الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والسعودية نموذج لتحالف الرخاء

تجسد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات نموذجاً استثنائياً في إدارة العلاقات الخليجية والعربية استناداً إلى وحدة الرؤى والمصالح المشتركة لتحقيق التكامل ليس فقط على الصعيد السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي، وإنما أيضاً على الصعيد البشري والمعرفي.

وتمثل العلاقات الاقتصادية بين السعودية والإمارات قاطرة لنمو الاقتصاد الخليجي تضعه في المكانة اللائقة به على خريطة الاقتصاد العالمي، وتقيه مخاطر الأزمات العالمية، وتضمن له القدرة على منافسة التكتلات الاقتصادية الإقليمية.

ولعل أهم ما يميز العلاقات الاقتصادية بين البلدين هو تشعبها وتنوعها وتداخلها على نحو يصعب معه الفصل بينها، فعلى سبيل المثال يملك البلدان رؤية مشتركة لتحقيق الأمن الغذائي، واتفقا على تأسيس شركة للاستثمار الزراعي بقيمة 5 مليارات دولار، وهذا المشروع واحد من 44 مشروعاً استراتيجياً اتفق البلدان على تنفيذها خلال 60 شهراً فقط لتحقق نقلة نوعية في العلاقات بينهما.


وتغطي هذه المشاريع طيفاً واسعاً من المجالات بدءاً من تأسيس مجلس لتنسيق الاستثمارات الخارجية للبلدين ووضع استراتيجية مشتركة للمخزونات الطبية، ومروراً بتنفيذ استثمارات مشتركة في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة المتجددة ومركز لتقنيات تحلية المياه، وانتهاء بمشاريع الربط الكهربائي وتأسيس قاعدة بيانات صناعية موحدة وإنشاء صندوق استثمارات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في البلدين.


الثقل الخليجي

ترتقي العلاقات بين السعودية والإمارات، صاحبتا أقوى اقتصادين عربيين، إلى مرتبة التحالف الاقتصادي، وهو تحالف ليس وليد صدفة أو مصلحة طارئة أو استجابة لتحديات عارضة، وإنما تفرضه وحدة العرق والمصير والتاريخ والدين والعادات والحدود المشتركة.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن إجمالي الناتج المحلي الخليجي يمثل نحو 60% من إجمالي الناتج المحلي للعالم العربي، فيما يمثل إجمالي الناتج المحلي للسعودية والإمارات نحو 66% من إجمالي الناتج المحلي الخليجي.

ويقدر إجمالي الناتج المحلي للبلدين بنحو تريليون دولار، وتحتل صادرات البلدين معاً المرتبة الرابعة عالمياً بنحو 750 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة المشاريع المنفذة في مجال البنية التحتية في البلدين نحو 150مليار دولار.

ويستمد الجانب الأكبر من ثقل الكتلة الخليجية للاقتصاد العالمي من قوة الاقتصادين السعودي والإماراتي، حيث بلغ الناتج المحلي السعودي العام الماضي نحو 708 مليارات دولار بنسبة 46 % من إجمالي الناتج المحلي الخليجي، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 837 مليار دولار بحلول 2022.

وفي المقابل بلغ إجمالي الناتج المحلي الإماراتي نحو 407 مليارات دولار بنسبة 26 % من إجمالي الناتج المحلي الخليجي في العام ذاته، ومن المتوقع أن يرتفع إلى541 مليار دولار بحلول 2022.

يمثل إجمالي الناتج المحلي للبلدين نحو 72% من إجمالي الناتج المحلي الخليجي، بينما تستحوذ بقية دول مجلس التعاون الخليجي الأربع الأخرى على نسبة الـ28% الباقية.

وتشير التقديرات إلى أن زيادة إجمالي الناتج المحلي في البلدين بنسبة 10% فقط يمكن أن تؤدي إلى رفع إجمالي الناتج الخليجي إلى 1.5 تريليون دولار، وبالنظر إلى حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي تجاوز 80 مليار درهم، لا تبدو هذه الزيادة صعبة التحقيق.

