الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

هل يمكن القضاء على فيروس كورونا بدون التوصل إلى لقاح أو علاج؟ التاريخ يجيب

هل يمكن القضاء على فيروس كورونا بدون التوصل إلى لقاح أو علاج؟ التاريخ يجيب

منذ اندلاع أزمة الفيروس التاجي المستجد المسبب لمرض «كوفيد-19»، والعلماء حول العالم يعملون من أجل تطوير لقاح أو علاج فعال ليقضي على الوباء العالمي.

وحتى اللحظة لم يتم التوصل إلى علاج أو لقاح فعال 100% على الرغم من الأدوية المرشحة والتجارب الجارية.

ولكن ماذا سيحدث إذا لم يتم التوصل للقاح، وهل هناك طريقة أخرى للقضاء على الفيروس؟

بحسب صحيفة التلغراف البريطانية هناك العديد من الفاشيات المدمرة التي تم القضاء عليها بدون الوصول إلى لقاح أو علاج خلال القرن الحالي، ومع بدء إعادة الحياة الطبيعية وتخفيف عمليات الإغلاق هناك العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطة الحالية التي يلعبها العالم للقضاء على الوباء.

ومن ناحيته يرى ديفيد هيمان أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي أنه لا يوجد سبب لوجود موجة ثانية من الفيروس.

وعمل البروفيسور هايمان لمدة عقدين في منظمة الصحة العالمية، وترأس الاستجابة العالمية خلال فترة انتشار فيروس سارس الذي ينحدر من نفس سلالة فيروس كورونا، والذي ظهر عام أواخر 2002 في الصين أيضاً.

ويقول هاتمان إنه عند انتشار الفيروس كانت التوقعات في البداية قاتمة إذ إنه كان ينتشر بسهولة بين التجمعات، وكانت نسبة الوفيات التي تسبب بها فيروس سارس أعلى من فيروس كورونا الحالي بالنسبة المئوية، حيث قتل السارس شخصاً من كل 10 أشخاص أصيبوا به.

وعلى الرغم من ذلك تلاشى المرض بعد 6 أشهر من ظهوره، وتم إجراء العديد من التقييمات في يوليو 2003 للتأكد من انتهائه.

وكان للعالم أيضاً تجربة أخرى في هذا القرن مع الفيروسات التي تلاشت بدون لقاح وهو فيروس ميرس المميت والذي انتشر في المملكة العربية السعودية في عام 2012، والذي كانت نسبة وفياته أيضاً أعلى من الفيروس الحالي.

وبحسب التجارب التي مرت عبر التاريخ هناك 3 مصائر محصورة للفيروسات التي تنتقل من الحيوانات للبشر، والتي تتمثل بالطريق المسدود كالإصابة بداء الكلب الذي يؤدي للوفاة إلا أنه لا ينتقل من شخص لآخر.

والمصير الثاني هو الفيروسات التي تنتقل بين البشر كالإيبولا وغيرها والتي تنتهي بوجود لقاح أو دواء أو بحصر الإصابات وعزلها لحين كبح انتقال العدوى وعزل الفيروس.

والمصير الثالث هو الفيروسات التي لا يمكن القضاء عليها والتي تصبح دائمة كفيروس نقص المناعة البشرية الإيدز.

ويقول البروفيسور هايمان إنه حتى اللحظة من غير الواضح ما إذا كان فيروس كورونا سيصبح مستوطناً بين البشر أو يمكن أن يتحور ويصبح أكثر أو أقل ضرراً أو أكثر قابلية للانتقال أو حتى ما إذا كان سيختفي.

وأشار إلى أنه عندما اختفى السارس بعد 6 أشهر من ظهوره لم يحدث هذا الاختفاء بدون أسباب، بل كان نتيجة الاستجابة العالمية، وحظر السفر من الأماكن الموبوءة، والتتبع والتعاون الدائم عبر الحدود بين الباحثين.

