الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

الحراك في زمن "الكورونا"

الحراك في زمن "الكورونا"

متظاهرات عراقيات في بغداد. رويترز

منذ أشهر عدة يعيش العالم العربي على وقع حراك احتجاجي، طال عواصم ومدناً كثيرة، حيث تفاوتت حدته وتنوعت مطالبه من بلد لآخر ليغطيّ صداه على كل أحداث المنطقة.

إلا أن هذا الحراك يبدو، اليوم، في حالة خفوت بسبب تطورات مفاجئة وبعيدة نسبياً عن مساره السياسي، يتعلق الأمر هنا بوباء فيروس كورونا، الذي فرض نفسه خبراً وحيداً على الشاشات وفي ساحات المدن ومقار الحكومات.

وفيما تصدرت التظاهرات والحشود المليونية في كل من: العراق، ولبنان، والجزائر، عناوين نشرات الأخبار في الأشهر الأخيرة، باتت الأنباء الواردة من هذه العواصم خلال الأيام القليلة الماضية، تكاد تنحصر في إطار تفشي وباء الفيروس المستجد.

إصابة في قلب عاصمة الاحتجاج

ومن بغداد، أعلنت وزارة الصحة العراقية، اليوم، تسجيل أول إصابة بالفيروس في عاصمة البلاد، في سادس حالة مؤكدة في عموم العراق.



وجاء هذا الخبر ليطرح تساؤلات جدية حول مستقبل التظاهرات الاحتجاجية التي كانت بغداد مركزها الرئيس، خصوصاً في ظل إعلان السلطات المحلية، الأربعاء، حظر التجمعات في الأماكن العامة لأي سبب كان، لغاية الـ7 من مارس المقبل.

وأدت حالة الخوف من كورونا بعد تفشيه في إيران المجاورة، إلى تراجع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الثلاثاء، عن دعوة كان قد وجهها لأنصاره للخروج في مظاهرات «مليونية»، احتجاجاً على تشكيل الحكومة الجديدة.

وعلى الرغم من هذه المخاوف، إلا أن محتجين خرجوا، أمس، في بغداد «متسلحين بكمامات»، للمطالبة برحيل الطبقة السياسية، رافضين لرئيس الوزراء الجديد محمد توفيق علاوي، ما أدى لمقتل اثنين منهم على الأقل.



وأكد لـ«الرؤية» المحلل السياسي العراقي نجم القصاب، أن البلد يشهد الآن وضعية أشبه بالهدنة أو التهدئة القصيرة بين المحتجين والسلطات، إثر حالة الهلع الشعبي من تفشي كورونا.



واستبعد القصاب، في الوقت ذاته، أن تكون هذه الوضعية بداية تلاشي الحراك العراقي، حيث إن الشباب المحتج لم يرضخ، رغم ما عاناه طوال الأشهر الماضية من عنف دموي ومضايقات كثيرة.

وشدد المحلل على ضرورة اتباع العراق إجراءات أكثر صرامة لتطويق انتشار الفيروس، خصوصاً عبر تكثيف المراقبة على الحدود العراقية ـ الإيرانية.



لبنان.. سوشيال ميديا بديلاً للساحات

وفي لبنان، تم حتى الآن، تسجيل إصابتين مؤكدتين، فيما يخضع 12 شخصاً للحجر الصحي.

وبالتزامن مع انتشار أخبار وصول الفيروس، خبت، نسبياً، جذوة الحراك الميداني المناهض للطبقة السياسية الحاكمة.

وخلال الأيام الماضية، تصدر عنوان «التعامل الحكومي مع أزمة كورونا» واجهة المشهد الاحتجاجي المعارض في لبنان، وسط مطالبات شعبية باتخاذ إجراءات أكثر فاعلية أمام الوباء الجديد، خصوصاً عبر وقف الرحلات بين لبنان وإيران، التي قدمت منها الحالات المصابة.

وبعيداً عن ساحات التظاهر، تفاعل النشطاء اللبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي مع موضوع «كورونا» بشكل قوي، رابطين بين أداء الحكومة في هذا المجال وسياسات النخبة الحاكمة التي أثارت غضب الشارع، وساخرين من تعامل السلطات مع الملف.

بدوره، أوضح المحلل السياسي اللبناني منير الربيع لـ«الرؤية» أن لبنان مقبل على تصاعد في وتيرة الأزمة الاقتصادية، وانخفاض في قيمة العملة والرواتب، ما سيسفر عن موجة جديدة من الاحتجاجات خلال فترة قصيرة.

وأشار في هذا الصدد إلى أن التأثير «السياسي» لتفشي الفيروس، سينعكس على مستوى التفاعل الشعبي مع هذه الاحتجاجات، لافتاً إلى أنه من غير المستبعد، الإعلان عن مزيد من حالات الإصابة في الأيام المقبلة، نتيجة تساهل السلطات مع الرحلات القادمة من إيران، وما وصفها بـ«لا مسؤولية» طهران في تسيير أزمتها مع الوباء.



الجزائر.. تساؤلات حول متسقبل التظاهر

وفي الجزائر التي أسقط الحراك الشعبي رئيسها عبدالعزيز بوتفليقة، ألقى تصاعد المخاوف من تفشي الفيروس بعد تسجيل أول إصابة به في البلاد قبل يومين، بظلال كثيفة على مستقبل الحركة الاحتجاجية التي احتفلت بعيد ميلادها الأول، الجمعة الماضي.

وبرزت على واجهة الصحف الجزائرية، الصادرة الأربعاء، عناوين من قبيل «رعب كورونا يصل الجزائر»، وذلك بعد تأكيد إصابة مهندس إيطالي يعمل في قطاع النفط بالجزائر.



وتم على نطاق واسع، الثلاثاء، تداول أخبار عن توجه الحكومة لحظر الاحتجاجات التي تشهدها البلاد أسبوعياً، إلا أن وزارة الصحة الجزائرية نفت في خبر لـ«رويترز» اتخاذ أي إجراء في هذا المنحى حتى الآن.

ولا تُعد المنطقة العربية، المكان الوحيد من العالم الذي خفتت فيه أصوات الاحتجاج في الميادين على وقع أخبار تفشي الفيروس الجديد، حيث أجبرت المخاوف المتعلقة بالوباء المتظاهرين في هونغ كونغ على وقف احتجاجاتهم التي استمرت عدة أشهر ضد حكومة الإقليم، كما أثّرت على حركة احتجاج «السترات الصفراء» في فرنسا وحوّلت أنظار بعضهم أكثر إلى انتقاد التعامل الحكومي مع الوباء الجديد.