الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

27 ألف إصابة ومئات الوفيات.. كيف فشل أردوغان في إدارة الأزمة؟

27 ألف إصابة ومئات الوفيات.. كيف فشل أردوغان في إدارة الأزمة؟

أثبتت حكومة أردوغان فشلاً ذريعاً في إدارة الأزمات بعد تفشي فيروس كورونا بشكل كبير في البلاد، وأصرت الحكومة التركية على الاستمرار في إنكار الوضع الحقيقي والإعلان عن تشخيص الإصابات واتبعت سياسة التعتيم حتى تغلغل الفيروس في كافة أنحاء البلاد.

وفي وقت سابق حذرت مجلة «ناشيونال إنتريست» الأمريكية من خطورة سياسة التعتيم التي اتبعتها تركيا فيما يتعلق بانتشار فيروس كورونا، معتبرة أن هذه السياسية قد تكون سبباً في كارثة قريبة الحدوث.

وأشار الكاتب والباحث الأكاديمي التركي غوكهان باجيك في مقال لصحيفة أحوال التركية، أن حكومة أردوغان خيبت آمال الشعب التركي وتسببت في تلاشي النظرة التفاؤلية لديهم في إدارة بلادهم للأزمات بعد فشلها بالتغلب على الوباء.

ولكن كيف فشلت حكومة أردوغان في إدارة الأزمة



تسببت سياسة التعتيم التي اتبعتها السلطات التركية، والتكتم عن الإصابات في البداية إلى ارتفاع سريع للغاية في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا منذ تسجيل أول إصابة في 11 مارس مما جعل تركيا واحدة من الدول التي لديها أسرع معدل نمو للإصابات في العالم.

إذ تخطت تركيا حاجز الـ27 ألف إصابة وسجلت ما يزيد عن 500 وفاة في 20 يوماً فقط.

والسبب الثاني الذي أثبت فشل أردوغان في إدارة الأزمة، حينما أعلنت دول أخرى عن تقديم الدعم المالي وتوفير حزم مالية كبيرة لدعم المشاريع وضمان عدم وقف الأجور للمتضررين، ولم تفعل حكومة أردوغان ذلك، بل خشيت من اتباع سياسة الإغلاق التي اتبعتها العديد من الدول لضمان سلامة مواطنيها خوفاً من حدوث انهيار اقتصادي في البلاد.

وطلبت حكومة أردوغان من مواطنيها المساهمة في حملة تبرعات لتزيد الأعباء عليهم بدلاً من دعمهم.

ويرى الباحث الأكاديمي التركي غوكهان باجيك أن حملة المساعدة التي أطلقتها الحكومة وطلبت من المواطنين الأتراك المشاركة بها وتقديم المساعدات، فسرها العديد من الأتراك خاصة أصحاب الدخل المنخفض والمحدود على أنها إشارة بأن خزائن الميزانية التركية تشهر أزمة حقيقية.

بينما سببت الظاهرة قلقاً كبيراً بالنسبة لرجال الأعمال والمستثمرين المحليين الذين تساءلوا من أين ستجد الدولة التمويل في الأشهر القادمة إذا أنفقت جميع الأموال بالفعل، كما يرى هؤلاء أن سياسات الحكومة انقلبت ضد مصالحهم الخاصة.

كما أشار غوكهان باجيك أن أردوغان درس بالفعل المخاطر السياسية المحتملة التي ستطرأ على حكومته، ومن الواضح أنه أطلق الحملة ليس فقط لمكافحة كورونا، بل لاستغلالها بالتعبئة السياسية.

حيث ستولد هذه الحملة الطاقة للتعبئة من أجل قاعدة أردوغان التي تشكل نوعاً من العلاقة العضوية الدينية مع السلطة السياسية.

وما يفسر ذلك توجيهات أردوغان بقراءة الأدعية والذكر من المساجد عبر المآذن والمكبرات منذ بداية الأزمة.

في حين يعلم الجميع أنه لا يوجد أي أساس إسلامي أو علمي للبحث عن علاج للمرض من خلال ذلك، وتفسير ذلك هو أفعال سياسية بقشرة دينية.

ومن الواضح أن أردوغان يجبر التجار والمستثمرين من ناحية أنه واجب عليهم من منطلق ديني وإسلامي، وهناك أسباب مختلفة تفسر ذلك وهي العلاقة التكافلية التي شكلها أردوغان مع هذه الجماعات على مدى العقد الماضي بضخ الكثير من الائتمان الرخيص خلال تلك الفترة.

وأفادت وكالة بلومبيرغ في وقت سابق أن الحكومة التركية تضع الائتمان الرخيص جزءاً أساسياً من حملة الانتخابات المحلية، الأمر الذي يدفع البنوك إلى تحمل المزيد من المخاطر.