وأكد البروفيسور أنه ليس من المستبعد أن يتكرر هذا السيناريو مع فيروس كورونا المستجد في حال تكثيف الاستجابة العالمية على المستوى الفني والعلمي والتعاون الدولي بين الدول بعيداً عن الاتهامات الجيوسياسية.

كما أن هناك عاملاً آخر يدعم نظرية تلاشي فيروس كورونا ببساطة، إذ إن العديد من الفيروسات تصبح أقل ضراوة بمرور الوقت في عملية تعرف باسم «التوهين».

وتحدث هذه العملية لفيروسات الأنفلونزا وفيروس الجدري وفيروسات أخرى، ويقول هايمان إنه في كثير من الأحيان تصبح الفيروسات في نهاية المطاف أقل خطورة من خلال المرور عبر البشر.

وأكد فريق مبادرة في جامعة كامبريدج يقوم بتتبع طفرات الفيروس الجينية على مستوى العالم أنها طفرات بسيطة جداً، ولكن بعضها يعمل على تطوير سلالات مختلفة من الفيروس قد تكون أكثر أو أقل خطورة من الفيروس الأصلي.

وفي هذا الوباء كان هناك تفاوت كبير بين أعداد الإصابات والضحايا بين مختلف البلدان، إلا أن الدول الآسيوية كانت الأقل ضرراً مقارنة بأوروبا والأمريكيتين.

ويرى البروفيسور هيمان أن السبب هو أن البلدان الآسيوية تعلمت من تجاربها السابقة مع فيروس سارس وميرس.

وفي هذا الوباء بدؤوا على الفور بتتبع الاتصال بين المخالطين والعزل والسيطرة على تفشي المرض، وهم يستخدمون هذه التكتيكات الآن بدلاً من اللجوء للإغلاق العام وهو نهج مختلف تماماً يعتمد على علم الأوبئة.

وأكد البروفيسور أن هذا النهج هو الأساسي في عملية السيطرة على الوباء وكبح الانتقال.

وعلى الرغم من أن كندا كانت من الدول التي عانت بشدة من وباء السارس والذي قتل فيها ما يقارب 43 شخصاً إلا أنها لم تتبع نهج الدول الآسيوية، وتعاني يومياً من نحو 800 إصابة جديدة بالفيروس التاجي، ووفقاً لمجلة ذا لانسيت الطبية أدخلت كندا العديد من التحسينات على نظامها الصحي بعد 2003، إلا أنها لم تعطِ اهتماماً لتحسين نظام مراقبة الوباء.

ولهذا السبب فإن الوباء الحالي أظهر العالم في فئتين وعزز من نظريات المؤامرة، وهم الفئة التي استفادت من دروس الأوبئة السابقة، والدول التي لم تتعرض للفيروسات التاجية من قبل وبالتالي كانت تفتقر لخبرة التعامل معها.

ومن وجهة نظر البروفيسور هيمان أن هذا النهج هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع الوباء، وأكد أن وباء السارس لم ينتهِ بمجرد معجزة ولو بلقاح أو علاج، إنما بسبب تتبع البلدان المتضررة لاستراتيجية ناجحة اعتمدت على التتبع والعزل والتأكد من أن المصابين كانوا معزولين بشكل تام ذاتياً والمصابون كذلك لضمان عدم انتشار العدوة، والتي تغني عن الإغلاق الكامل.

وهذا النهج أثبت نجاحاً في ظل الوباء الحالي في دول أوروبية كألمانيا وسويسرا، إلا أن آسيا طبقته منذ البداية.

وتظهر نتائج هذه الاستراتيجية بشكل فعل بعد نحو 40 يوماً من انتشار الأوبئة، وهذا ما حدث في ألمانيا التي كانت تعاني من ارتفاع معدل الإصابات بشكل مرتفع إلا أنها انخفضت بشكل كبير في وقت لاحق.