الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الاحتجاجات والوباء سرقا أحلام الطلاب العراقيين بالتخرج

الاحتجاجات والوباء سرقا أحلام الطلاب العراقيين بالتخرج

كان من المفترض أن يكون هذا العام عام تخرّج بسمة هيثم بإجازة جامعية وشهادة لغة وماجستير خارج البلاد ربما، لكن الاحتجاجات وتفشي وباء كوفيد-19 العالمي في العراق، سيّرا الرياح عكس مسار سفنها.

تقول الشابة الطالبة في جامعة المستنصرية بالعاصمة بغداد «كنت أحلم بالتخرّج منذ يومي الأول في الجامعة، حتى إنني اشتريت فستاناً زهرياً لحفل التخرج، رغم أنني لا أرتدي الفساتين»، مضيفة لوكالة فرانس برس «الآن لا أعرف متى يمكنني ارتداؤه».

وقد لا يتمكن نحو 150 ألف طالب عراقي من التخرج المفترض هذا الربيع، بحسب المتحدث باسم وزارة التعليم العالي حيدر العبودي، إذ أُغلقت الجامعات أولاً بسبب الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة، وثم بانتشار وباء كوفيد-19.

سيؤدي ذلك إلى تأخير عمليات البحث عن وظائف في بلد تبلغ فيه نسبة بطالة الشباب 36%، ومن المرجح أن ترتفع أكثر مع مواجهة البلاد لأزمة مالية.

كانت بسمة هيثم (23 عاماً) قد خططت بعناية لدراستها، حتى تتمكن من الحصول على وظيفة نادرة في القطاع الخاص في العراق.

وبمجرد أن تتسلح بشهادة في الأدب الإنجليزي، كانت تأمل في الحصول على شهادتَين باللغة، ثم متابعة الماجستير في إدارة الأعمال أو الترجمة الفورية.

لكن الاحتجاجات كانت أسرع، وخرج مئات الآلاف إلى الشوارع في الأول من أكتوبر، موعد بدء السنة الجامعية، مطالبين بمحاربة الفساد وتغيير كامل للطبقة السياسية التي كانوا يتهمونها بالولاء لإيران.

ولتوقف الدراسة، كان للطلاب دور رائد في الإضرابات ونصب الخيم الاحتجاجية بأسماء الأقسام الأكاديمية، وتنظيم مسيرات لدعم الحركة عندما تخفّ الحماسة.

تقول بسمة «في بعض الأحيان كنت أذهب دون علم والديّ».

نتفليكس بدلاً من الدراسة

بحضور عدد قليل من الطلاب إلى الفصول الدراسية، قامت معظم الجامعات بإعادة جدولة امتحانات الفصل الدراسي الأول إلى أواخر فبراير أو مارس، وبدأ ترسيخ استخدام المناهج عبر الإنترنت.

لكن مشكلة أكبر كانت تتبلور في ذلك الوقت، وهي جائحة فيروس كورونا المستجد شديد العدوى الذي اجتاح العالم.

ومع استعداد الطلاب لإجراء امتحانات أُعيدت جدولتها، أغلقت الحكومة كل أماكن التجمعات الرئيسية، بما في ذلك الجامعات، لمنع تفشي الوباء.

وبالتالي، تم تأجيل احتفالات التخرج التي طال انتظارها، وكذلك المنح الدراسية الدولية.

ووفقاً للسفارة الأمريكية في بغداد، لن يتمكن ما بين 200 و250 طالباً كان من المقرر أن يدرسوا في الولايات المتحدة هذا العام، من السفر بسبب القيود المفروضة جراء كوفيد-19.

تقول رنين الخليلي (25 عاماً) التي تدرس هندسة الاتصالات في كلية المأمون في بغداد «لن نعيش جو احتفال التخرج».

ويوضح العبودي أن وزارة التعليم العالي ستعلن عن جدول الامتحانات النهائية «قريباً»، بما في ذلك الإرشادات اللوجيستية للحفاظ على صحة الطلاب.

ولكن بالنسبة لميادة محمد (23 عاماً)، فقد فات الأوان.

فيجب على طالب الفنون الجميلة في جامعة بغداد كي يتخرج، إكمال مشروع النحت النهائي في استوديو الجامعة، المغلق منذ أكثر من شهرين.

تقول محمد لفرانس برس إن «آخر ما سمعناه هو أننا سنبدأ المشاريع العام المقبل، لذلك سنتخرج متأخرين عاماً. لكن البعض منا لا يستطيع تحمل ذلك. نحن بحاجة إلى بدء العمل».

انضمت محمد إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة العام الماضي، لكنها تقر بأن الإقبال الضعيف في الآونة الأخيرة يثنيها عن العودة إلى الشارع.

تقول من منزلها في بغداد «هذا العام انزلق من بين أيدينا الآن نقضي وقتنا بأكمله في مشاهدة نتفليكس» منصة الأفلام على الإنترنت.

بطالة وفقدان للأمل

أكثر من 60% من سكان العراق البالغ عددهم 40 مليون نسمة، هم دون الـ25، ويقدر بأن يزيد عددهم 10 ملايين بحلول عام 2030.

يعتمد معظم الطلاب الأكبر سناً على برنامج التوظيف الجماعي للحكومة من الحقبة الاشتراكية، حيث يتم تعيين الخريجين الجدد في وظائف في القطاع العام المتضخم في البلاد.

لكن الحكومة كافحت من أجل استيعاب الموجات الجديدة من الخريجين في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أثار قلق سجاد مطر، طالب الطب البالغ 22 عاماً.

يقول لفرانس برس «كان من المفترض أن أتخرج هذا العام، لكن قلبي يقول لي إن ذلك لن يحدث».

لم يتم بعد تعيين فئة خريجي عام 2019 من الجامعة الخاصة التي يدرس فيها، في الوظائف الحكومية، ما يجعل تعيينه قبل نهاية عام 2021 أمراً غير مرجح.

وذلك يعني أنه سيبقى في المنزل مع والديه في الناصرية في جنوب البلاد، من دون راتب الـ700 ألف دينار (حوالى 600 دولار) الذي كان يتوقعه.

يقول مطر بمرارة «علاوة على ذلك، ما زالت الجامعة تريد منا أن ندفع مليوناً و750 ألف دينار عراقي (1500 دولار) من الرسوم الدراسية لفصل الربيع. لكن لا يوجد عمل في الناصرية، لقد فقدت الأمل».