وحثت إدارة الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان حينها، البنوك الحكومية على تقديم قروض رخيصة إلى الصناعات المختلفة ومساعدة المستهلكين في سداد متأخرات بطاقاتهم الائتمانية أو التمتع بأسعار فائدة أقل من السوقية فيما يخص الرهن العقاري.

وساهم هذا النهج بوصول الدولة اليوم إلى مرحلة تطالب فيها المواطنين بالتبرع، في حين لا يستطيع هؤلاء فعل أي شيء سوى التكتم على غضبهم، إذ يجب عليهم القيام بمناقصة الدولة التي ربطتهم بالائتمان الرخيص والمناقصات العامة الكبيرة.

ويرى المحللون أن ما يحدث في تركيا بسبب السياسة المتبعة التي سينتج عنها العديد من العواقب الاقتصادية ستغير النظرة السياسية لشريحة كبيرة من المواطنين، الذين يرون أن استراتيجية أردوغان ليست لمحاولة إيقاف الخسارة ولكن لحماية موقفه من خلال الحفاظ على أقل ضرر ممكن.

وأشار باجيك أنه بعد الأزمة سيقتصر جمهور أردوغان على قواعد الناخبين في حزب العدالة والتنمية، وحلفائه من الائتلاف، وحزب الحركة القومية اليمينية المتطرف.

أردوغان فقد شعبيته منذ زمن



وصرح الباحث والمحلل السياسي الكويتي مشعل النامي للرؤية، أن تصرفات الحكومة التركية منذ البداية تشير إلى أنها لا تنوي وضع خطط لمواجهة الفيروس، وذلك بسبب أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي كانت تتاجر بالمعدات الصحية للوقاية من كورونا كالكمامات وغيرها، في حين أن الدول الأخرى منعت بيع هذه المعدات اللازمة لمكافحة الأزمة بل عززت مخزوناتها كدول الخليج.



كما يرى أن استراتيجية تركيا في التأخير قدر المستطاع في عدم الإعلان عن وجود إصابات، خاصة بعد ظهور أردوغان في خطاب متلفز دعا به كبار السن لعدم الخروج من منازلهم في محاولة منه لتقليل الوفيات دليل أنها أفلتت زمام الأمور وأصبح الوضع خارج السيطرة.

كما أنه في اليوم التالي أيضاً ظهر في خطاب صوتي فقط وهذا دليل على أنه لم يستطع الخروج بسبب تأزم الوضع وخروجه عن السيطرة.

كما أشار النامي إلى أن أحد الأسباب البارزة لذلك هو عدم امتلاك تركيا القدرات الصحية والمالية للمواجهة، وانتهجت الآن استراتيجية التغاضي عن سياسة التباهي المعهودة لدى حكومة أردوغان.

أما عن شعبية أردوغان فقد أكد الباحث مشعل النامي أنه فقد شعبيته منذ وقت طويل بسبب الهبوط المستمر للعملة التركية الذي نتج عن التضخم الكبير ونسب البطالة العالية جداً وإفلاس العديد من المشاريع التجارية بسبب عدم قدرتها على سد ديونها.

كما أن الدليل الأكبر على خسارة أردوغان لشعبيته هو فقدانه مدينتي أنقرة وإسطنبول في انتخابات البلدية مؤخراً اللتين تشكلان قيمة كبيرة للبلاد حيث إن أنقرة هي العاصمة السياسية، أما إسطنبول فهي العاصمة السياحية والتاريخية لتركيا، وعلى الرغم من أنه حاول إعادة الانتخابات في إسطنبول بحجة التلاعب إلا أنه عاود السقوط مرة أخرى.

وهذه التراكمات والنتائج جميعها تضع أردوغان في موقف صعب بالانتخابات البرلمانية المقبلة بسبب فقدان ثقة الشعب بالحكومة.

وأشار النامي أنه تواصل مع شخص من الجنسية التركية بداية الأزمة ليستفسر منه حول انتشار فيروس كورونا ليجيب أنه منتشر على الرغم من إنكار الحكومة التي تدعي بشكل دائم وتقول إن العملة متماسكة وهي غير ذلك، وتقول إن الاقتصاد جيد وهو سيء جداً، وأكد له أن الشعب التركي لا يصدق الحكومة وفقد ثقته بها بشكل كامل.

والدليل الأقوى على فقدان الثقة بالحكومة هو لجوء المواطنين الأتراك إلى تحويل حساباتهم البنكية إلى العملات الأجنبية كالدولار واليورو خوفاً من تهاوي العملة بشكل كبير.