اقتصاد عملاق

تحل السعودية في المرتبة الـ17 في قائمة أقوى الاقتصادات العالمية، وهي الدولة العربية الوحيدة العضو في مجموعة العشرين التي تستحوذ على أكثر من 85 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

وتملك السعودية أكبر اقتصاد عربي، ويزيد إجمالي ناتجها المحلي على إجمالي الناتج المحلي للكثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وتستحوذ السعودية على أكبر احتياطات بترولية في العالم وهي المصدر الأكبر للنفط في العالم، كما أنها تملك عمقاً سكانياً هو الأكبر في منطقة الخليج، ويقدر بنحو 29 مليون نسمة.

وفي المقابل تملك الإمارات الاقتصاد الأكثر تنوعاً في العالم العربي والشرق الأوسط والأكثر اندماجاً في الاقتصاد العالمي، وتحل في المرتبة الـ30 في قائمة أكبر الاقتصادات العالمية، وتتمتع بأكبر قدر من الاستقرار الاقتصادي بفضل تقليص اعتمادها على النفط.

وتعد البيئة الاستثمارية في الإمارات الأكثر جاذبية في الشرق الأوسط، وتعكس تقارير التنافسية الدولية المتعاقبة التقدم المتواصل الذي تحرزه الإمارات على مختلف المؤشرات الرئيسة والفرعية.

وتملك الصناديق السيادية للإمارات نحو 975 مليار دولار وتحتل المرتبة الـ15 عالمياً، بحسب تصنيف المعهد الدولي للصناديق السيادية.

وتفرض الإمكانات الضخمة التي تملكها الدولتان التكامل الاقتصادي بينهما لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لهما. وبنهاية عام 2018 تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو88 مليار درهم، ما يجعل السعودية أكبر شريك تجاري للإمارات في المنطقة.

ويتجاوز حجم الاستثمارات السعودية في الإمارات نحو 35 مليار درهم بنسبة 4% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات، وهناك نحو 2300 شركة سعودية تعمل في الإمارات ونحو 206 مشاريع لمستثمرين سعوديين في الإمارات.

وفي المقابل هناك نحو 114 مشروعاً إماراتياً في السعودية، وتقدر قيمة الاستثمارات الإماراتية في السعودية بنحو 15 مليار درهم بنسبة 8% من إجمالي الاستثمار المباشر في المملكة.

وتستطيع الإمارات كمركز تجاري عالمي أن تفتح آفاقاً أرحب للاقتصاد السعودي للاندماج في الاقتصاد العالمي والتوسع في تصدير المنتجات والسلع غير النفطية.

وتشير التجربة العالمية إلى أن كل الشركات العالمية التي بدأت أعمالها في الإمارات للاستفادة من المناخ الاستثماري سرعان ما توسعت في الدول المجاورة وبصفة خاصة السعودية للاستفادة من ضخامة حجم السوق.

وتملك الشركات الإماراتية خبرة طويلة يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة ولاسيما في قطاعات حيوية مثل النظام المصرفي والقطاع العقاري والسياحة، وبناء وتطوير الموانئ والمطارات، وتطوير التشريعات الاقتصادية الجاذبة للاستثمار الأجنبي، وتحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات ذكية عبر المنصات الإلكترونية.

ويعد مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية الذي طورته شركة إعمار في موقع استراتيجي متميز نموذجاً للدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات الإماراتية في إطلاق الطاقات الكامنة الهائلة التي يملكها الاقتصاد السعودي.

مدينة الملك عبدالله نموذج للتعاون المثمر

أصبحت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي تكلفت 100 مليار ريال سعودي محركاً رئيساً لعجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي في السعودية خلال الأعوام القليلة الماضية.وأسهم المشروع الممتد على مساحة 168 مليون متر مربع، على ساحل البحر الأحمر، في إنعاش الاقتصاد السعودي عبر عناصره المتنوعة التي تتضمن ميناء ومنطقة صناعية ومشاريع سكنية.