تستعد لجنة المصالحة المجتمعية في غزة لإقامة عرس وطني للمصالحة بعد جبر الضرر عن 100 عائلة جديدة من عوائل الشهداء برعاية دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتحرص دولة الإمارات العربية منذ الانقسام الفلسطيني عام 2007 على لم الشمل ورأب الصدع الفلسطيني، من خلال المصالحة المجتمعية وتعويض عوائل شهداء الانقسام.
ورغم أن أبوظبي لم تحتضن أياً من لقاءات المصالحة الوطنية الفلسطينية، إلا أن الإمارات كانت حاضرة في كل هذه اللقاءات، وقدمت 8 ملايين و700 ألف دولار لإتمام المصالحة المجتمعية لجبر الضرر عن ذوي شهداء الانقسام، وذلك من خلال اللجنة الوطنية الإسلامية للتنمية والتكافل الاجتماعي «تكافل».
وفي تصريحات خاصة لـ«الرؤية»، قال شريف النيرب الناطق باسم تكافل إن «اللجنة الوطنية العليا للمصالحة المجتمعية انبثقت عن اتفاق المصالحة الوطنية عام 2011، والذي وقع في القاهرة، وقد اتفقت الفصائل على تعويض كل من تضرر من أحداث الانقسام خلال عام 2007». وأضاف: «واجه تطبيق اتفاق القاهرة 2011 صعوبات كبيرة أعاقت تنفيذ المصالحة المجتمعية، لذلك اتجه النائب محمد دحلان إلى العمل من خلال لجنة تكافل، من أجل تمويل المصالحة المجتمعية من قبل دولة الإمارات، لجبر الضرر عن العوائل التي قتل أبناؤها أو أصيبوا أو تضرروا جراء هذا الانقسام».
وأوضح أنه منذ عام 2017 تم جبر الضرر عن 174 عائلة من ذوي شهداء الانقسام، مشيراً إلى أن الإمارات تكفلت بدفع 50 ألف دولار لكل عائلة شهيد، أي بواقع 8 ملايين و700 ألف دولار.
وكشف النيرب عن أنه يجري الإعداد لجبر الضرر عن 100 عائلة شهيد جديدة وسيتم إقامة عرس وطني كبير بهذه المناسبة.
وأضاف: «واجهتنا صعوبات في بداية الأمر حيث إن الناس كانت مكلومة، ولكن مع تفهم الناس أهمية هذا الأمر على المستوى الوطني تم تشكيل سياج اجتماعي للجنة المصالحة المجتمعية لحماية هذا الملف».
وأكد النيرب أنه لا توجد إحصائية نهائية لعدد شهداء الانقسام، مقدراً العدد بنحو 600 شهيد.
وأوضح أنه بعد الانتهاء من هذه المرحلة سيتم العمل على جبر الضرر عن الجرحى ثم التعويض عن الأضرار في الممتلكات. وتقدم النيرب بالشكر لدولة الإمارات وكل شيوخها، لدعمها هذا الملف، ولسعيها الدؤوب لإنجاح المصالحة المجتمعية.
من جهته، شرح المختار حسني المغني، رئيس الهيئة العليا لشؤون العشائر الفلسطينية، كيف يتم العمل على هذا الملف عرفياً وقانونياً ووطنياً. وقال إنه بعد موافقة عائلة الشهيد، يتم جمع كل الورثة للتوقيع على جبر الضرر، كي يرضوا بقبول الدية، من أجل إغلاق هذا الملف، وذلك من خلال عقد قانوني موثق لدى محام، بحيث يتقاضى ولي الدم الدية وقيمتها 50 ألف دولار.
وقال المغني لـ «الرؤية»: «عندما يقبل ولي الدم الدية تسقط كل الحقوق العرفية والقانونية والشرعية له وتتم المصالحة، فليس له الحق بعد ذلك في المطالبة بأي حقوق شرعية أو عرفية أو قانونية طالما قبل بالدية، ولا يطالب بالانتقام والسداد بعد ذلك، لأنه تم إزالة الضرر ورفعه تماماً وإغلاق هذه الصفحة».
وأشار إلى أن عوائل الشهداء تأتي طوعاً من أجل جبر الضرر ولا يوجد أي نوع من الإكراه في هذا الأمر. وأضاف: «نحن كرجال إصلاح قبل كل شيء، نقوم بزيارة للعوائل ونتفاهم معهم حول الأمر، إلى أن تصبح هناك قناعة كاملة بجبر الضرر، والانتهاء والقبول بما يتم الاتفاق عليه، ونوثق الأوراق عند محام ونأخذ العهود والمواثيق».
واعتبر المغني أن جبر الضرر يحافظ على النسيج الاجتماعي، وعلى الأمن الداخلي الفلسطيني، ويهيئ الأجواء للمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام إلى الأبد. وتطرق إلى العقبات التي تواجه المصالحة، كأن تعرف بعض العوائل قاتل ابنها وتطالب بحضور ذويه، مؤكداً رفض هذا المبدأ حتى تبقى عملية المصالحة في الإطار العام وليس الخاص.
من جهته، أعرب سمير الهليس، ابن عم الشهيد سيف، عن ارتياحه لجبر الضرر عن عائلته جراء استشهاد ابن عمه في أحداث الانقسام. وقال الهليس، الذي كان ولي الدم في قضية ابن عمه، لـ «الرؤية»: «لم نفكر مرتين في قضية استشهاد ابن عمي، وفوراً فكرنا في موضوع المصالحة، حتى قبل أن يطرح ملف المصالحة المجتمعية من قبل تكافل».
وتابع: «الآن العائلة تعيش حياة سعيدة، بعيداً عن أي نوع من العصبية أو التفكير في الانتقام، لأن ما حصل هو قضاء وقدر وفي النهاية نحن أبناء شعب واحد».
وشكر الهليس دولة الإمارات لدورها في دعم المصالحة، وقال: «هذه هي إمارات الخير، إمارات الشيخ زايد التي عرفناها منذ الأزل.. تساعد الشعب الفلسطيني وتقف إلى جانبه.. في تحقيق السلم الأهلي له».