الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

السودان.. آلاف الطلاب عالقون في الخرطوم بسبب إجراءات مواجهة الفيروس

السودان.. آلاف الطلاب عالقون في الخرطوم بسبب إجراءات مواجهة الفيروس

طلاب ينتظرون نقلهم الى مدنهم (الرؤية)

منذ أن قررت السلطات السودانية إغلاق الجامعات وإخلاء السكن الداخلي، يوم السبت الـ14 من مارس الجاري ضمن إجراءات مواجهة جائحة كورونا، ما زالت ابتسام آدم (22 عاماً)، والتي تدرس بكلية التربية في جامعة بحري، تبحث عن وسيلة للسفر إلى أسرتها بمدينة الضعين شرق إقليم دارفور دون جدوى.

وتقيم ابتسام الآن مع أقاربها بالخرطوم بسبب الارتفاع الكبير في أسعار تذاكر الحافلات، حيث قفز سعر التذكرة من ألف جنيه سوداني إلى 5 آلاف (حوالي 90 دولاراً) بعد قرار إخلاء السكن الجامعي.

لم تكن ابتسام وحدها التي تأثرت بقرار إغلاق الجامعات وإخلاء الداخليات، الذي تزامن مع أزمة حادة في الوقود تشهدها البلاد منذ أكثر من 3 أشهر، فهنالك آلاف الطلاب من مختلف جامعات العاصمة واجهوا الأزمة ذاتها، بينما لا يزال حوالي ألف طالب وطالبة عالقين في الخرطوم، ويحاولون الوصول إلى وجهاتهم في مدن وقرى دارفور وكردفان غربي البلاد.

الطالب الحاج عبدالمنعم (21 عاماً)، والذي يدرس في كلية علوم الحاسوب بجامعة الزعيم الأزهري، يحاول الوصول إلى عائلته بمدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، دون جدوى فقرر الاعتصام مع مئات من أقرانه في ساحة مسجد الخليفة في مدينة أم درمان.

وقال في حديثه ل«الرؤية»: «أنا متواجد في (حوش) الخليفة ومعي أكثر من 700 طالب وطالبة، وهناك وعود بترحيلنا إلى مدننا، ولكن عدد الحافلات غير كافٍ لنقلنا». وحمل عبدالمنعم الحكومة مسؤولية ما حدث لهم من إخلاء السكن الجامعي دون منحهم فرصة لترتيب أوضاعهم، أو ضمان ترحيلهم، مشيراً إلى أن عدم الرقابة على محطات السفر تسبب في ارتفاع أسعار التذاكر، خلال يومين فقط.

وأوضح عبدالمنعم أنهم يفترشون الأرض في انتظار أن تُحل قضيتهم، مشيراً إلى أن بعض فاعلي الخير تكفلوا بإطعامهم، منوهاً بأن بعض الطلاب رفضوا إخلاء السكن الداخلي ولكن الأمر لم يكن باختيارهم.

وقالت رانيا أحمد عبدالرحيم (24 عاماً) وهي طالبة في كلية الاقتصاد بجامعة السودان لـ«الرؤية» إنها تسكن في مدينة النهود غرب البلاد 839 كم غرب العاصمة، وتمكث مع أقاربها بمنطقة السلمة جنوبي الخرطوم منذ قرار إخلاء السكن الداخلي.

وأضافت: «سعر التذكرة الواحدة بلغ 3 آلاف»، وأشارت إلى أن الحكومة لم تتواصل معهم بشأن الترحيل، وأن رفيقاتها اللائي يسكن في مدن قريبة للخرطوم سافرن عبر مركبات خاصة. وفي الأثناء، نشطت مبادرة لترحيل الطلاب، للمساهمة في إيجاد حلول للطلاب العالقين.

وقالت صاحبة المبادرة، عزة الكنزي لـ«الرؤية» إن المبادرة انطلقت قبل أسبوع، وتم ترحيل 430 طالباً في 9 حافلات وكانت وجهتهم إلى مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور (802 كيلومتر غرب الخرطوم) وإن جملة الكلفة كانت 710 آلاف جنيه.

وأشارت إلى أن بعضهم منحوا نثريات للسفر من المدينة إلى مدينة أخرى داخل إقليم دارفور. ويشهد إقليم دارفور صراعاً قبلياً مسلحاً منذ 20 عاماً، ووجهت بسبب الحرب هناك تهم من المحكمة الجنائية الدولية لعدد من المسؤولين السودانيين بما فيهم الرئيس المعزول عمر البشير.

وأشارت الكنزي إلى أنهم تمكنوا من ترحيل 9 طلاب آخرين بصورة فردية إلى عدد من ولايات السودان المختلفة.

وأوضحت أن ترحيلهم كلف نحو 50 ألف جنيه سوداني.

وأكدت عزة أن المبادرة طوعية، تعمل على جمع التبرعات من الخيرين، وتنفقها على تكاليف ترحيل الطلاب، منوهة بأن الحكومة لم تمد لهم يد العون، سواء بالدعم المباشر أو تسهيل المهام، فضلاً عن أن أصحاب الحافلات استغلوا الظروف التي تمر بها البلاد، ما جعلهم يرفعون قيمة التذاكر.

وتابعت أن قرارات الحكومة في إطار الوقاية من كورونا كانت أكبر تحدٍّ واجههم، خاصة أنها صدرت في وقت وجيز، وتابعت: «في البدء تم إغلاق الجامعات وأعقب ذلك إجلاء الطلاب من السكن الداخلي في 16 مارس الجاري، وفي الـ23 من مارس صدر قرار بفرض حظر التجوال من الثامنة مساء حتى السادسة صباحاً، فضلاً عن إغلاق المعابر الداخلية والخارجية».

وقالت الكنزي إن العديد من الشركات التجارية لم تستجب لطلبات مبادرتهم بالمساعدة في ترحيل الطلاب، إلا بعد أن تجمهر الطلاب في شوارع أم درمان، لتسارع بعدها الشركات من أجل الدعاية.

قال الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، وزير الثقافة والإعلام، فيصل محمد صالح لـ«الرؤية» إن توجيهاً صدر من وزير الحكم الاتحادي لولاة الولايات بضرورة ترحيل طلابهم، ولكن لم تلتزم بهذا التوجيه سوى ولاية واحدة فقط، ما جعل الحكومة المركزية تتحرك وتشارك المتطوعين في توفير وسائل سفر مناسبة للطلاب.

وأشار إلى أن جامعة الخرطوم تكفلت لوحدها بنقل طلابها كافة، وتوفير وسائل مواصلات لولاياتهم.

وأشار فيصل إلى أن لجنة شُكلت من الحكومة بالشراكة مع متطوعين أعلنت للطلاب عن ضرورة تسجيل أسمائهم لترحيلهم، لكن الاستجابة كانت ضعيفة من قبل الطلبة، الذين ظنوا أن الأمر سينتهي قريباً ولا حاجة للذهاب إلى مناطقهم التي يبعد بعضها أكثر من ألف كيلومتر.

وأضاف: «لم يكن الطلبة متحمسين في البدء، ولكن فجأة، ومع قرارات الحكومة بإيقاف السفر بسبب جائحة كورونا تضاعفت الأعداد بصورة كبيرة».