الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

فيروس كورونا.. اختبار أظهر فشل كثير من قادة العالم

فيروس كورونا.. اختبار أظهر فشل كثير من قادة العالم

الوباء كشف نقاط ضعف الكثير من قيادات العالم. (أ ف ب)

لا يزال من السابق لأوانه محاسبة الدول على مجمل ردود فعلها في مواجهة جائحة كورونا، إذ إنه من المحتمل أن يستغرق قياس دورة حياة هذا الفيروس سنوات.

ومع ذلك، من الواضح بالفعل أنه كان هناك تباين في تصرف وسرعة استجابة قادة العالم في مواجهة الجائحة.

في هذا السياق، كتب مارك شامبيون، أحد كبار كتاب وكالة «بلومبرغ» للأنباء في تحليل، أنه إذا كان ثمة قائد يعاني من ضعف سياسي، فإن فيروس كورونا قادر على كشفه.

ففي الصين، كشف الفيروس عن حالة إدمان للسرية تنطوي على أضرار، شارك فيها المسؤولون المحليون ورئيس البلاد شي جين بينغ، على السواء.

كما أن الأسلوب المتبجح لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في التعامل مع الفيروس كلفه إضاعة الوقت، بل كاد أن يكلفه حياته.

وفي الولايات المتحدة، يبدو أن أسلوب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفوضوي في الإدارة وتسييس تفشي الفيروس قد عرقل القيام برد فعل فيدرالي منسق.

وليس من الواضح بعد ما إذا كان الناخبون سيعتبرون الفوضى الناجمة عن تصرفات ترامب فشلاً منه عندما يقررون ما إذا كانوا سيعيدون انتخابه في 3 نوفمبر المقبل.

واعتماداً على سيناريوهات متفائلة بالنسبة للتعافي، تتوقع تقديرات «بلومبرغ» الاقتصادية أن جائحة كورونا ستكلف الاقتصاد العالمي 6 تريليونات دولار.

وقد تم تغطية الكثير من التأثير السياسي الناجم عن الأخطاء حتى اليوم باستخدام أسلوب «الاحتشاد الوطني»، الذي وفر الحماية للقادة ضد الانتقادات، مع وجود استثناءات قليلة، كما شهد ارتفاع شعبيتهم، وهو نمط مألوف في أوقات الحروب.

لكن بدأ أفول هذا الأسلوب، وأصبح يتم توجيه الانتقادات للقادة علانية. وعلى سبيل المثال، وجه كير ستارمر، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، انتقادات لاذعة مؤخراً لجونسون أمام البرلمان، اتهمه فيها بالتقصير.

والفرق واضح بين جهود جونسون الأولى في مواجهة الفيروس وجهود ألمانيا، بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل. فقد تم اكتشاف الفيروس في الدولتين في نهاية يناير، لكن بحلول مارس، وهو الوقت الذي كان لا يزال جونسون يستعرض فيه المصافحة وسط الجموع، كانت ألمانيا تعلن عن طوارئ بالنسبة للأجهزة الوقائية وتقوم بتطوير اختبارات من أجل الإنتاج على نطاق واسع. وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد حالات الوفاة بسبب كورونا في المملكة المتحدة 4 أمثال العدد في ألمانيا.

وكشف رد فعل الصين نقطتي ضعف رئيسيتين لدى الرئيس شي ونظام الحزب الواحد الذي يتزعمه، وذلك وفقاً لويلى لام، الأستاذ المساعد بمركز الدراسات الصينية في جامعة هونغ كونغ.

نقطة الضعف الأولى هي الافتقار إلى الشفافية، بداية من المسؤولين الأدنى، الذين اتسموا بالتردد في نقل أنباء سيئة للقيادات العليا، خوفاً من فقدانهم وظائفهم، إلى شي وغيره من قادة الحزب الذين أصروا على إعلان النجاحات فقط.

كذلك فإن التأخيرات التي سببها هذا الأمر بالنسبة للتعامل مع المرض قبل إمكانية انتشاره في الخارج كلفت الرئيس شي كثيراً فيما يتعلق بالقوة الناعمة الدولية، حسبما يرى لام. وتعني قبضة شي الحديدية على المؤسسات في الصين «أنه مازال يتمتع بنفوذ واسع، كما كان دائماً».

ونقطة الضعف الثانية التي كشفتها الأزمة، هي أن اعتماد الحزب الشيوعي الصيني على النمو الاقتصادي السريع من أجل الحفاظ على شرعيته يمكن أن يكون ضاراً، لأن أي كساد عالمي يؤدي إلى استحالة تحقيق رخاء كبير.

وبالنسبة للهند، ما زال رئيس الوزراء ناريندرا مودي يتمتع بتأييد شعبي قوي، رغم أن الصعاب الاقتصادية نتيجة الإغلاق الذي دام 50 يوماً بدأت تؤثر على الأوضاع في البلاد. ومع ذلك، يعاني مودي من انتقادات لتأخر حكومته في اتخاذ إجراءات مبكرة.

وفي البرازيل، يبدو الرئيس جاير بولسونارو، الذي يواصل إنكاره لخطورة الفيروس، أكثر عرضة للخطر. فقد أقال وزير صحة واستقال وزير صحة ثان في خضم الأزمة، كما اشتبك مع حكام الأقاليم بشأن قيود الإغلاق، مما أظهر تماماً افتقاره لتجربة الإدارة.

وتعتبر القيادة مجرد عامل قد يفسر الاختلافات الكبيرة في تأثير فيروس كورونا في مختلف الدول.

ومن العوامل الأكثر أهمية: ما إذا كان للدول تجربة حديثة مع وباء مماثل، وهو سبب وراء ميل الدول في آسيا وأستراليا إلى أن تكون أكثر رسوخاً في ردود فعلها.

وتشمل العوامل الأخرى التركيبة العمرية للسكان، والكثافة السكانية، وقدرة النظام الصحي والثقافة.

وعلى أي حال، تعتبر القيادة ذات تأثير. ففي روسيا تعرضت سمعة الرئيس فلاديمير بوتين بالنسبة لإدارة الأزمات لهزات، ليس بالضرورة بسبب معدلات الإصابة أو الوفاة نتيجة فيروس كورونا.

فالغضب يتزايد بسبب الأضرار التي لحقت بالاقتصاد، والذي يتوقع أن يسجل انكماشاً بنسبة 5.5 % هذا العام، في الوقت الذي تعاني فيه خزانة الحكومة بالفعل بسبب ضعف الإيرادات من البترول، والعقوبات المفروضة على روسيا منذ ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في عام 2014. كما أن بوتين ليس قادراً، أو غير مستعد، لصرف أموال كافية لمواجهة الوضع السيئ.

وفي فرنسا، كما هو الحال في بعض الدول الأخرى، ربما يكون من الصعب الفصل بين أخطاء القيادة وأخطاء الدولة. ويقول فرانسوا هيسبورغ، وهو مسؤول فرنسي سابق بوزارتي الخارجية والدفاع، إن فرنسا قامت، بناء على توصية من لجنة كان عضواً فيها لوضع الاستعدادات للأوبئة عقب وباء سارس، الذي هدد أوروبا عام 2003، بتخزين 1.52 مليار كمامة، ضمن إجراءات أخرى، لكنها لم تحافظ على المخزون الذي كان يتناقص عبر السنين.

وبدلاً من الاعتراف بالخطأ عندما هجم فيروس كورونا هذا العام، قضت الحكومة الفرنسية أسابيع تجادل بأن الكمامات الضرورية في المعركة ضد الفيروس في آسيا ليست ذات نفع كبير.