الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

رعب «كورونا» يطغى على صوت البنادق في إدلب

رعب «كورونا» يطغى على صوت البنادق في إدلب

فرق تطوعية لأعمال التعقيم قرب مستشفى بإدلب. (أ ف ب)

تسيطر حالة من الخوف على السوريين في بعض مناطق إدلب بشمال البلاد التي لا تزال خاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة مع متابعة أخبار الوباء العالمي «كورونا» المستجد، ما طغى على التطورات العسكرية والسياسية التي هيمنت على المشهد وحديث الناس هناك خلال الفترة الماضية.

وانعكست حالة الخوف على عادات السكان، فبات واضحاً ارتداء الناس الكمامات الطبية في الشوارع، كما انعكس على الحالة النفسية التي تؤزمها الشائعات، في ظل أجواء مناسبة لانتشارها، كالنار في الهشيم، ما دفع بعض الأطباء والعاملين في المجال الطبي إلى التهدئة من روع الناس ونشر الأجواء الإيجابية، وخاصة مع عدم تسجيل أي أصابه بهذا الفيروس حتى الآن في سوريا بشكل رسمي.

المواطن حسين الحسين والمقيم في مدينة الدانا شمال إدلب، وجد نفسه منشغلاً بالتصفح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليتعرف على أعراض العدوى وطرقها ووسائل الحماية من كورونا المستجد،

في وقت كان منشغلاً بمتابعة التطورات العسكرية والسياسية في إدلب، وأضاف أثناء حديثه لـ«الرؤية» بعد اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب بين الأتراك والروس، اتجه الرأي العام إلى فيروس كورونا.

وبحسب الحسين، فإن «كورونا» في السابق كان مشاهدة شخص يرتدي كمامة طبية أمراً مستغرباً ونادراً، أما اليوم، فأصبح مشهداً طبيعياً، بل أكثر من ذلك، فقد ارتفع سعر علبة الكمامات إلى 13 دولاراً، بعد أن كان ب 3 دولارات، هذا إن وُجدت في الصيدليات، ما يدل على تغير العادات المحلية، وخوف الناس على أنفسهم حتى وإن لم يصلهم المرض بعد.

وتشكل الشائعات تحدياً إضافياً يواجه الحالة النفسية غير المستقرة لدى السكان، وفي هذا الصدد تحدث الدكتور أنس الإبراهيم الأخصائي في الأمراض الصدرية في إدلب لـ«الرؤية» عن أهمية نشر الأخبار الإيجابية، والتركيز على الجزء الممتلئ من الكأس، طالما لم تعلن مديرية صحة إدلب أو شبكة الإنذار المبكر «Ewarn» عبر فرقها الميدانية أي حالة إصابة، فلا داعي للعبث عن طريق العامل النفسي.

وطرح الإبراهيم مثالاً عملياً حدث خلال الأسبوع الماضي، بعد انتشار شائعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن إصابة 3 أشخاص بفيروس كورونا المستجد، وأن إحدى هذه الحالات قد فارقت الحياة، فيما تخضع الحالتان الباقيتان للحجر الصحي في مشفى الراعي شمال مدينة حلب، هذه الشائعة دفعت أكثر من 5 أشخاص إلى محادثته على الفور والاستفسار عن الموضوع بلهفة، ليظهر الأمر فيما بعد، بأنه مجرد شائعة، وليخرج من نشرها للاعتذار ونفيها، وبأن الأمر هو سوء فهم، كون الحالات التي تكلم عنها هي لمرضى بأمراض تنفسية معدية يخضعون للحجر الصحي.

ويرى الدكتور أنس الإبراهيم أن المجتمع السوري يتميز بالتعامل مع المخاوف عن باقي المجتمعات السليمة صحياً واجتماعياً بعد 9 سنوات من الحرب، حيث يهتم بتوفير المسكن واللباس والطعام لعائلته، وربما تكون هذه الأمور بسيطة لدى باقي المجتمعات، فانشغاله هذا يبعده في الكثير من الأوقات عن التفكير بكورونا، بالإضافة إلى الأحداث الدامية التي عايشها خلال تلك السنوات.

وفي السياق قال محمد عرب، وهو مدير إداري بأحد المراكز الصحية شمال إدلب لـ«الرؤية» بأنه، وبناءً على توصيات منظمة الصحة العالمية ومجموعة العمل الدولية، سيتم البدء خلال فترة قريبة بإجراء تدريب عاجل بخصوص فيروس كورونا المستجد لجميع المنشآت الصحية في مناطق شمال سوريا، وستُجرى التدريبات لما يقارب 540 متدرباً، حيث تعمد المرافق الطبية، حالياً، إلى ترشيح 3 من كوادرها لحضور التدريب.

وبحسب عرب، فإن هذا التدريب أمر في غاية الأهمية لتمكين الكوادر الطبية من المعرفة الجيدة بالفيروس والطرق السليمة للسيطرة على الخوف الشعبي ومواجهة الشائعات وتطبيق الأساليب المعتمدة عالمياً في التعامل مع المرضى.

وعلى الرغم من أن المرافق الطبية مدعومة من قبل منظمات المجتمع المدني المسجلة لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وبعضها مدعوم عبر منح مقدمة من عدة دول، كالمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لكنها لم تُقدِم بشكل مكثف على تدريب كوادرها للتعامل مع الفيروس، ما يشكل تحدياً جدياً، فيما لو انتشر هذا الوباء شمال سوريا، خاصة وأن الحديث عن عدم تسجيل أي إصابة في البلاد بشكل رسمي، لا ينفي بالمطلق عدم وجوده فعلاً.