الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

الكوكب الأحمر.. تاريخ طويل من البحث عن أثر للحياة

الكوكب الأحمر.. تاريخ طويل من البحث عن أثر للحياة

المريخ.. الكوكب الأكثر استقطابا للاهتمام في المجموعة الشمسية. (أ ف ب)

بفعل التشابه الكبير مع الأرض في بداياتها، يبقى المريخ المكان الوحيد في الكون حيث يمكن للبشر إيجاد آثار محتملة لحياة في الماضي السحيق خارج كوكبهم. وتفتح أنشطة استكشاف الكوكب الأحمر راهناً آفاقاً واعدة أكثر من أي وقت مضى.

وتستفيد 3 مهمات نحو المريخ (من الإمارات العربية المتحدة والصين والولايات المتحدة) هذا الصيف من تموضع فضائي مُواتٍ لإرسال دفعة جديدة من الروبوتات إلى المدار أو على سطح هذا الكوكب الأكثر استقطاباً للاهتمام في المجموعة الشمسية.

وأوضح رئيس وكالة الفضاء الفرنسية جان إيف لو غال، خلال مؤتمر صحفي، مؤخراً أن «للمريخ الأولوية في عمليات الاستكشاف الفضائية لأننا نعلم أنه كان صالحا للسكن قبل مليارات السنوات».

وصممت الوكالة الفرنسية إحدى أهم الأدوات في مهمة «مارس 2020» التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا).

وفيما تبيّن أن القمر «خاوٍ تماما من الحياة»، بدا المريخ «واعداً لناحية مدى أهليته لاستضافة أشكال الحياة منذ القرن الـ17»، إذ أظهرت أولى الملاحظات إمكان وجود مياه مجمدة في القطب الجنوبي، وفق ما أورد عالم الفيزياء الفلكية فرنسيس روكار في كتابه «آخر أخبار المريخ».

وفي 1976، قدم مسباران أمريكيان من برنامج «فايكينغ» للمرة الأولى بيانات ميدانية عن الغلاف الجوي والتربة أظهرت عدم وجود حياة على سطح هذه الصحراء الجليدية الشاسعة. وقال هذا الخبير في المجموعة الشمسية، رداً على أسئلة وكالة فرانس برس: «كان ذلك مفاجأة كبرى» وأدى إلى تباطؤ كبير في مهام استكشاف المريخ على مدى 20 عاماً.

وأضاف «تعيّن تغيير الاستراتيجية، مع عقيدة جديدة هي: الحقوا المياه والكربون والضوء»، وهي العوامل المرتبطة بتشكل الحياة.

وقال عالم الأحياء الوجودية ميشال فيزو إن الأدلة التي ظهرت في مطلع العقد الأول من القرن الحالي عن كميات كبيرة اكتنزها الكوكب الأحمر من المياه السائلة أعادت الشهية للاستكشاف، وكل مهمة منذ ذلك الوقت تقدم «مزيداً من الأدلة على أن المريخ ليس ميتاً بالدرجة التي يظنها البعض».

تاريخ الماء

ويسود ترقب كبير لعمل المسبار «برسيفيرنس» التابع لوكالة ناسا والذي من المتوقع أن يهبط على الكوكب الأحمر في فبراير 2021.

هذه المركبة المكملة لروبوت «كوريوسيتي» الذي يعمل في فوهة على المريخ منذ 2012، ستنشط في بيئة غير مستكشفة بعد وهي فوهة "جيزيرو" التي ستسحب عينات لجلبها لاحقاً إلى الأرض، في سابقة من نوعها.

هذا الحوض البالغ قطره 45 كم قد يكون موقعاً مثالياً لاستكشاف آثار حياة ماضية محتملة، بفعل غناه بالصخور الرسوبية، وخصوصاً مع تضاريسه على شكل دلتا والتي تنسب إلى وجود نهر قديما.

ومن خلال تحليل التركيبة الجيولوجية لفوهة جيزيرو، سيتمكن المسبار من تحديد البيئة الجيوكيميائية، التي نشأت فيها البحيرة ما يتيح فهم «تاريخ الماء»، وفق فرنسيس روكار.

وقال عالم الفيزياء الفلكية: «كان هناك مياه سائلة فعلاً على المريخ، لكن السؤال الذي يؤرقنا هو كم استمر ذلك؟ كلما كانت المدة أطول كان ذلك أفضل لتكوّن الحياة».

ولا تتيح المعارف العلمية المتوافرة حالياً تحديد المدة التي سال فيها الماء في كوكب الأرض حتى تشكلت عليه الحياة، ولا حتى تاريخ ظهورها بدقة.

ويوفر فك ألغاز المريخ تالياً فرصة لكشف حقائق لا تزال غامضة عن كوكب الأرض، كما يفتح الباب أمام محاولة فهم سبب بقاء الحياة على كوكبنا وزوالها عن الكوكب الأحمر، فيما كان كلاهما يحوي ظروفاً مواتية مشابهة قبل 4 مليارات سنة.

عينات حاسمة

على الأرض، تعود أول آثار الحياة إلى 3.5 مليار سنة، أي بعد مليار سنة على نشوئها، لكن «من المؤكد أن الحياة تكونت قبل ذلك بكثير»، وفق خورخي فاغو، الخبير العلمي في وكالة الفضاء الأوروبية، التي تطلق مهمتها الخاصة إلى المريخ «إكزومارس» سنة 2022.

كما أن "تكتونيات" الصفائح الأرضية التي تتيح تجدد قشرة الأرض في العمق باستمرار، تمنع أي حفظ لهذه الحياة القديمة.

لكن هذه الدينامية غير موجودة على المريخ، وبالتالي من الممكن أن تكون أشكال لحياة «أصلية» عمرها أكثر من 4 مليارات سنة قد حفظت في باطن الكوكب.

وماذا إن لم يشهد المريخ يوماً أي شكل من أشكال الحياة؟ الحسم في هذا التساؤل سيعتمد بدرجة كبيرة على العودة المنتظرة منذ عقود لبقايا من المريخ إلى الأرض، إذ سيتمكن العلماء من تحليلها في العمق باستخدام أدوات فائقة الفاعلية.

وأوضح ميشال فيزو قائلاً: «إذا كان هناك أمر ما (دليل حياة على المريخ)، فإننا سنحصل على الجواب اليقين عبر هذه العينات».

غير أن وصول هذه البقايا إلى الأرض لن يحصل قبل 10 سنوات بعد مهمة معقدة. كما أن تفسير الإجابات التي ستقدمها هذه العينات سيكون صعباً.

وثمة مواقع أخرى مرشحة لتكون موئلاً لحياة سابقة خارج كوكب الأرض، بينها قمرا إنسيلادوس وأوروبا التابعين لكوكبي زحل والمشتري. غير أن سحب عينات منها أو حفر طبقتها الجليدية السميكة لا يزال من ضروب الخيال العلمي.