الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«الفيروس» يفجر أزمة ثقة وتنازع صلاحيات بين الرئاسات الثلاث بتونس

«الفيروس» يفجر أزمة ثقة وتنازع صلاحيات بين الرئاسات الثلاث بتونس

الجيش التونسي في الشوارع لفرض حظر التجوال (رويترز)

ثار جدل كبير في الأوساط السياسية التونسية عقب طلب رئيس الحكومة منحه مزيداً من الصلاحيات للتعامل مع أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، مع قرب انعقاد جلسة نواب الشعب غداً الخميس.

وطلب رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ من المجلس منحه تفويضاً لإصدار مراسيم وقرارات دون الرجوع إلى المجلس بسبب الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد مع تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا، وفرض الحجر المنزلي العام وحظر التجوال.

الفخفاخ استند في طلبه على الفصل 70 من الدستور التونسي الذي ينص في الفقرة الثانية منه على أنه «يمكن لمجلس نواب الشعب بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوّض بقانون لمدة محدودة لا تتجاوز الشهرين ولغرض معين إلى رئيس الحكومة إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تُعرَض حال انقضاء المدة المذكورة على مصادقة المجلس».

وأثار طلب الفخفاخ الكثير من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض، وخاصة بين أعضاء مجلس نواب الشعب والنخبة الأكاديمية والثقافية والسياسية، وطالب عدد من الأكاديميين بتفعيل الفقرة الثانية من الفصل 70 من الدستور، حتى تتمكن الحكومة من تفعيل الإجراءات العاجلة ذلك أن حزمة الإجراءات التي أعلنها رئيس الحكومة مساء السبت الماضي مثل المساعدات المالية للفقراء، ودعم المؤسسات الصغرى لا يمكن أن يتم تطبيقها دون موافقة مجلس نواب الشعب التي تتطلب نحو شهرين.

وفي هذا السياق، قال الدكتور عبدالجليل بوقرة أستاذ التاريخ المعاصر لـ«الرؤية» إن المجلس عليه أن يمنح التفويض بخمس أعضائه الـ217، لرئيس الحكومة، لأن الوضع لا يحتمل التأخير، مشدداً على أنه لا وقت لما وصفه «بالعبث والثرثرة والمزايدات».

في السياق نفسه، طالبت الأستاذ في جامعة سوسة المتخصصة في الحضارة العربية سلوى بالحاج صالح بالتفعيل الفوري للفصل 70، وساند حزب «تحيا تونس» الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد تفعيل الفقرة الثانية من الدستور في بيان أصدره مساء الثلاثاء، أما الحزب الدستوري الحر المعارض فقد اعتبر أن التفويض لا يمكن أن يكون عاماً، وفي المطلق، ولابد من اتفاق محدد حول نقاط بعينها يمكن أن يصدر فيها رئيس الحكومة قرارات.

أما النائب عن حزب «تحيا تونس» هشام بن أحمد، فقد اقترح عقد جلسات افتراضية لمجلس نواب الشعب من خلال التواصل عبر «سكايب» و«واتساب» لمناقشة قرارات الحكومة، ورفض النائب المستقيل من حزب وكتلة «قلب تونس» عماد أولاد جبريل في تصريح لـ«الرؤية» التفويض لرئيس الحكومة قائلا: «لا نعلم ماذا سيفعل رئيس الحكومة بهذا التفويض، ما الضامن أن يستعمل هذا التفويض في مجالات أخرى مثل بيع المؤسسات العمومية أو الحصول على قروض جديدة دون الرجوع للمجلس صاحب السلطة الأصلية؟».

وحسب المعلومات الأولية التي حصلت عليها «الرؤية» من كواليس مجلس النواب، فإن النية تتجه لعدم منح التفويض، وأن حركة النهضة ورئيسها رئيس المجلس راشد الغنوشي، الذي يرأس البرلمان، أول من يرفض هذا، لأن منح التفويض لرئيس الحكومة سيفقده أي سلطة، وكذلك أعضاء مجلس نواب الشعب.

وتمثل هذه التجاذبات بين رئيس الحكومة ومجلس نواب الشعب جزءاً من معركة تنازع الصلاحيات التي تعيشها تونس بين الرؤساء الثلاثة الغنوشي والفخفاخ ورئيس البلاد قيس سعيد، وهي معركة مفتوحة يتابعها منذ أسابيع الشارع التونسي بكثير من الاستغراب والاستياء.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد فعل الفصل الثمانين من الدستور الذي أعلن بمقتضاه يوم 15 مارس الجاري عن حظر التجوال دون العودة إلى مجلس نواب الشعب ودون التوجه ببيان للمواطنين.

في مخالفة للدستور الذي ينص على: «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب».

وقد اعتبر القاضي السابق في المحكمة الإدارية التي تعتبر بمثابة المحكمة الدستورية، أحمد صواب أن تفعيل الرئيس للفصل الثمانين دون الالتزام بترتيباته هو خرق للدستور، ويندرج ضمن معركة تنازع الصلاحيات بين الرؤساء الثلاثة.