الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بيت لحم.. «ووهان فلسطين» تتحول إلى مدينة أشباح بسبب كورونا

تحولت مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة إلى مدينة أشباح بعد إغلاقها بشكل كامل من قِبَل قوات الاحتلال والسلطة الفلسطينية منذ مساء الجمعة الماضي، وذلك لانتشار فيروس كورونا المتحور، وتسجيل العديد من الإصابات فيها.

وخلت شوارع المدينة المقدسة لدى المسيحيين من المارة، والتزم سكانها منازلهم، وتعطلت مؤسساتها باستثناء الصحية، ومُنع الدخول أو الخروج منها، في حين اقتصر قداس الأحد في كنيسة المهد على الكهنة دون مشاركة المواطنين المسيحيين فيه.

وأكد محافظ بيت لحم كامل حميد، في بيان، أن قرار إغلاق المدينة جاء بما يتماشى مع حالة الطوارئ العامة في البلاد ولخصوصية الأوضاع فيها، وحفاظاً على الأمن العام، وللحد من تفشي الإصابة بفيروس كورونا.


وقال حميد «إن قوى الأمن كثَّفت من انتشارها في المحافظة لخفض الحركة، إلا للحالات الضرورية، ومنع دخول أو خروج أية حالات مشتبه بها، على أن تقوم لجنة الطوارئ العليا في المحافظة بتقييم الأوضاع ورفع توصياتها لرئيس الوزراء محمد اشتية».


وأعلن اشتية الجمعة الماضي، وخلال اجتماع طارئ، حزمة جديدة من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا، في ضوء ارتفاع عدد الأشخاص المصابين بفندق بيت جالا في المدينة إلى 16 مصاباً.

وشملت إجراءات إغلاق مدينة بيت لحم أيضاً، إلغاء جميع الحجوزات للوفود السياحية في فنادق فلسطين كافة.

وتم الإيعاز للأجهزة الأمنية باتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخترق الحجر البيتي أو يُعرِّض صحته وصحة الآخرين للخطر، بتوقيفه وإخضاعه للحجر.

كما واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض طوق أمني على المدينة منذ مساء الجمعة، بحجة وجود حالات إصابة بفيروس كورونا.

وقالت الإذاعة العبرية، إنه وبناء على هذا القرار أعلن الجيش الإسرائيلي حظراً حتى إشعار آخر على الإسرائيليين والفلسطينيين لدخول المدينة أو الخروج منها.

وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال تمنع مرور من لا يحمل بطاقة هوية بيت لحم أو الخليل عبر حاجز «الكونتينر» العسكري القريب من المدينة والذي يربط جنوب الضفة الغربية المحتلة بوسطها وشمالها.

وحوَّلت السلطة فندق «أنجل» في منطقة بيت جالا في المدينة إلى مكان للحجر الصحي، ومناشدة من فيه بضرورة أن يكون هناك تواصل بينهم وبين عوائلهم من أجل الاطمئنان عليهم.

وأجْرَت بلدية بيت لحم عملية تعقيم كاملة للمدينة، ولا سيما الأماكن السياحية.

وقبل عدة أيام، تم ترحيل 6 آلاف سائح من مدينة بيت لحم، وبقي عدد منهم في الحجر الصحي بعد الاشتباه بإصابتهم.

من جهته، قال علي محمود (33 عاماً) من سكان المدينة «نشعر بأننا في سجن كبير بسبب إغلاق المدينة بهذه الطريقة».

وأضاف محمود لـ«الرؤية» إننا «نُقدِّر الإجراءات لعدم تفشي المرض لكن ليس بهذه الطريقة التي تُشعرنا بأننا منبوذون».

ولفت إلى أن حالة إحباط كبيرة تسود سكان بيت لحم مما جعلهم لا يخرجون من منازلهم، إضافة إلى حصارهم الخارجي.

وأكد الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم أن إغلاق مدينة بيت لحم، وتكليف الأجهزة الأمنية بمنع دخول أو خروج المواطنين من المدينة، جاء لمنع تفشي المرض.

فيما وصف الإعلامي الفلسطيني ناصر اللحام رئيس تحرير وكالة معاً المحلية، المدينة بأنها «ووهان الشرق الأوسط».

وقال في مقال له: «نساء الحي أغلقن النوافذ وقد أضاف عليهن الحصار وإغلاق المدارس والجامعات مهمات إضافية شاقة. رجال الحي اعتمدوا الصمت كلغة للمرحلة».

وتابع: «الاحتلال أغلق الحواجز والبوابات الحديدية. وبعض الأهالي يصرخون: ماذا نفعل؟ كم عدد الإصابات؟ لماذا تلبس كمامة؟».

وشبَّه اللحام إغلاق المدينة بحصارها من قِبَل قوات الاحتلال عام 2002 حينما تم اقتحام كنيسة المهد ومحاصرتها، مشيراً إلى أن 10% من سكان المدينة يخرجون من منازلهم وسط خوف وقلق كبيرين.

وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة في تصريح مقتضب: «إن عدد المصابين بمرض كورونا (كوفيد-١٩) ارتفع إلى ١٦ مصاباً بعد الكشف عن ٩ إصابات جديدة في بيت لحم».

وفي السياق ذاته، أرسلت غرفة تجارة الخليل عدة شاحنات محملة بالمساعدات لسكان المدينة المحاصرة، فيما أعلنت شركات الاتصالات عدم قطع الخدمة عن منطقة بيت لحم لغير المسددين نظراً لإغلاق المدينة.

وتبعد مدينة بيت لحم 10 كيلومترات إلى الجنوب من مدينة القدس، ويبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة بدون سكان مخيمات اللاجئين المحطة بها.

وتعتبر المدينة مركزاً للثقافة والسياحة في فلسطين، كما أن لها أهمية كبيرة لدى المسيحيين لكونها مسقط رأس نبي الله عيسى بن مريم.