الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«القتلة المأجورون».. مرتزقة أردوغان في ليبيا استنساخ جديد لجرائم الاحتلال عبر التاريخ

«القتلة المأجورون».. مرتزقة أردوغان في ليبيا استنساخ جديد لجرائم الاحتلال عبر التاريخ

مرتزقة سورويون قبل سفرهم إلى ليبيا. (أرشيفية)

مع تنامي الأطماع التركية في ليبيا تردد اسم «المرتزقة السوريين» كذراع عسكري لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان لتحقيق أهدافه والسيطرة على موارد وخيرات ليبيا دون الدفع بجنوده مباشرة إلى ساحة المعركة.

هذه الوسيلة التركية تعيد إلى الأذهان صور الاحتلال البغيضة التي عانت منها العديد من دول العالم شرقاً وغرباً وعلى فترات مختلفة من التاريخ الإنساني.

من حروب الإمبراطوريات القديمة إلى غزو العراق وأفغانستان كانت قصص تورط القتلة المأجورين أو المتعاقدين الأمنيين كما تسميهم بعض الدول، مرتبطة بأفعال غير منضبطة، حيث إنهم قوات لا تخضع لعقيدة قتالية أو أي قواعد أخلاقية.

جنسيات مختلفة

وهؤلاء القتلة المأجورون يتدفقون من كل أنحاء العالم، ليست لديهم أي انتماءات قومية أو أيديولوجية، يحكمهم الجشع ويقتلون فقط من أجل المال حتى باتوا عماد الصراعات والحروب بالوكالة في العالم.

ومع بدء الغزو التركي لليبيا، عادت هذه الصورة إلى الواجهة من جديد مع تداول صور الجرائم والنهب والسلب وعمليات الحرق والقتل التي يقوم بها مرتزقة أردوغان في الدولة الواقعة شمال أفريقيا.

والمعروف عن المرتزقة أنهم قتله محترفون يتبعون شركات أمنية والتي من أشهرها «بلاك ووتر» الأمريكية التي برز اسمها مع احتلال العراق، وهناك كذلك «مجموعة فاجنر» الروسية.

أما الحالة التركية فهي مختلفة، حيث استغل نظام أردوغان الظروف المعيشية السيئة التي يعاني منها ملايين السوريين جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 9 سنوات في تجنيد الشباب والأطفال السوريين لتحقيق أطماعه بعد خداعهم بوعود براقة، بحسب تقارير موثقة.

استغلال للظروف

«استغل أردوغان الدعم الذي قدمه لجماعات إرهابية مسلحة في حربها ضد الحكومة السورية في الضغط عليها لتجنيد المزيد من عناصرها وغيرهم من الشباب والأطفال السوريين في مناطق سيطرتهم، وإرسالهم إلى تركيا للتدريب ومن ثم نقلهم إلى الأراضي الليبية»، بحسب الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة والإسلامية، إبراهيم ربيع، الذي قال لـ«الرؤية»: «إن تدهور الأوضاع المعيشية في سوريا تسبب في تحول الكثيرين للقتال من أجل المال ورغم أن بعضهم كان يقاتل في صفوف جماعات مسلحة تدعي القتال تحت راية الجهاد» لأسباب أيدولوجية.

وأضاف أن المرتزقة السوريين الذين يحاربون في ليبيا يختلفون عن غيرهم التابعين لشركات أمنية معروفة بهذا النشاط وتشارك في حروب بالوكالة، حيث تقوم هذه الشركات بتجنيد الأفراد وتدريبهم بشكل جيد على حروب وطرق وأساليب مختلفة، أما الوضع بالنسبة للسوريين مختلف، حيث تقوم تركيا بتجنيد شباب ورجال كُثر منهم من لا يعرفون القتال من قبل، إلى جانب عناصر إرهابية وتزج بهم في الحرب مباشرة.

وأشار ربيع إلى أن الكثيرين من المرتزقة السوريين ذهبوا من أجل المال وآخرين ذهبوا بعدما وعدتهم تركيا بالجنسية وآخرين حلموا بالهروب إلى أوروبا واعتقدوا أن في هذه الطريقة الخلاص من خراب ودمار سنوات الحرب.

المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد مؤخراً، أن عدد المرتزقة السوريين في ليبيا وصل إلى حوالي 15 ألف شخص. ورصد المرصد الذي يوثق الحرب في سوريا، ومقره لندن، شهادات كثيرة لسوريين ذهبوا للقتال في ليبيا وتعرضوا للنصب وأن أنقرة لم تدفع لهم الرواتب التي وعدتهم بها.

شهادات موثقة

كما وثَّق المرصد شهادات تؤكد أن العديد منهم فشلوا في الهروب إلى أوروبا على مراكب الهجرة غير الشرعية. ولم تفِ تركيا بأي من الوعود التي قطعتها لهؤلاء بمنحهم الجنسية التركية.

ويقول رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، خالد عكاشه، إن المرتزقة يحصلون على رواتبهم بالدولار تراوح ما بين 700 دولار للفرد العادي إلى 2000 دولار، ويزيد المبلغ إلى 3 آلاف دولار للقادة.

وأضاف أنه في الحالة الليبية فإن تركيا وعدتهم براتب في حدود 2000 دولار، ولكنهم حصلوا عليه لمدة شهر واحد، وعندما لم يحصلوا على رواتبهم قاموا بعمليات سلب ونهب.

ورقة الصراعات

وأوضح لـ«الرؤية» أن الدول التي تستخدم المرتزقة، في صراعات ليس لها طابع شرعي أو دولي، تخشى من الرأي العام الداخلي لديها، فبعض الدول لا تريد الدخول بمواطنيها لساحات القتال، وبهؤلاء المرتزقة تبتعد عن أعين المحاسبة، وتتمرد على الدساتير والقوانين الدولية وينحرفون عن الشرعية.

ويقول ربيع إن المرتزقة التابعين لشركات وضعهم مختلف، فهم يخضعون لتعاقدات مع الدول والجيوش التي تستعين بهم ولا يمكن النصب عليهم، رغم أنهم يحصلون على مبالغ طائلة ويحققون أرباحاً هائلة.

وأضاف «إنه على سبيل المثال هناك أيضاً مرتزقة إسرائيليون في منطقة البحيرات والقرن الأفريقي، حيث تمدد إسرائيل نشاطها العسكري في العمق الأفريقي للقارة السمراء عبر شركات أمنية، ومن أبرز هذه الشركات شركة «ليف دان» وشركة «الشبح الفضي»، وتتولى هذه الشركات تدريب جيوش رسمية وميليشيات قبلية وحزبية وتسليحها في العديد من الدول الأفريقية ويحصلون على أموال طائلة من الحكومات والميليشيات، وأحيانا يشاركون في عمليات تهريب الماس والبترول وغيرها من الموارد كمقابل لخدماتهم».