الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«مدينة أشباح».. ترهونة شاهد على جرائم مرتزقة أردوغان في ليبيا

«مدينة أشباح».. ترهونة شاهد على جرائم مرتزقة أردوغان في ليبيا

الصراع في ليبيا دمر ممتلكات الشعب.(أ ف ب)

تعيش مدينة ترهونة جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس ظروفاً مأساوية بعد أن استولت عليها ميليشيات حكومة فايز السراج ومرتزقة الرئيس التركي رجب أردوغان عقب انسحاب الجيش الليبي منها منذ ما يزيد على أسبوعين.

ووصف أحد سكان ترهونة الوضع في المدينة، بعد ساعات قليلة من سيطرة حكومة السراج عليها في الخامس من يونيو الجاري بأنها أصبحت «مدينة أشباح»، بحسب تحقيق استقصائي نشره موقع «انفستيغيتف جورنال».

وقال حسام علي، وهو محاسب (26 عاماً) في مقطع فيديو بثه على الإنترنت: «لم يكن لدي إنترنت منذ أكثر من 60 يوماً. كان التيار الكهربائي مقطوعاً والمياه مقطوعة. كان يتم ذلك من الخارج من قبل حكومة السراج، إنه انتقام من ترهونة، لأنهم يعتبرونها موالية للجيش الوطني الليبي. المدينة فارغة للغاية، تبدو وكأنها مدينة أشباح الآن».

وكانت الميليشيات التابعة لحكومة السراج دخلت مدينة ترهونة في 5 يونيو، الجاري بعد انسحاب الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة بن حفتر المتمركز في بنغازي.

دوع إنسانية

وقال الجيش الوطني إن الانسحاب جاء لدواعٍ إنسانية بهدف تجنيب المدنيين المزيد من إراقة الدماء.

وقال مصدر في الجيش الوطني الليبي رفض الكشف عن هويته «جاء التراجع بعد ضغوط متزايدة من المجتمع الدولي. حيث تعرضت ترهونة للهجوم على جميع الجبهات، ورأينا أن اتخاذ موقف في مدينة محاصرة من شأنه أن يعرض حياة 160 ألف مدني للخطر».

وقال المصدر: «كانت حكومة السراج تستخدم سياسة الخضوع عن طريق استراتيجية التجويع في ترهونة. لقد قطعوا الطعام والإمدادات الطبية. كما قطعوا الكهرباء من شبكة الكهرباء الرئيسية، وخدمات الهاتف والإنترنت أيضاً. تم استهداف أي شيء يتم إرساله من بنغازي، من أجهزة التنفس الاصطناعي لمكافحة تفشي جائحة كورونا، إلى ناقلات الوقود. لم يعد بإمكاننا ترك أهل ترهونة يعانون أكثر».

ونزح أكثر من 37 ألف مدني من ترهونة وأعيد توطينهم في سرت وفي مدن الشرق الليبي.

وكان الجيش الوطني الليبي سيطر على ترهونة في أبريل 2019 كجزء من عملية استعادة السيطرة على طرابلس من حكومة فايز السراج. وبعد طلب السراج في ديسمبر 2019، بدأت تركيا في إرسال أسلحة، وعسكريين أتراك، ونحو 13 ألف مرتزق سوري إلى ليبيا لدعم السراج.

سرقة ونهب

ورافق المرتزقة السوريون ميليشيات السراج عندما دخلوا ترهونة وأخذوا يعيثون في المدينة فساداً، وسرقوا ونهبوا كل ما وقعت أعينهم عليه.

وعن الوضع في الساعات التي تلت ظهور المرتزقة السوريين في ترهونة، قال حسام علي: «إنهم يسرقون كل شيء. لقد سرقوا حتى الدجاج الخاص بامرأة مسنة، ثم غادروا وعادوا لسرقة حلق الذهب من أذنيها».

وأعادت عمليات النهب والتدمير تذكير حسام بالسنوات المريرة التي عاشها تحت حكم الميليشيات قبل سيطرة الجيش الوطني الليبي على ترهونة.



وقال حسام: «كانت لدينا صعوبات اقتصادية، لكن الحياة هنا كانت أفضل بكثير عندما كان الجيش الوطني الليبي يسيطر. لقد أصبحت الأمور مستقرة مرة أخرى، وكنا نعيد البناء».

