الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

نرجسية الحوثي.. الانقلاب لا يقف عند حدود السياسة

نرجسية الحوثي.. الانقلاب لا يقف عند حدود السياسة

سيدة يمنية في أحد شوارع عدن.(أ ف ب)

كشف الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية في اليمن عام 2014، عن الوجه الحقيقي لعنصرية الجماعة المدعومة من إيران، والتي لم يكن أغلب الشعب اليمني يعرفها خاصة تلك المناطق التي لم يحتك أبناؤها من قبل مع الميليشيات حتى يدرك استعلاءهم ونظرتهم الطبقية لمن لا ينتمون إلى السلالة الهاشمية التي يدعون أنهم من نسلها.

منصور وزينب، طالبان جامعيان، كانا ضحية لهذه العنصرية والتمييز الذي دمر مستقبلهما، وألغى مشروع زواجهما الذي خططا لإتمامه في إجازة عيد الفطر المبارك.

تنتمي زينب إلى أسرة من محافظة عمران شمالي اليمن، ووالدها قيادي لدى الحوثيين ويُعرّف نفسه بأنه من «آل البيت»، بحسب زينب التي تحدثت لـ«الرؤية» عبر الهاتف. لدى زينب شقيقان يعملان لدى الميليشيات الحوثية واحد في عمران، والآخر في صنعاء، أما منصور فينتمي إلى محافظة تعز.

بدأت قصة الشابين الجامعيين قبل 3 سنوات عندما تعرفا على بعضهما خلال الدراسة بكلية التجارة جامعة صنعاء، ونشأت بينهما قصة حب قررا أن يكللاها بالزواج.

اصطحب منصور أسرته في مارس الماضي لخطبة زينب من أسرتها في محافظة عمران؛ لكنه تفاجأ برفض والد زينب طالباً منهم العودة من حيث أتو، الأمر الذي سبب صدمة نفسية لزينب بعد أن قضى الوالد على آمالها في تكوين أسرة وبيت مع من تحب.

وتضيف زينب: «قال لي أبي على انفراد عندما جاءوا لخطبتي، هؤلاء ليسوا من مستوانا ولا يمكن أن أزوجك على شخص غير هاشمي، يجب أن تعرفي من نحن ومن هم ومن أي الأسر تختارين زوجك».

وبحسب زينب فقد «كان منصور من أسرة ذات طيبة ومشهود له بالأخلاق بين طلاب الكلية، وهو شاب ناجح في تعليمه وحياته، وبوسعه تكوين أسرة». لكن هذه الأسرة لا يمكن أن يكوّنها مع زينب رغم تخطيطهما معاً لذلك، بسبب التمييز الطبقي والعنصري الذي أبداه والدها وشقيقاها تجاه منصور، ما تسبب في تبديد حلمهما.

ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة تعز الدكتور ياسر الصلوي إن «هذه الظاهرة كانت تُحارب رسمياً وشعبياً قبل سيطرة الحركة الحوثية على مقاليد السلطة في صنعاء وكانت محدودة آنذاك، والآن يدعمها الحوثيون لأنهم يعتقدون أنهم يحافظون من خلالها على تماسك كيانهم، وحماية دائرتهم المغلقة».

وأضاف الصلوي في حديثه لـ«الرؤية» أن «الطبقية والعنصرية في الزواج عند الحوثيين ليست وليدة اللحظة وهي صفة مرتبطة بالحوثيين منذ بدء تشكلهم، والسبب في اتساع هذه الظاهرة اليوم يأتي مع توسع سيطرة الحركة الحوثية ما أدى إلى اتساع أفكارها عند الأسر التي تعتقد أنها من ذات السلالة ولها ذات الامتيازات».

وأشار إلى أن «الحوثيين يعتقدون أنهم جماعة لها امتيازات إلهية حتى أنهم يطلقون على أنفسهم (أنصار الله)، ومنعهم تزويج بناتهم وأولادهم خارج الدائرة المغلقة إنما هو إجراء طبقي، حيث تعتقد الميليشيات أن الزواج والتزويج خارج هذه الدائرة سيغير ويشوه من شكلها ومكوناتها ويحدث اختراقاً فيها، فهي تنظر لليمنيين بنظرة دونية وأنهم ليسوا من مستواها، وهذا ما أدى إلى اتساع هذه الظاهرة التي يشجبها المجتمع اليمني».

قصة منصور وزينب ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فمثل هذه القصص تكررت خلال الأعوام الأخيرة بشكل كبير وسط حالة من التشدد يظهر فيها أتباع جماعة الحوثي في رفضهم تزويج بناتهم وأولادهم خارج دائرة أسرهم «التي يعتقدون أنها من منزهة عن غيرها من باقي الأسر اليمنية، وهذا الفكر المأزوم لم نكن نعرفه من قبل في اليمن إلا مع ظهور جماعة الحوثي» كما يقول الناشط المحلي فيصل حسان لـ«الرؤية».

وكانت سلطات القضاء اليمنية تساعد الشبان المقدمين على الزواج في إتمام زواجهم إذا واجهوا عوائق مبنية على أفكار طبقية لمناهضة هذا الفكر، والآن ومع تحول هذا الفكر إلى ظاهرة وعرف لدى ميليشيات الحوثي فقد الكثير من الشباب أحلامهم، ولم يعد بوسعهم فعل شيء سوى الاستسلام للأمر الواقع رغم عدم رغبتهم في تقبل ذلك.