الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

في إدلب.. النزوح مرة واحدة لا يكفي

مضى شهران على أيهم العلي في مخيم قريب من معبر باب الهوى على الحدود التركية السورية، وما زال لا يعرف جيرانه في المخيم.

يقول العلي (29 عاماً) الذي نزح من جنوب إدلب إلى أحد مخيمات بلدة بابسقا في الشمال «إن أهله نزحوا إلى مخيمات أطمة، ولم يستطع الالتحاق بهم بسبب ازدحام المكان».

وأضاف «أشتاق لمجالسة الأهل والأصدقاء، لا توجد هنا جلسات عائلية، أقضي يومي بين جدران المنزل الصغير مع أسرتي الصغيرة، وعلاقتي مع جيراني تقتصر على تبادل السلام».

وتقول الأمم المتحدة: إن أكثر من 800 ألف شخص نزحوا في شمال غرب سوريا، حيث محافظة إدلب، منذ ديسمبر الماضي، بسبب المعارك بين الجيش السوري والجماعات المسلحة المدعومة من تركيا.

مع استمرار موجات النزوح، تتعمق يوماً بعد يوم، مشاكل اجتماعية عديدة يتعرض لها النازحون، وبعضهم نزح أكثر من مرة.

ويقول الخبير الاجتماعي سمير الطير لـ«الرؤية» إن مشكلة تأقلم النازحين مع الواقع الجديد، يولدها اختلاف العادات والتقاليد، ما يؤدي في بادئ الأمر إلى انطواء العوائل على نفسها، في حال لم يكن هناك أقرباء وأصدقاء في المحيط، وبالأخص في حال كان النازح ضمن مجتمع أصلي مضيف، نتيجة تنافس النازح والمضيف على فرص العمل والتأثير على العائد المادي منها.

ويقول عامل الكهرباء علي المصطفى (33عاماً)، وهو نازح من منطقة جبل الزاوية إلى مخيمات أطمة، إن المردود المادي لمهنة تمديد وصلات الكهرباء المنزلية، انخفض بما يعادل الربع، بسبب كثرة العمال الذين يقبلون العمل بأجور متدنية.

وفي الأوقات العادية كان سعر تركيب نقطة الكهرباء 700 ليرة سورية (0.75 دولار) أما اليوم فأصبح 500 ليرة سورية (حوالي نصف دولار)

وتكاد الخصوصية تنعدم للعائلات في مخيمات ومراكز النازحين.

وتعيش عائلة فراس الشامي، النازح من منطقة معرة النعمان جنوب إدلب إلى مركز للإيواء المؤقت جنوب مدينة سرمدا شمال إدلب، في مسكن مشترك عبارة عن صالة كبيرة مقسمة إلى قسمين للرجال والنساء مع 25 عائلة نازحة.

وبحسب الشامي، فالحياة في المركز أشبه ما تكون بالسجن، ولكن من دون سجان، فلا يستطيع النوم مع زوجته وأطفاله في غرفة واحدة، ويكتسب الأطفال عادات وسلوكيات جديدة من أقرانهم، ربما غير سليمة، ويمضون أغلب وقتهم بعيداً عن الأم.

ويقول خبير علم النفس عبدالغني الخليل، النازح ضمن مخيمات أطمه لـ«الرؤية» إن النزوح ترك أثراً كبيراً على شخصية الأطفال، فمغادرة مهد الطفولة، هو الصدمة الأولى التي يعيشها الطفل، فضلاً عن انتشارهم في شوارع المخيمات، بعيداً عن مقاعد الدراسة، حتى أن بعضهم يدخن السجائر رغم صغر سنه.

وامتد الأثر الاجتماعي إلى العلاقات الزوجية أيضاً، مع ارتفاع معدلات الطلاق.

ويقول شفيق الهاشم، النازح إلى مخيمات أطمة من جنوب إدلب: إن فقدان عمله الذي ظل به نحو 20 عاماً، أثر على طريقة تعامله مع عائلته وجعله حبيس الخيمة.

ويضيف «أصبحت في شجار دائم.. مع الحياة، ومع أقرب الناس».