لقد دمرت سنوات من الحرب ترهونة، وكانت عملية إعادة الإعمار بطيئة. في 7 يونيو، وبعد يومين من سيطرتهم على ترهونة، اقتحم مسلحو حكومة السراج مركزاً تجارياً، ونهبوا محتوياته وأشعلوا فيه النيران.

وأكد مصدر من فصيل فيلق المجد التابع لـ«الجيش السوري الحر» المدعوم من تركيا الذي كان ضمن المرتزقة في ترهونة وقوع عمليات النهب.



وقال: «نعم لقد نهبنا. لقد نهبنا أيضاً في طرابلس. إنهم لا يدفعون الرواتب التي وعدونا بها، لذا هكذا نحصل على رزقنا. إذا رأينا شيئاً ثقيلاً أو ثميناً، فإننا نأخذه.

ويعيش غالبية المرتزقة السوريين في منازل المدنيين بعد أن هجرها أصحابها خوفاً من بطش قوات السراج الذين نهبوا هذه المنازل أيضاً.

نموذج داعش

وبعد العاشر من يونيو خرج المرتزقة السوريون من المدينة وجاءت قوات تعرف باسم الردع وهي قوات خاصة تتبع مباشرة وزارة داخلية حكومة طرابلس، لكنها تعمل بشكل مستقل، زعيمها يدعى عبدالرؤوف كارة، وهو شخص متشدد يتبنى أسلوب تنظيم «داعش» الإرهابي.

ومنذ وصولهم إلى المدينة استهدفت ميليشياته بشكل روتيني المدخنين وشاربي الكحول ومتعاطي المخدرات، وتم اتهامهم بعمليات خطف وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء لا تعد ولا تحصى.

وقال أحد المرتزقة السوريين: «إنهم مثل داعش. وهم الآن في نقاط التفتيش، وحتى إنهم يفتشون السيارات بحثاً عن السجائر. يبدو أن الميليشيات الليبية الأخرى تكرههم».

وقال مصدر الجيش الوطني: «تخشى الميليشيات الأخرى من قوات الردع. إنهم مدربون بشكل أفضل ومجهزون بأسلحة أمريكية الصنع. وهم متطرفون. لقد قاتلوا داعش، ولكن لديهم أيضاً عقلية إرهابية».

وكتب حسام علي بعد وصول قوات الردع إنهم ربما يكونون أفضل من غيرهم في إعادة الانضباط الى المدينة، لكنه عاد مرة أخرى ليقول إنه كان مخطئاً في التفاؤل. وتابع: «الميليشيات تحرق المنازل هنا. إنها منازل مملوكة لأشخاص يعتقد أنهم موالون للجيش الوطني الليبي. وما زالوا يسرقون كل ما في وسعهم».



مزاعم المقابر

بعد دخول ترهونة، ادعت قوات حكومة السراج الكشف عن مقابر جماعية في المدينة، مشيرة على الفور إلى الجيش الوطني الليبي و«الكانيات»، وهي ميليشيات محلية، باعتبارهم الأطراف المسؤولة.

في عام 2012، سيطرت الكانيات، وهي ميليشيات تديرها عائلة كاني، على ترهونة، قبل حملة الجيش الوطني الليبي من أجل طرابلس في أبريل 2019، كانت الكانيات موالية لحكومة السراج.

وقال مصدر الجيش الوطني الليبي «دخل الجيش إلى ترهونة في أبريل 2019. ولم نقم بأي عمليات إعدام جماعية من أي نوع. وإلا لماذا لم نفعل ذلك بالمرتزقة السوريين، على الرغم من أن اتفاقية جنيف لا توفر لهم الحماية كأسرى حرب؟».

من المثير للاهتمام أن حكومة السراج عثرت عليها بسرعة كبيرة، رغم أنه لم يكن هناك علامة تشير إلى وجود «مقابر جماعية» عليها. من الواضح أنهم كانوا الجناة»، حسب قوله.

ونفى المتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري أي تورط للجيش الوطني الليبي، وقال إنه يرحب بدعوة الأمم المتحدة للتحقيق في المقابر الجماعية، وأكد اللواء المسماري أن الجيش الوطني الليبي كان يراقب انتهاكات حكومة السراج ضد المدنيين.