الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

فداء المجذوب.. تفاصيل تورط الإمام الأسترالي في تهريب الأسلحة من ليبيا لسوريا عبر تركيا

فداء المجذوب.. تفاصيل تورط الإمام الأسترالي في تهريب الأسلحة من ليبيا لسوريا عبر تركيا

فداء المجذوب.(أرشيفية)

منذ انهيار «داعش» كان الضوء مسلطاً على آلاف المقاتلين الذين سافروا من بلدانهم في الغرب للقتال في صفوف التنظيم الإرهابي، لكن بدأ البحث مؤخراً عن أتباع داعش الآخرين الذين كانوا خارج أرض المعركة، وساهموا بشكل كبير في عمليات التنظيم، ورغم ذلك لم يتم تتبعهم أو التدقيق في الأدوار التي قاموا بها.

البداية

من بين هؤلاء إمام أسترالي من أصول سورية، يدعى فداء مجذوب، لعب دوراً رئيسياً في المأساة السورية، ورغم ذلك لم ينتبه إليه أحد حتى الأشهر الماضية، عندما نشر تقرير للشرطة التركية يربط بين كبار المسؤولين في إدارة أردوغان وشبكة تهريب أسلحة برئاسة أحد عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي.

في عام 2012 لعب الرجل دوراً في شبكة تهريب أسلحة من ليبيا إلى سوريا عبر تركيا، بحسب تقرير نشر في يناير الماضي، في شبكة التقصي «نورديك مونيتور»، التي مقرها ستوكهولم.

لكن في هذا التقرير لم يتم تحديد هوية فداء المجذوب الذي كان عضواً في الشبكة وعلى اتصال أيضاً باثنين من كبار مستشاري أردوغان.

غموض حول شخصيته

في ذلك الوقت كان اسم مجذوب غير شائع، ولم يحدد التقرير جنسية مجذوب أو أدواره خارج شبكة تهريب الأسلحة.

موقع التحقيقات الاستقصائية «انفستيجيتف جورنال»، كشف في تحقيق نشره الجمعة، أن فداء مجذوب إمام أسترالي بارز، عمل محاضراً جامعياً في سيدني قبل أن يصبح المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني السوري، الجبهة السياسية التي تضم جماعات معارضة مسلحة مثل الإخوان المسلمين، ومقرها إسطنبول، كان هدفها أن تكون بديلاً عن الحكومة السورية بعد سقوط الدولة.

التورط مع القاعدة

وتشير التقارير الأمنية حول الدكتور مجذوب إلى أنه عمل مع عناصر القاعدة، حيث كان حلقة الوصل بين المجلس الوطني السوري وشبكة القاعدة وكبار المسؤولين الأتراك.

واليوم، يعيش الدكتور مجذوب في إسطنبول، ويعمل محاضراً في جامعة مرمرة، وفي اتصال مع «انفستيجيتف جورنال» نفى أي تورط في تهريب الأسلحة.

قبل عقد من الزمان، كان الدكتور مجذوب، المولود في سوريا، إماماً رفيع المستوى، وواحداً من أبرز علماء المسلمين في أستراليا، وعمل محاضراً مساعداً في الدراسات الإسلامية في جامعة تشارلز ستورت، وعمل إماماً زائراً للوعظ بالسجون.

تحركات دولية

انتقلت أسرته إلى أستراليا عام 1985 عندما كان مراهقاً، وأمضى بعد ذلك نحو 15 عاماً في الدراسة والتدريس في الجامعات الإسلامية في مصر والهند وسوريا.

في عام 2011، عندما سقطت سوريا في حالة من الفوضى والحرب، انتقل الدكتور مجذوب إلى تركيا، التي كانت تتحول إلى قاعدة دعم للتمرد ضد الرئيس بشار الأسد.

وسرعان ما برز الدكتور مجذوب متحدثاً باسم المجلس الوطني السوري، الذي حظي بتأييد قوي من الغرب في البداية من وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وأمير قطر.

كما دعم أردوغان علناً المجلس الوطني السوري، في حين قدم الدعم السري للقوات المرتبطة بالقاعدة، ولاحقاً داعش، وهو ما أكده نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بالقول: إن السلطات التركية أرسلت الأموال والأسلحة إلى «أي شخص يقاتل ضد الأسد».

