الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

خبراء: قرار المصالحة الخليجية أكبر من حكام قطر

خبراء: قرار المصالحة الخليجية أكبر من حكام قطر
استبعد خبراء ومتخصصون في الشأن الخليجي والعربي حدوث مصالحة بين دول التحالف العربي بقيادة السعودية مع قطر، خلال المرحلة الحالية، كون قطر أدخلت نفسها في زاوية ضيقة مع قوى إقليمية أخرى تقوض قدرتها على اتخاذ قرار المصالحة، ولم تكن خطواتها المحدودة على طريق حل الأزمة رغبة في ردم هوة الخلاف بقدر ما كانت محاولة لتفتيت وحدة الرباعي العربي لمكافحة الإرهاب.

وكثفت قناة الجزيرة، البوق الإعلامي لقطر، هجومها على السياسات السعودية خلال الأيام القليلة الماضية، فيما قد يشير إلى تعثر جهود المصالحة أو محاولة ابتزاز قطرية جديدة.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور معتز عبدالفتاح، إنه من الواضح أن الفجوة تزداد اتساعاً بين المملكة العربية السعودية وقطر التي اختارت طريق العداء مع محيطها العربي، وتغليب مصالح الفئات والتنظيمات المارقة على حساب المصالح الوطنية للدول العربية.


وأضاف لـ«الرؤية» أن النظام القطري نظام إخواني، حيث إن هجرة الكثير من قيادات الإخوان إلى قطر في الخمسينات والستينات جعلت التعليم الديني الإخواني يتغلغل في المناهج والمقررات القطرية، يضاف إلى ذلك أن الكثير من الإخوان الذين هاجروا في هذين العقدين تغلغلوا في المجتمع القطري، وأصبحوا جزءاً فاعلاً فيه، ما أدى في النهاية لأن تنظر قطر إلى العالم بمنظور إخواني بحكم النشأة والتربية.


وتابع أن النخبة القطرية تخشى أن تبدو في عيون العالم تابعة للسعودية كدولة لها تأثير كبير في المنطقة، وتحاول من خلال بناء علاقات طيبة مع دول غير عربية مثل إسرائيل، وإيران، وتركيا، أن تجعل لنفسها وضعاً مميزاً عند الفاعلين في النظام العالمي، كالولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، والاتحاد الأوروبي.

وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قال في كلمة له أمام لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، الثلاثاء الماضي، «نتمنى أن تغير قطر سلوكها ودعمها للإرهاب»، ما أشار إلى أن الدوحة لم تتخذ خطوات حقيقية على طريق المصالحة مع دول التحالف العربي التي قاطعتها منذ منتصف عام 2017 بسبب سياسات التحريض ودعم الإرهاب القطرية.

امتصاص الضغوط

ويقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق محمد مرسي، وهو آخر سفير لمصر في قطر قبل المقاطعة العربية للدوحة، إن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن مصالحة بين دول التحالف العربي، وقطر، حيث إن الدول الأربع حددت بوضوح ظروفاً وشروطاً، لا بد من التزام قطر بها لتحقيق المصالحة، وأبرزها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأربع، والتوقف عن دعم الجماعات المتطرفة والإرهابية، وقطر لم تتجاوب مع أي منها، وبالتالي أستبعد أن تتم أي مصالحة دون توافر هذه الظروف.

وأوضح أن مساعي قطر الضعيفة للمصالحة في الفترة الماضية كانت لأسباب ضاغطة، ولم تقدم عليها من تلقاء نفسها، وإنما لأنها تتعرض لوساطات وضغوط من الولايات المتحدة ووسطاء آخرين لتحسين علاقاتها بدول الرباعي العربي السعودية والإمارات والبحرين ومصر في ظل التهديد الإيراني للمنطقة.

