السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مع اقتراب موعد التخزين.. علامات استفهام حول جاهزية سد النهضة للتشغيل

مع اقتراب موعد التخزين.. علامات استفهام حول جاهزية سد النهضة للتشغيل

أعمال الإنشاءات مستمرة في السد.(أ ف ب)

في الوقت الذي أعلنت فيه مصر عن فشل مفاوضات سد النهضة بعد نحو عقد من المفاوضات، مؤكدة توجهها إلى مجلس الأمن للفصل في النزاع، أعلن الجانب الإثيوبي مضيه قدماً في خطط ملء السد، دون انتظار موافقة أي طرف، في إشارة إلى مصر والسودان.

ومع الإصرار الإثيوبي على المضي قدماً في خططه خلال الأيام المقبلة، يشكك بعض المختصين في جاهزية السد حالياً للملء وقدرته على استيعاب كميات كبيرة من المياه.

أستاذ الأراضي والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، يقول إن هناك مشاكل تخص معامل الأمان الخاصة بالسد نفسه، وهذا الأمر بدأ السودانيون ينتبهون له مؤخراً، لأنه في حالة انهيار السد، ستكون السودان المتضرر الأول من ذلك، أما بالنسبة لمصر فبحيرة السد العالي تستطيع أن تستوعب المياه، خاصة وأن وصول هذه المياه لمصر سيستغرق نحو 17 يوماً.

وأوضح أن مقومات السد الحالية، وفقاً للتقارير الإثيوبية، تشير إلى عدم جاهزية السد للملء بكمية كبيرة، فما تم الانتهاء منه حتى الآن 70%، إذن المتبقي منه كثير، فالـ30% المتبقية كبيرة جداً بالنسبة للسدود النهرية.

وتابع: «حتى الآن البوابات الموجودة أسفل السد كلها مفتوحة، ومكان مجرى النهر لم يغلق، فقد أسس السد في فالق أرضي، ما يجعل سلامة السد عليها علامات استفهام كثيرة، علاوة عن أن الفالق يبتلع المياه، والتربة التي بني عليها السد تسمى ،(apprasive)وهذا النوع من التربة يتآكل، فالمياه كل مرة تنحر فيها حتى تنحدر تحت أساس السد، وربما تتسبب في انهياره، كل هذا يمنع أي تخزين كبير للسد، لذلك إثيوبيا طلبت تخزين كمية صغيرة هذا العام، تبلغ 4.9 مليار متر مكعب فقط».

ويشير أستاذ الأراضي والمياه إلى أن هذه الكمية تعد اختباراً لأرضية خزان السد الإثيوبي، أي اختبار لأرضية بحيرة السد الإثيوبي، إضافة إلى أن هذه الكمية ستخصم مناصفة بين مصر والسودان طبقاً لاتفاقية 59.

ويؤكد نور الدين، لـ«الرؤية»، أن المشكلة ليست في الملء ولا كميتها هذا العام، المشكلة في المبدأ، وهو أن مصر ترفض أن تفرض إثيوبيا إرادتها، بأن تأخذ قراراً منفرداً بتخزين أي حجم من المياه دون التفاوض مع الأطراف المعنية، لأن النهر هو مجرى مائي دولي عابر للحدود وليس من حقها أن تقوم بذلك منفردة.

ويضيف أن السد غير جاهز للتخزين هذا العام، والعام القادم سيكون جاهزاً للتخزين بسعة 15 مليار متر مكعب، أي أنه ما زال هناك عام متبقٍ على أول تخزين حقيقي.

ويقول نور الدين إنه كان من المفترض أن ينتهي إنشاء السد بالكامل في 2017، لكن الأمور تعطلت بسبب مشكلات فنية وخلافات بين الشركة الإيطالية المنفذة والسلطات الاثيوبية.

من جانبه، قال مستشار وزير الري المصري الأسبق، الدكتور ضياء القوضي، إن الإثيوبيين يريدون أن تدفع مصر فاتورة إخفاقها في إنجاز السد، فهم منذ عام 2016، وهم يقولون إن نسبة الإنجاز 70%، ومؤخراً قالوا إنها 73%، وهذا معناه أنه لا جديد، فهذه الضجة الحالية، تعود إلى أنهم لا يعرفون ماذا يقولون للمواطنين الإثيوبيين، الذين ساهموا من أموالهم لسنوات طويلة من أجل إنجاز المشروع.

وأضاف في تصريحات لـ «الرؤية»: بالإضافة إلى ذلك فإن الانتخابات التي كانت مقررة في أغسطس تم تأجيلها وسط معارضة قوية لمخالفة ذلك للدستور، وهناك منافسة قوية لرئيس الوزراء الحالي أحمد أبي الذي يحاول استغلال قضية إنجاز السد لزيادة شعبيته المتراجعة، بسبب المشاكل الاقتصادية والمالية، وفساد الشركات المسؤولة عن بناء السد، وهو يحاول الظهور أمام الشعب بأنه لم يرضخ للضغوط، وأنه ماضٍ في تنفيذ هذا المشروع «القومي»".

وتابع القوصي أن إثيوبيا تسير في قضية سد النهضة وعينها على 3 سدود أخرى هي (كارادوبي، ومندايا، وبيكوأبو)، لأن أي اتفاق ملزم بالنسبة لهم، سيكون ملزماً بالنسبة للسدود الأخرى.

ومن جهته، قال رئيس قسم الموارد الطبيعية، بمعهد البحوث الأفريقية، الدكتور عباس شراقي، لـ«الرؤية»: «إن إثيوبيا في البداية كانت تقول إن السد لتوليد الكهرباء، وإنها لن تحجز المياه وستمررها مرة أخرى بدون خسائر، أما الآن فيتحدثون عن أن لهم حقاً في استخدام المياه، وهذا معناه أنهم يريدون الحصول على حصة، وهم لديهم مشكلة في أن ليس لديهم أماكن ولا زراعة، ومعنى ذلك أنهم يريدون الحصول على حصة رسمية من المياه ومن ثم التنازل عنها فيما بعد بمقابل».

وفي 12 مايو الماضي، ناقش مسؤولون بارزون بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، تقريراً قدمه وزير المياه والري والطاقة، سلشي بيكيلي، بشأن التقدم المحرز في بناء سد النهضة الكبير، بمشاركة مسؤولين آخرين، من بينهم نائب رئيس الوزراء ديميكي موكونين، ووزير الخارجية غيدو أندارغاشيو، ورئيس أركان الجيش الجنرال آدم محمد.

وأشار تقرير الأداء الذي قدمه سلشي، إلى أن الجزء المعني بالهندسة المدنية من السد اكتمل بنسبة 87%، بينما بلغت نسبة التقدم العام المحرز في بناء السد 73%.