الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

التفاصيل الكاملة لصراع قبلي أوقع عشرات القتلى والجرحى أمام مخبز بالسودان

كشفت مصادر طبية وسياسية في مدينة كسلا شرق السودان عن تفاصيل جديدة حول أعمال العنف القبلية التي وقعت أول الأسبوع بين قبيلتي (البني عامر) و(النوبة).

وكانت تقارير قد تحدثت عن وقوع 3 قتلى وإصابة 79 في الاشتباكات التي وقعت في المدينة الواقعة على بعد 625 كلم شرق العاصمة الخرطوم وتم اعتقال نحو 60 شخصاً أثر هذه الاشتباكات، لكن مصادر طبية من مستشفى كسلا أكدت لـ«الرؤية» أن عدد القتلى وصل إلى 10، بينما استقبلت المستشفى 100 جريح.

وعاد الهدوء إلى المنطقة بعد أن نشرت الحكومة تعزيزات أمنية من الجيش والشرطة، وبدأت بوادر صلح بين القبلتين حيث التقى والي كسلا المكلف اللواء ركن محمود بابكر محمد همد، بحضور وفد من هيئة الأركان بالقوات المسلحة، مع أعيان وقيادات أبناء النوبة والبني عامر، وتم التوصل لاتفاق مبدئي بين المكونين.

وأكد رئيس مجلس تنسيق شؤون قبائل النوبة بولاية كسلا هندي عبيد أبو، رغبة أبناء النوبة في عدم إراقة أي قطرة دم من واقع حرمة الدم المسلم مبيناً أن هنالك مساعي مبذولة للتوصل إلى تسوية النزاع.

ورفض كل من تواصلت معهم «الرؤية» من أبناء القبيلتين التصريح معللين ذلك بأن الأمور في طريقها إلى الحل ولا يريدون أن تستخدم تصريحاتهم حجة لتأجيج الصراع من جديد.

وبدأت الأحداث بمشاجرةٍ صغيرة في أحد المخابز بحيّ مكرام الذي تقطنه أغلبية من مكون البني عامر وبين أحد سكان حي كادقلي الذي يشكل غالبية سكانهِ النوبة وتطورت المشاجرة لأعمال شغب بين مجموعات منفلتة، ذكرت مصادر مختلفة أنها تلقت دعماً من منسوبي النظام السابق وهو الشيء الذي أشار إليه رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، في تغريدة على تويتر قال فيها إن الصراع القبلي يتطلب تسريع تعيين ولاة مدنيين وإنشاء آليات للتحقيق في الأحداث ومحاسبة المتورطين.

وعلى الرغم من أعمال العنف هذهِ وقف العديد من المنتمين للقبيلتين في سلاسل بشرية بعدد من الأحياء لوقف اعتداءات بعض المجموعات الإجرامية التي استفادت من حالة الفوضى وقامات بأعمال نهب وسلب واعتداء على المنازل من كلا الطرفين.

ووقعت أعمال العنف هذهِ في مناطق عشوائية يوجد بها بعض الذين يعملون في أعمال غير قانونية مثل التهريب وبيع الممنوعات ولا تتوفر في هذه العشوائيات خدمات المياه والكهرباء.

انفلات وليس نزاعاً قبلياً

وقال حاتم بابكر عضو المكتب التنفيذي لقوى إعلان الحرية والتغيير -التحالف الحاكم- بولاية كسلا لـ«الرؤية» إن بداية أعمال العنف كانت بمشاجرة في أحد المخابز سرعان ما توسع الأمر لاشتباكات أسفرت أعمال العنف طيلة يومين في سقوط 10 قتلى وإصابة قرابة 100 شخص من الطرفين.

ونبه حاتم إلى أن هناك جهات مستفيدة من هذه الاعتداءات وتصويرها كنزاع قبلي، وأضاف: «كنا شهوداً على تضامن كثير من المنتمين للقبيلتين أثناء الأحداث وسعيهم لحل الأزمة ولكن السلطات الأمنية تأخرت كثيراً في حسم الأمور منذ بدايته وهي تتحمل مسؤولية ذلك».

وأشار حاتم بابكر إلى تزامن التوترات الأمنية هذهِ مع إعلان الحكومة السودانية الانتقالية اختيار ولاةٍ مدنيين لولايات البلاد، وقال: «الواضح أن منسوبي نظام الإخوان لا يريدون استقرار الفترة الانتقالية لذلك يثيرون مثل هذهِ المشاكل كلما أعلنت الحكومة عن خططها لإدارة البلاد».

مكونات شرق السودان

من جهته، قال عمر محمود عضو تجمع القوى المدنية -أحد فصائل الحرية والتغيير بولاية كسلا- لـ«الرؤية» إن طبيعة المجتمعات المحلية في شرق السودان تميل إلى التعايش السلمي ولكن منذ نحو عام شهدت مدن القضارف وخشم القربة وبورتسودان توتراتٍ واعتداءات بين مكونات اجتماعية لم يكن معتاداً أن تصل بينها خلافات الأفراد وتصرفاتهم الفردية إلى هذا الحد والدرجة من العنف والدموية.

وأوضح محمود لـ«الرؤية»: ليس هناك تأريخ لصراع بين مكوني البني عامر والنوبة، قبل عام حدثت تفلتات من أفراد القبيلتين في مناطق محددة كما ذكرت سابقاً ودائماً ترتبط بأحداث سياسية في البلاد وتقف خلفها خلايا النظام السابق من الإخوان ولها دور كبير في تأجيج هذه الصراعات، عن طريق تحريك منسوبيها في الأجهزة الأمنية لإثارة الفوضى.

الطرف الثالث

الدكتور خضر الخواض أستاذ علم الاجتماع أكد لـ«الرؤية» أن مجتمعي البني عامر والنوبة بينها تداخل وتعايش وعلاقات اجتماعية ممتدة وأنشطة اقتصادية مشتركة وتوجد كثير من الطرق الحكيمة لحل النزاعات الصغيرة والتفلتات منها المحاكم الأهلية وجلسات الصلح الأهلي وأيضاً اتباع الإجراءات القانونية.

وأشار الخواض إلى أن ما يحدث من نزاعات وانفلات قبلي تستفيد منه مجموعات سياسية واجتماعية كانت تملك السيطرة ولكنها فقدتها بعد الثورة التي أطاحت بنظام الإخوان في أبريل الماضي، مشيراً إلى أن التغيير الذي يمر به السودان يهدد مصالحها لذلك تتحرك في كل مرة لزعزعة المجتمعات الآمنة كلما ذهبت الحكومة الانتقالية في اتجاه بناء هياكل السلطة الانتقالية بخلق بؤر صراع.

وأوضح أن جيوب النظام السابق تتكتل حول خطاب قبلي عنصري وتستفيد من مواقع التواصل الاجتماعي في تأجيج أعمال العنف ويمكن وصف هذه المجموعات بالطرف الثالث.