الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مخاوف من تصاعد القتال في دارفور بعد انتهاء مهام «يوناميد»

استجاب مجلس الأمن الدولي لطلب السودان سحب رسالة تتعلق بإنشاء بعثة تحت البند السادس لدعم مفاوضات السلام، ليتم الاكتفاء ببعثة تحت مسمى (يونيتامس)، وسط مخاوف من تصاعد القتال في دارفور.

وأصدر مجلس الأمن بالإجماع، مساء الأربعاء، قرارين نصّ أحدهما على تشكيل بعثة سياسية في الخرطوم مهمتها دعم المرحلة الانتقالية بالسودان، بينما الثاني يمدد مهمة بعثة «يوناميد» في إقليم دارفور والمؤلفة من نحو 8000 جندي لغاية نهاية العام على الأقل.

والقرار الذي قضى بتشكيل البعثة السياسية الجديدة أعدّت مسودته كل من ألمانيا وبريطانيا واعتمده مجلس الأمن بإجماع أعضائه.

وينص القرار الذي اطّلعت عليه وكالة «فرانس برس» على أن مجلس الأمن «يقرر، حال اعتماد هذا القرار، إنشاء بعثة أممية متكاملة للمساعدة في المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) لفترة أولية مدتها 12 شهراً».

ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يعيّن سريعاً مبعوثاً لرئاسة هذه البعثة الجديدة.

كانت وزارة الخارجية السودانية كشفت عن تقديم طلب رسمي لرئيس مجلس الأمن لسحب الرسالة واستبدالها بأخرى تتعلق بطلب رئيس الوزراء في فبراير الماضي، لإنشاء بعثة سياسية تحت البند السادس لدعم مفاوضات السلام، وإنقاذ الوثيقة الدستورية.

وعلى غرار القرار الأول فإن القرار الثاني المتعلق ببعثة يوناميد صاغت مسودته كل من برلين ولندن.

ونص هذا القرار على «تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) حتى 31 ديسمبر 2020».

كما نص على وجوب «أن يبقى لغاية ذلك التاريخ عدد بعثة يوناميد، من عسكريين وشرطيين، على حاله».

ووسط مزايدات من عناصر النظام الإخواني السابق في السودان، ورفضها لطلب الحكومة الانتقالية بحجة أن البلد سيصبح محتلاً من قوات أممية، برزت معارضات جدية من محللين يرون أن خروج «يوناميد» في الوقت الراهن يُعرّض إقليم دارفور لخطر كبير وسط تواصل النزاعات المسلحة والاشتباكات القبلية.

فبعد معارك طاحنة بين قوات حكومة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير والحركات المسلحة في إقليم دارفور ووقوع ضحايا بمئات الآلاف، وملايين النازحين واللاجئين، وقّعت حكومة المعزول اتفاق سلام مع بعض الحركات المسلحة في 2006 تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وبدعم من الأمم المتحدة التي كوّنت دائرة عمليات حفظ السلام فيها بعثة الاتحاد الأفريقي بالسودان والتي تعرف اختصاراً بـ«أميس» في يونيو 2007 ونشرت بعثة مختلطة لعمليات حفظ السلام في دارفور من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

وفي 31 يوليو 2007 أنشأ مجلس الأمن، البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لعمليات السلام في دارفور (يوناميد) وفق القرار 1769 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والتي حلت رسمياً مكان (أميس) في ديسمبر 2007.

وتعد يوناميد واحدة من أكبر بعثات حفظ السلام في العالم، وتضم 26 ألف عضو، منهم 19555 جندياً و360 من مراقبين عسكريين وضباط تنسيق، و3772 من مستشاري الشرطة و2660 من وحدات الشرطة المشكلة، إضافة لإداريين مدنيين.

وفي السنة المالية 2016 ـ 2017 تجاوزت ميزانية البعثة مليار دولار أمريكي.

وكان من المقرر أن تنتهي مهمة «يوناميد» في يونيو الجاري، قبل أن يعتمد مجلس الأمن الدولي مشروع قرار تقدمت به كل من ألمانيا وبريطانيا وأيرلندا الشمالية في مارس الماضي يقضي بتمديد مهام البعثة حتى نهاية أكتوبر 2020، على أن تستمر ولايتها حتى مارس 2021.

ويتوقع سفير السودان لدى الولايات المتحدة نور الدين ساتي أن بعثة يوناميد في طريقها إلى الزوال، وستؤول بعض مهامها (التي لم تستكمل) إلى البعثة الجديدة.

وأكد المحلل السياسي والمتخصص في النزاعات المسلحة عبدالرحمن آدم لـ«الرؤية» أن خروج بعثة يوناميد في ظل الظروف الأمنية الحالية من حيث استمرار التفلتات والاشتباكات بين الحركات المسلحة والحكومة ومنتمين للقبائل بالإقليم ستكون له تأثيرات سالبة على الأوضاع الراهنة.

من جهته، أوضح المحلل والمتخصص في قضايا إقليم دارفور عبدالرحمن العاجب أن إنهاء مهام يوناميد بنهاية أكتوبر المقبل دون حدوث تغيير في الأوضاع الأمنية بدارفور وتحقيق السلام سيحدث فراغاً أمنياً كبيراً.

ودافع بابكر فيصل، القيادي في قوى الحرية والتغيير، التحالف المدني الحاكم، عن خطوة الحكومة قائلاً لـ«الرؤية» إن مهمة يوناميد ستتواصل حتى نهاية العام، ورهان الحكومة الدائم هو إحلال السلام قريباً وخلال الأشهر المقبلة، خاصة أن التفاوض مع الجبهة الثورية قطع شوطاً كبيراً.

وأضاف فيصل أن مهمة البعثة الجديدة ستكون مساعدة الانتقال السياسي، بما في ذلك من خلال المساعي الحميدة والمساعدة التقنية لعملية صياغة الدستور والتحضيرات للانتخابات، والإصلاح القانوني والقضائي ودعم تنفيذ أحكام حقوق الإنسان والمساءلة وسيادة القانون من الوثيقة الدستورية.

كما تدعم البعثة الجديدة عمليات السلام وتنفيذ اتفاقات السلام المستقبلية وحماية المدنيين وسيادة القانون في دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).