الاستراتيجيين، وتطهير ما تبقى من مناطق تحت سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية، وألحقت قوات الشرعية اليمنية خلال العملية العسكرية هزائم ساحقة بالميليشيات الموالية لإيران، وتمكنت من قطع خط إمدادات الحوثيين الرابط بين صنعاء والحديدة والوصول إلى عمق مدينة الحديدة وتحرير مطار المدينة الاستراتيجي من سيطرة الانقلابيين والتقدم نحو تحرير ميناء الحديدة الذي تستغله الميليشيات الموالية لإيران في تهريب الأسلحة القادمة من طهران لإطالة أمد الحرب العبثية التي أشعلت وقودها الميليشيات المتمردة خدمة لأجندة إيران التوسعية في المنطقة.

وبالتزامن مع عملية الحديدة، اشتعلت جبهات القتال ضد ميليشيات التمرد الحوثي لتشمل صعدة، المعقل الرئيس للانقلابيين، والبيضاء، والضالع وحجة وتعز.

وتصدعت صفوف الحوثي على مختلف الجبهات بعد أن مُنيت الميليشيات بخسائر فادحة بتساقط عدد كبير من قياداتها الميدانية ومقاتليها، ونفاد خزانها البشري ما استدعى لجوء الميليشيات الموالية لإيران إلى عمليات تجنيد النساء والأطفال، وهو الأمر الذي لاقي شجباً وإدانة دولية واسعين.

انتفاضة صنعاء

وإلى جانب الخسائر العاصفة بميليشيات الحوثي على مختلف جبهات القتال، واجه الحوثيون نوعاً آخر من الخسائر لا يقل وطأة عن هزائم الحرب الميدانية، فقد تعالت صرخات الغضب والسخط والرفض الشعبي لسياسات الحوثي وانقلابه على الشرعية اليمنية، وما زاد من حدة الأمر هو أن الأصوات الغاضبة انطلقت من قلب العاصمة صنعاء القابعة تحت وطأة الانقلاب منذ عام 2014.

وقابلت ميليشيات الحوثي الرفض والسخط الشعبيين، باستخدام القوّة المفرطة والاعتقال والإخفاء القسري للمحتجين من الرجال والنساء، في محاولة لوأد ما بدا أنّه «ثورة جياع» في المدينة التي لم يعد سكّانها يحتملون الأوضاع المعيشية السيئة التي وصلت حدّ ندرة الأغذية والأدوية والمياه النظيفة.

أجرى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال عام 2018 بعض التغييرات المهمة، والتي كان من أهمها إقالة رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر وإحالته إلى التحقيق بسبب «الإهمال الذي رافق أداء الحكومة في المجالات الاقتصادية والخدمية، وتعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة الشعب وحلحلة مشكلاته»، وتعيين معين عبد الملك رئيساً لمجلس الوزراء.

كما أصدر الرئيس اليمني قراراً رئاسياً بتعيين خالد اليماني وزيراً للخارجية عوضاً عن عبدالملك المخلافي الذي عين مستشاراً لرئيس الجمهورية، إضافة إلى تعديلات وزارية أخرى طالت وزارات عدة من بينها التخطيط والتعاون الدولي، الكهرباء والطاقة، العدل، إلى جانب تعيين أعضاء في مجلس الشورى، وبعض المحافظين الجدد.

وأصدر هادي قرارات جديدة بشأن تعيينات في مناصب عسكرية رفيعة، شملت تعيين قادة جدد بالمنطقة العسكرية الثالثة في مأرب والمنطقة العسكرية السابعة.

انكشاف المواقف

خلال عام 2018.. أطلق المتمردون الحوثيون أكثر من 200 صاروخ باليستي استهدفت المناطق السكنية المأهولة في المملكة العربية السعودية، والتي أسفرت عن عدد من الشهداء والمصابين وتسببت في أضرار مادية كبيرة، وفي غضون ذلك ومع انكشاف أهداف الانقلاب الحوثي الطائفي المدعوم إيرانياً في اليمن، باتت الصورة جلية وواضحة للمجتمع الدولي، الذي ندد مراراً بالممارسات الحوثية.

وأعلنت الولايات المتحدة دعمها صراحة للتحالف العربي من أجل القضاء على الحوثيين الموالين لإيران ضمن استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة، وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنها ستواصل دعم حلفائها في التحالف العربي باليمن.

مساعي السلام

أثبتت الميليشيات الموالية لإيران «بجدارة» أنها الطرف المسؤول عن إفشال الجهود السلمية الساعية إلى إنهاء الأزمة اليمنية.. ففي سبتمبر 2018، أقر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفث بـ«الإخفاق» في المفاوضات بعد «الفشل» في إقناع وفد ميليشيات الحوثي بالقدوم إلى جنيف لحضور مباحثات السلام، وسبق وأن أفشلت الميليشيات المتمردة جهود الحكومة اليمنية الشرعية والأمم المتحدة نحو السلام في ثلاث جولات مباحثات أخرى.

وفي ستكهولم، حقق الضغط العسكري لقوات التحالف والجيش اليمني على الحوثيين في الحديدة، انتصاراً سياسياً بانتهاء محادثات السويد باتفاق نص على انسحاب ميليشيات الحوثي من المدينة وموانئها وفتح ممرات إنسانية إلى تعز، وتبادل أسرى. وكشفت الأمم المتحدة عن جولة أخرى من المفاوضات أواخر يناير المقبل معتبرة أن الاتفاق يعني الكثير لليمنيين والعالم بأسره.