ومن جانبه، قال رئيس المركز العربي للبحوث والدراسات السياسية، الدكتور هاني سليمان إن قطر لم تبدِ حسن النوايا فيما يتعلق بفتح باب للتقارب، لأن تصرفات قطر فيما يتعلق بإيران، وفيما يتعلق بالملف الليبي وتصعيد الأمر في ليبيا وغيرها من هذه الملفات كان لها عظيم الأثر، وأظهرت أنها لا تريد على المدى القصير أن تبعث برسائل إيجابية تساعد على احتواء الموقف، فكانت تصرفاتها لا تتسق مع الخطاب السياسي، ولم تكن هناك نية صادقة أو تصرفات تتفق مع الحديث القطري، فلم يحدث أي تغيير في سياسة قطر على الأرض يمكن أن يمهد لفتح مجال لإتمام مثل هذه المصالحة.

وكشفت تقارير الشهر الماضي عن زيارة سرية قام بها إلى السعودية وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والذي أكد لاحقاً أن بلاده تجري محادثات مع الرياض بشأن الأزمة الخليجية.

وقال «انتقلنا من طريق مسدود في الأزمة الخليجية إلى الحديث عن رؤية مستقبلية بشأن العلاقة مع السعودية».

وحذر مراقبون من أن قطر حاولت خلال تلك المحادثات دق إسفين بين السعودية ودول التحالف الرباعي.

ابتزاز إعلامي

لكن سليمان يقول إن السعودية ذاتها لم تجد جدية من الجانب القطري بشأن المصالحة، وبالتالي لم يكن هذا التصالح أو التقارب محل قبول، ووفقاً لتصرفات قطر وسلوكها الذي لم يتغير كثيراً، لم تجد السعودية حماساً لإتمام هذه المصالحة، خاصة في ظل وجود أزمات في المنطقة واستهداف منشآت شركة أرامكو، في هجوم اتجهت أصابع الاتهام فيه إلى إيران.

وأوضح سليمان أنه في ظل الحديث عن المصالحة هدأت نوعاً ما الحملات الدعائية للجزيرة، إلا أنها سرعان ما عادت مرة أخرى سيرتها الأولى فيما قد يكون محاولة ابتزاز للسعودية.

وهاجمت تقارير للجزيرة دور تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية في اليمن، كما تبنت مواقف إيران التي سارع أمير قطر تميم بن حمد إلى زيارتها بعيد اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في ضربة أمريكية بالعراق مطلع يناير الجاري.

وقال سليمان إن « قيام الجزيرة بالدفاع عن بعض الجماعات الإسلامية، وبعض المصالح، أصبح معتاداً ومفهوماً، لكن أن تقف بجوار إيران، وتستدعي إيران كعنصر ضاغط في الإقليم في ظل تهديد إيران بشكل كبير ومستفز للملكة العربية السعودية وأمنها القومي، فهذا يعد تهديداً لدول الخليج كلها، وكان من المفترض أن تتبنى الجزيرة أو قطر سياسة متوازنة إلى حد ما، لكن هذا لم يحدث، ولهذه الأسباب لم تكتمل الأمور بشكل كبير».

وأوضح أن دعم الجزيرة للجماعات الإسلامية، والموقف في ليبيا، والإخوان، والموقف الإيراني، كان مثاراً للتساؤلات، حيث تصور إيران على أنها هي الدولة الوحيدة التي تلتزم بالصمود والكفاح، وغيرها من مثل هذه الشعارات التي تناقض الحقيقة، وتحاول استجداء تركيا وإيران، باعتبارهما الدولتين المساندتين لقطر في أزمتها.

وتابع أن هناك تناقضاً ما بين خطاب قطر وممارساتها على أرض الواقع، حيث كانت تعلن سعيها للمصالحة، في حين لم تكن هناك خطوات إيجابية في اتجاه تهدئة الخطاب الإعلامي، ومحاولة تبني أجندات سياسية مختلفة نوعياً، أو قائمة على التهدئة، وإنما كانت لديها أجندات مبنية على توجه معين، والدفاع عن إيران، ودعم جماعات الإسلام السياسي، والميليشيات في ليبيا، ومحاولة التماهي مع الموقف التركي أيضاً.

وقال سليمان إن سياسات حكام قطر وثوابتهم مرتبطة بشكل كبير بتركيا وإيران، وهناك أزمة ثقة في الوقت الحالي مع محيطهم العربي، وبالتالي سيبقون متكئين على تركيا وإيران.