الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أردوغان يحاول حل أزماته عبر استراتيجية «الصراع مع الجميع»

تزايد التورط التركي في الصراع الليبي لدعم حكومة السراج فيما قال محللون إنه يهدد باستنزاف قدرات تركيا التي تواجه خصوماً يجمع بينهم العداء المشترك لأطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي بات يخوض صراعا "ضد الجميع" وإن كان يخص الإمارات بالعداء لأنها أكبر عقبة أمام مخططات الإسلام السياسي.

وقال رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا أمس الثلاثاء إن حكومة السراج لم تلتزم بوقف إطلاق النار بعدما أعلنت الاستيلاء على قاعدة الوطية بدعم من ميليشيات ومرتزقة جندهم أردوغان.

ونقل موقع أحوال التركي عن جلال هارشوي الزميل الباحث بمعهد كلنجنديل في لاهاي قوله إن التدخل التركي في ليبيا "غير شرعي تماما لكنه يمضي وفق المخطط".

ويقول الباحث في جامعة أوكسفورد صمويل راماني إن روسيا، التي تدعم الجيش الوطني الليبي، ربما تسعى الآن إلى "تحذير أنقرة من أنها قادرة على ممارسة عمليات انتقامية غير متكافئة رداً على الأعمال العسكرية التركية في سوريا، عبر تصعيد متبادل في ليبيا".

ورجح راماني في تصريح لوكالة فرانس برس أن تكون روسيا خلف التقارب بين حكومة دمشق وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر اللذين يتضامنان بمواجهة "عدو مشترك" هو تركيا.

وأضاف أن من شأن ذلك أن "يخلق جبهتين لتركيا ويؤدي إلى استنزاف قدراتها".

وأكد تقرير لمجموعة الأزمات الدولية ان أنقرة صعدت دعمها العسكري لحكومة السراج مدفوعة بمصالحها الخاصة، وهو ما أدى إلى زيادة تعقيد الأزمة الليبية ذات الأوجه المتعددة أصلاً.

وقالت المجموعة إن تدخل تركيا "لم يؤدِ إلى خفض تصعيد الصراع ولا إلى مفاوضات مثمرة بين الفصائل السياسية والعسكرية المتصارعة. بدلاً من ذلك، أدى إلى إطالة أمد الصراع وأصبحت حصيلته أكثر تدميراً."

على حساب الليبيين

وأوضح التقرير أنه بهذا التدخل تخاطر تركيا بالانجرار إلى حرب تتجاوز ما اندفعت بداية لتحقيقه. ويشكل المزيد من التصعيد مخاطرة واضحة تحقق نتائج عكسية بالنسبة لأنقرة وتوابعها تأتي على حساب الليبيين بشكل عام.

ورغم التحذيرات الدولية لتركيا من تصعيد الحرب في ليبيا عبر إرسال العتاد والمرتزقة، إلا أنها لم تستجب، ملقية باللوم على أطراف خارجية وما تصفه بأنه "مؤامرات" تحاك ضدها متناسية أن دورها في الدولة العربية وأطماعها معلنة ولا تخفى على أحد باعتراف أردوغان الذي أكد إرسال قواته إلى هناك في فبراير الماضي.

أحدث التحذيرات الدولية ما صدر عن جير بيدرسون مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، أمس الثلاثاء، حيث أكد أن نقل مقاتلين من سوريا إلى ليبيا أمر "مزعج بشدة".

ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد المسلحين الذين نقلتهم تركيا إلى الأراضي الليبية بهدف القتال إلى جانب ميليشيات طرابلس، بلغ نحو 13 ألفا حتى الآن، من بينهم مجموعة من غير السوريين.

تحقيق الأطماع بأي ثمن

التحركات التركية في ليبيا تؤكد سعي أنقرة بكل السبل لتحقيق أطماعها وأهدافها الاستراتيجية بأي ثمن.

وقال تقرير لموقع المونيتور الأمريكي إن أنقرة ألقت بالكثير من الدعم خلف حكومة السراج لأسباب تتعلق بمصالحها أكثر من مصالح ليبيا، مشيراً إلى مشروع أردوغان الأيديولوجي لدعم جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة.

وأضاف التقرير أن هناك خطراً واضحاً بالنسبة لأنقرة، في وجود حكومة مصالحة وطنية في ليبيا حيث يمكن لهذه الحكومة بسهولة إلغاء مذكرة التفاهم المهتزة بين تركيا وحكومة السراج التي تتيح لأنقرة التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط التي تواجه اعتراضات دولية.

صراع مع الجميع

وتتزامن التطورات في ليبيا مع اخفاق نظام أردوغان على صعيد السياسة الخارجية في السنوات الأخيرة ونشوب خلافات مع عدد من الدول المحيطة بسبب أطماعه ودعمه السياسي لجماعة الاخوان المصنفة كجماعة إرهابية في العديد من دول العالم.

وزاد من حرج وضع اردوغان، أزمة تفشي فيروس كورونا والتي أثرت على الوضع الاقتصادي في البلاد.

وتقول صحيفة لو فيجارو الفرنسية إن تركيا كانت تتوقع نمواً لاقتصادها بنسبة خمسة في المئة العام الحالي لكن توقعات صندوق النقد الدولي باتت تشير إلى انكماش للاقتصاد التركي بنسبة خمسة في المئة وارتفاع معدل البطالة إلى 17 في المئة.

وقال المحلل السياسي التركي جينكيز شاندر في مقال بموقع المونيتور إن هذا الوضع يؤكد حاجة تركيا الى سياسية خارجية مختلفة.

وأضاف أنه يبدو أن تركيا تتبع سياسة صراع مع الجميع، مستشهداً ببيان الخارجية التركية للرد على الإعلان الخماسي المشترك الصادر عن وزراء خارجية مصر واليونان وقبرص والإمارات العربية المتحدة وفرنسا بشأن شرق البحر المتوسط ​​وليبيا.

وأضاف شاندر أن تركيا عند مفترق طرق أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة تتطلب منها انتهاج سياسة مختلفة، معتبراً أن مسار السياسة الخارجية التركية يحير العديد من العقول الرصينة.

ومن جانبه، قال المحلل السياسي التركي جودت كامل، ل "الرؤية"، إن النظام الأردوغاني يعادي الإمارات لأنها أكبر عقبة تواجه المشروع الإخواني في المنطقة، ويظهر ذلك جلياً من خلال تحالفها مع مصر والسعودية لإحباط مشروع الجماعة الإرهابية التي تسعى للسيطرة على بلدان العرب وثرواتهم وتسليمها للخليفة المزعوم في أنقرة.

وأكد أن البيان الخماسي الصادر قبل أيام ضد أردوغان قد استفزه، وهو ما يفسر التلاسن والهجوم الإعلامي التركي على دولة الإمارات.

وقال الباحث في الشأن التركي بالمركز العربي للبحوث والدراسات، مصطفى صلاح، للرؤية، إن أكبر شوكة في حلق العثمانلية الجديدة هي دولة الإمارات لأنها نموذج عربي إسلامي حداثي، اتخذت من التسامح مشروعا، ومن الدفاع عن حقوق العرب وقضاياهم سياسة وضعها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.

وأكد أن هذا النموذج الحداثي للإسلام يتضارب مع مشروع التطرف والظلام الذي تتبناه جماعات الإسلام السياسي وسيدها التركي، مشيراً إلى أن العداوة التي يظهرها أردوغان للإمارات لا تحتاج خبراء سياسة لتحليلها، فمطامعه في الأمة واضحة، واليقظة الإماراتية حاضرة.