العمل مع الفصائل

في الفترة من 2012 كان للرجل نشاط كبير، وتردد كثيراً على مناطق الجماعات المسلحة في شمال سوريا، وشارك في الكثير من الفعاليات المناهضة للأسد، ولعب دوراً في تيسير المحادثات بين الجماعات الإرهابية في المنطقة، لكنه اختفى عن التغطية بحلول 2014.

ونفى مجذوب (51 عاماً)، اتهامات المشاركة في تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية، واعتبر أن تقارير المخابرات التركية ملفقة ومزورة رغم أنه يعيش حالياً على الأراضي التركية.

لكن الدكتور أحمد يايلا، مدير مركز الأمن الداخلي في جامعة ديساليس في بنسلفانيا وعضو هيئة التدريس بجامعة جورجتاون في واشنطن العاصمة، أكد الاتهامات وعرض نسخة من تقرير الشرطة التركية حصل عليه من مصدر موثوق في الأمن التركي.

يايلا عمل لمدة 20 عاماً في إدارة الشرطة الوطنية التركية لمكافحة الإرهاب والعمليات، وكان رئيساً لمكافحة الإرهاب في مقاطعة سانليورفا التركية المتاخمة لسوريا بين عامي 2010 و2013.

وقد استقال من قوة الشرطة في عام 2014، بسبب تسهيل إدارة أردوغان ما يسمى بـ«الطريق الجهادي» عبر سانليورفا إلى سوريا.

صلات بعناصر ليبية

وتضمن التقرير معلومات تكشف عن علاقة تربط بين مجذوب و4 رجال آخرين بالمواطن الليبي عبدالعظيم علي موسى بن علي.

ويوصف بن علي بأنه متورط في خطة لتنظيم القاعدة في العراق لنقل الأسلحة من ليبيا إلى سوريا عبر تركيا.

وذكرت الوثيقة أن بن علي كان يتصرف بالتنسيق مع «الجيش السوري الحر» في ذلك الوقت.

ويتضمن التقرير أدوار كل أفراد المجموعة وأرقام هواتفهم، ووصف دور الدكتور مجذوب بأنه دور في «توريد أسلحة»، وأدرج رقم هاتفه المحمول التركي في التقرير، وهو نفس الرقم الذي استخدمه مجذوب للتواصل مع محرر «انفستيجيتف جورنال» للرد على الاستفسارات بشأن هذا الدور.

وذكر التقرير أيضاً أن الدكتور مجذوب كان على اتصال مع علي موسى عبدالله الجبوري، الذي كان يستعد لإرسال أسلحة إلى المعارضة في سوريا.

وقال الدكتور مجذوب: «إنه يعتقد أن تقرير الشرطة ظهر الآن فقط بسبب «تورط الحكومة التركية الحالي في الصراع الليبي»، حيث أرسلت تركيا مرتزقة سوريين وقواتها للقتال في الحرب الأهلية الليبية».

غموض حول دوره في ليبيا

ورغم ذلك اعترف مجذوب بأنه تردد على ليبيا وكان مرحباً به لكون متحدثاً باسم المجلس الوطني السوري، لكنه لم يرد على أسئلة حول أسباب زيارته أو الأدوار التي كان يقوم بها في ليبيا، ولم يرد أيضاً على استفسارات حول دور جماعة الإخوان المسلمين في نقل الأسلحة من ليبيا إلى سوريا في عام 2012.

صلاته برجال أردوغان

وفي التقرير الذي يكشف دور مجذوب، ذكر أن اتصالاته شملت إبراهيم كالين وسيفر توران، المستشارين الرئيسيين لرئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، الذي تولى رئاسة تركيا منذ أواخر عام 2014.

وكالين هو المتحدث الرسمي الرئاسي، وتوران هو كبير مستشاري أردوغان حالياً.

ويقول تقرير «انفستيجيتف جورنال»: «إن شقيق المجذوب يدعى مصطفى، قُتل في سوريا عام 2012، في قصف صاروخي عندما كان يشارك في القتال إلى جانب الفصائل ضد قوات الأسد، على الرغم من أن العائلة قالت إنه كان يشارك في تقديم المساعدات إلى هذه المناطق».

وتشير تقارير إلى أنه قضى وقتاً في باكستان وأفغانستان، وكان على صلة بالجماعات المسلحة هناك.