الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بين «الحرب» و«كورونا» ماذا تبقى لأطفال مخيمات إدلب؟

بين «الحرب» و«كورونا» ماذا تبقى لأطفال مخيمات إدلب؟

أطفال سوريون خارج خيمتهم في إدلب. (أ ف ب)

يواصل فيروس كورونا تمدده بلا رادع في أنحاء الكرة الأرضية ولم يسلم من شره لا صغير ولا كبير، طفلاً كان أم مسناً، ويزداد الأمر خطورة في المجتمعات الهشة التي تفتقر إلى أبسط ضروريات الحياة مثل مخيمات اللاجئين شمال إدلب.

تؤثر قسوة الحياة وصعوبتها على الأصحاء الأشداء في مثل هذه المجتمعات، فما بالنا بأطفال صغار خطفت براءتهم ويلات الحرب ثم جاءت بعدها أخبار الفيروس القاتل لتضيف مأساة جديدة إلى سجل حافل بالويلات.

محمد حلاج مدير فريق «منسقو الاستجابة» في الشمال السوري، قال في حديثه لـ«الرؤية» إن هناك أكثر من 380 ألف طفل يعيشون ضمن مخيمات النزوح في محافظة إدلب والتي بلغ عددها 1259 مخيماً يقطنها ما يزيد على مليون نسمة، ضمن ظروف حياتية متدنية، بالتزامن مع استجابة لا تتجاوز 40% من قبل منظمات المجتمع المدني من الاحتياج الكلي.

ومع ضعف هذه الاستجابة فإن هناك ضعفاً في البنية التحتية ما يحول المخيمات إلى بيئة خصبة لانتشار أي مرض، ومن المعروف أن الأطفال هم أكثر الفئات التي تجول وتلعب في الشوارع وفي أي زاوية، وبالتالي هم ناقل محتمل وكبير للفيروسات ومنها كورونا بحسب طبيب الأطفال أنس أبوحسين، العامل في أحد مشافي الأطفال ضمن مخيمات أطمه شمال إدلب بالقرب من الحدود التركية، في حديثه مع «الرؤية».

وأضاف الطبيب أنس أن الفيروس يستعمل الأطفال في التفشي والوصول لأكبر عدد ممكن من الضحايا، ما دفع القائمين على المنشآت التي تتعامل مع الأطفال كالمدارس ودور الحضانة والروضات إلى تعليق عملها حالياً، ولكن الكثافة السكانية الكبيرة في المخيمات واستحالة تطبيق حجر صحي فيها تحولان دون الوقاية من كورونا في حال وصل إلى إدلب.

وبالتالي فإن نتائج كورونا على الأطفال في حال انتشاره ستنعكس على الرعاية المقدمة للطفل سواء تربوية أو أسرية أو صحية.

فحسب الممرض مؤيد الحسين عضو فريق لقاح التابع لفريق لقاح سوريا القائم على عملية التلقيح الروتيني للأطفال في شمال سوريا بحديثه مع «الرؤية» فقد تم تعليق عمل فرق اللقاح لمدة 15 يوماً خوفاً من كورونا، الأمر الذي أدى إلى تخلف ما يزيد على 250 طفلاً ضمن المركز الذي يعمل به، عن تلقي لقاحاتهم الدورية، وفي حال التوقف لاحقاً سنكون أمام خطر آخر وهو ضعف مناعة الأطفال وخاصة من يقطنون المخيمات.

وهنا أضاف الطبيب أنس أن تطبيق إجراءات وقائية مشددة من قبل المرافق الخدمية وخاصة الطبية منها سينعكس بلا شك على أطفال المخيمات، فهناك أطفال يحتاجون إلى متابعة مستمرة كمن يعانون من سوء التغذية وغيرها، وبالفعل لجأ بعض مشافي الأطفال إلى تقييد عملها خوفاً من كورونا فأصبحت لا تستقبل الحالات الخفيفة كنزلات البرد والإنفلونزا لدى الأطفال واكتفت بالاستشارات عن طريق الهاتف كما فعل مشفى أطمه الخيري.

ومن الآثار السلبية التي انعكست على حياة الأطفال جراء فوبيا كورونا، هو أنها أتاحت مساحة أكبر للأطفال الذين ينحدرون من أسر فقيرة للخروج إلى الشارع واللعب والمرح قرب المصارف، وذلك بعد أن أغلقت المدارس أبوابها، كما أوضح لـ"الرؤية" الأستاذ أحمد العلي أحد كوادر مدرسة أم الشهداء في مخيمات أطمه.

وأضاف العلي«من الأفضل عودة الأطفال إلى المدرسة مع تطبيق إجراءات وقاية، فتجمعهم في مكان واحد أفضل من تشكيلهم تجمعات على حواف الشوارع ومخالطتهم لجميع الناس في ظل عدم تطبيق حجر صحي في المنازل».

ففي حال وصل كورونا إلى مخيمات الشمال السوري فسنشهد كارثة حقيقية، فالعامل الأساسي لانتشار الوباء وهو التجمعات والكثافة السكانية العالية، وبالأساس تعاني هذه المخيمات من نقص في مستوى الرعاية الصحية وخاصة للأطفال.

وحسب إحصاءات نظام المعلومات الصحي في مخيمات الشمال السوري، فإن عدد الأطباء في المنطقة هو 600 طبيب، ما يعني أن لكل 10 آلاف مواطن لديهم 1.4 طبيب، وعدد أسرَّة المشافي هو 3065 سريراً، أي لكل 1363 مواطناً سرير واحد في مشفى.

وعدد أسرّة العناية المركزة 201، أي أن كل 20788 مواطناً لديهم سرير للعناية.