الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«كورونا» يضع الصحة النفسية للطواقم الطبية الأوروبية على المحك

«كورونا» يضع الصحة النفسية للطواقم الطبية الأوروبية على المحك

ضغوط نفسية يومية تعايشها الطواقم الطبية. (رويترز)

أصبح العاملون في المجال الطبي رمزاً لمكافحة الوباء، لكن التوتر والقلق الناجمين عن التعامل مع العدد الكبير من المصابين والمتوفين أصبحا شائعين بين هؤلاء «الجنود»، لذلك، تعمل هيئات مهنية في البلدان الأكثر تضرراً في أوروبا على تأمين الدعم النفسي لهم خصوصاً، إذا ما ضربت موجة ثانية من فيروس كورونا المستجد.

أصيب ستيف وهو ممرض بريطاني في شمال شرق إنجلترا بمرض «كوفيد-19» قبل شهرين. واليوم، يتحدث بعد شفائه عن القلق الذي ينتابه من أن يصاب أطفاله بالمرض.

ويقول ستيف: «لدى عودتي من العمل، لم أكن أستطيع النوم جيداً، كنت أقلق من خطر نقلي الفيروس إلى المنزل وأن أصاب مجدداً به».

ويضيف «لم أكن لأتصور يوماً بأني سأضطر للعمل في الصفوف الأولى خلال فترة وباء. كنت أود لو أن ذلك مجرد حلم سينتهي عندما أستيقظ ويعود العالم كما كان قبلاً».

ويوضح كزافييه نويل، خبير الصحة الذهنية في جامعة بروكسل الحرة، أن «لدينا هنا كل المكونات اللازمة لخطر اضطرابات ما بعد الصدمة».

ويضيف أن الأشخاص الذين يدخلون وحدة العناية المركزة «واجهوا نسبة وفيات وطريقة في الموت غير اعتيادية البتة، في إطار مجرد من الإنسانية، ومن دون العائلات لمواساتهم، خلال مرحلة اتخاذ القرار».

وتبكي أوروبا ما يقرب من 175 ألفاً من سكانها أودى بحياتهم وباء «كوفيد-19» الذي أصاب أكثر من 2 مليون شخص في القارة. ويدفع المعالجون الذين يقودون المعركة لإنقاذ الأرواح فاتورة باهظة.

وتظهر دراسة أجريت مطلع الشهر الجاري على 3300 معالج في مناطق بلجيكا الناطقة بالهولندية أن 15 % من المستطلعة آراؤهم يفكرون في «ترك المهنة» في مقابل 6 % في الأوقات العادية.

وتبين دراسة أخرى عدم زيادة استهلاك الكحول خلال فترة الحجر لدى السكان، باستثناء أفراد الطواقم العلاجية.

وفي فرنسا، توضح جمعية متخصصة في دعم أفراد الطواقم الصحية أنها تتلقى يومياً أكثر من 70 اتصالاً بعضها من أشخاص يواجهون «خطراً داهماً بالإقدام على الانتحار».

وفي إسبانيا، ثبتت إصابة أكثر من 50 ألف معالج بـ«كوفيد-19»، أي 22 % من الحالات المسجلة في البلاد بحسب وزارة الصحة.

وينتشر القلق على نطاق واسع لدى الطواقم العلاجية، بحسب دراسة لجامعة مدريد، خلصت إلى أن أكثر من النصف (51 %) من المعالجين الـ1200 الذين شملهم الاستبيان يظهرون «أعراض اكتئاب». كما كانت لدى 53 % من هؤلاء مؤشرات «تتناسب مع تلك العائدة لاضطرابات ما بعد الصدمة».

وأشار معدا الدراسة لورديس لوتشينو مورينو وخيسوس مارتن غارسيا إلى أن «تدخلاً نفسياً طارئاً ضرورياً لهذه المجموعة إذا ما باتت الموجة الثانية التي يُخشى منها كثيراً أمراً واقعاً»، مضيفين: «سنرى أخصائيين منهارين عاطفياً ونظاماً صحياً غير قادر على الاستجابة».

وتبين لجامعة القلب الأقدس الكاثوليكية في ميلانو أن 7 أخصائيين صحيين من كل 10 في المناطق الإيطالية الأكثر تضرراً يعانون الإرهاق، و9 من كل 10 يعانون الضغط النفسي.

وتحدث كثيرون عن عصبية زائدة واضطرابات في النوم وكوابيس ليلية إضافة إلى نوبات بكاء.

وبحسب الباحثة سيرينا باريلو، فإن الضغط المهني الاعتيادي ازداد بفعل ضغط العمل المتنامي، «ما يهدد بشدة صحتهم لا الجسدية فحسب بل أيضاً العاطفية والنفسية».

وفي بريطانيا، ثاني أكثر بلدان العالم تضرراً بالوباء لناحية عدد الوفيات بعد الولايات المتحدة، توضح جمعية «لورا هايد» الوحيدة التي تقدم دعماً نفسياً للطواقم العلاجية، أنها تتلقى سيلاً من الاتصالات.

وتقول جنيفر هوكينز، أحد المسؤولين في المؤسسة، التي أنشئت تكريماً لذكرى ممرضة انتحرت عام 2016: «جميع أفراد الطواقم الطبية في كل مكان تأثروا حقاً بفيض الحب الذي تلقوه من العامة. غير أن صفة الأبطال التي أطلقت عليهم قد تزيد أحياناً الضغوط عليهم».