الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ماكرون يفتح النار على تركيا ودعاة الإسلام السياسي

ماكرون يفتح النار على تركيا ودعاة الإسلام السياسي
بصراحة تخلو من أي مجاملات دبلوماسية، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رفضه لمساعي أنقرة لتحويل الجالية التركية إلى ورقة ضغط في يد الرئيس رجب طيب أردوغان وفرض قوانين تركية على الأراضي الفرنسية.

وخلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة ميلوز الفرنسية، مساء أمس أعلن ماكرون خطته الجديدة لمواجهة «الانعزالية والتطرف الديني»، مؤكداً أنه سيفرض بموجبها قيوداً على إيفاد الأئمة إلى فرنسا.

ومن المدينة الواقعة قرب الحدود الفرنسية مع سويسرا وألمانيا، والتي تحتضن جالية تركية معتبرة، فضل ماكرون التوجه للنظام التركي مطالباً إياه بوقف محاولاته التأثير على الأتراك ـ الفرنسيين، موضحاً أنه «لن يسمح لأي دولة بتغذية نزعات الانشقاق» داخل بلاده.


ولفت إلى أنه سينهي تدريجياً نظام ابتعاث أئمة من الجزائر والمغرب وتركيا إلى المساجد الفرنسية، مؤكداً أن العمل جارٍ لإيجاد بديل للنظام الذي كان يسمح بإرسال 300 إمام إلى فرنسا سنوياً من هذه الدول، ومشيراً إلى محورية هذه الخطوة لكبح النفوذ الأجنبي في المجال الديني والمجتمعي.


ويرى الإعلامي الفرنسي ـ المغربي محمد واموسي أن تحرك ماكرون جاء إثر تزايد نفوذ جماعات الإسلام السياسي الممولة من تركيا وقطر خصوصاً، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في مارس المقبل، وهي الانتخابات التي تسعى هذه الجماعات لاستغلال أصوات المسلمين فيها للدفع بمرشحين لواجهة المشهد السياسي المحلي.

انزعاج تركي

وأشار ماكرون إلى انزعاج تركيا من الخطوات الإصلاحية الفرنسية، وقال إنه تواصل مع زعماء الدول المعنية لنقاش بدائل أكثر فاعلية لمواجهة التطرف الديني، حيث وجّه التحية لكل من «ملك المغرب والرئيس الجزائري» على سعيهما للمساهمة في إيجاد حلول لهذه المشكلة.

وأوضح، في الوقت ذاته، أنه على تركيا أن تتبع هذا النهج، مبيناً أن خطواته المستقبلية ستكون أكثر صرامة مع أصحاب النزعات الانفصالية ودعاة الانعزال.

وحسب صحيفة «لو بوان» فإنه وإضافة إلى ملف الأئمة، كانت تركيا الدولة الوحيدة، من الدول المعنية، التي رفضت الموافقة على إصلاح نظام ابتعاث مدرسين للغات الأجنبية إلى المدارس الفرنسية.

وفي خطابه أمس، أعلن ماكرون تعليق العمل بهذا النظام التعليمي الذي كان يستفيد منه أكثر من 80 ألف طالب سنوياً.

وحسب موقع «سلايت» فإن أنقرة تستخدم المعلمين والأئمة المبتعثين في أغراض بعيدة أحياناً عن وظيفتهم الأساسية، حيث سٌجلت حالات قام بعضهم فيها برفع تقارير استخباراتية ضد أعضاء من الجالية إلى السلطات التركية.



تمويلات قطر

وشدد ماكرون، في خطابه، على أن خطته الجديدة لا تستهدف الإسلام ولا المسلمين، بل هي «موجهة ضد جماعات الإسلام السياسي تحديداً».

وفي هذا الصدد، لفتت صحيفة «لوفيغارو» إلى تأكيد الرئيس الفرنسي سعيه للتحقيق في التمويلات الموجهة لأماكن العبادة في فرنسا خصوصاً القادمة من دول أجنبية.

وربطت الصحيفة بين فحوى خطاب «ميلوز» والضجة التي أثارها تمويل قطر لمركز يضم مسجداً ومنشآت أخرى في المدينة ذاتها، مشيرة إلى تأكيد ماكرون أنه يجب «التحقق من هذا النوع من التمويلات ومعرفة غايتها ومن أين جاءت ومن المستفيد منها؟».

وفيما لم يُحدد الرئيس الفرنسي أي آليات مستقبلية لمتابعة هذا الملف، أشارت الصحيفة إلى اجتماع عقد في منشأة «مسجد النور» قبيل زيارة الرئيس للمدينة جمع 3 وزراء فرنسيين منهم وزير الداخلية مع مسؤولين عن المركز.

وتتهم أوساط فرنسية قطر بمحاولة «تجذير جماعات الإسلام السياسي في فرنسا وأوروبا عموماً» عبر هذا النوع من المشاريع ذات الطابع الديني على حد تعبير الصحافي والمؤلف الفرنسي كريستيان شينو.

وفي هذا الإطار، يرى الإعلامي واموسي أن تغلغل التيارات الدينية المتشددة في الحياة السياسية الفرنسية، خصوصاً تنظيم «الإخوان» بات يمثل تهديداً للقيم الجمهورية في فرنسا.

ويشير واموسي، إلى سعي «الإخوان» المتزايد لاستغلال انتخابات فرنسا لتوجيه أصوات المسلمين لصالح مرشحيها، وذلك بدعم سياسي ومالي من أنقرة والدوحة، لافتاً إلى اختيار تنظيمهم المحلي عقد تجمعهم السنوي في ضاحية «لوبورجيه» الباريسية قبل يوم واحد من انطلاق الانتخابات الفرنسية في 15 مارس المقبل.

ويؤكد واموسي أن قطر تساهم سنوياً بنحو 10 ملايين يورو لتنظيم هذا الحدث، متسائلاً «لِعيون من تقوم الدوحة بكل هذا الدعم المالي؟».

وتحتضن فرنسا أكبر جالية مسلمة في أوروبا، وتعرضت البلاد لهجمات إرهابية نفذها متشددون في السنوات الأخيرة، من أبرزها عملية «مسرح باتاكلان» في 2015، التي أودت بحياة 130 شخصاً، حيث تُعد الأكثر دموية، على الأراضي الفرنسية، منذ الحرب العالمية الثانية.