الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تبون وماكرون.. تقارب لا يمحو جرائم الاستعمار الفرنسي

تبون وماكرون.. تقارب لا يمحو جرائم الاستعمار الفرنسي

الرئيس الفرنسي يستعرض حرس الشرف في باريس.(أ ف ب)

شكلت تصريحات الرئيس عبدالمجيد تبون الأخيرة التي قال فيها إن اعتراف فرنسا بجرائمها أهم من التعويضات المالية، مفاجأة للجزائريين معتبرين أنها محاولة للتقرب من الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي ينتمي إلى جيل جديد يسعى للتخلص من تبعات فرنسا الاستعمارية.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون قد بدأ مهام منصبه بعد انتخابات 12 ديسمبر، التي قاطعها الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بتراشق لفظي مع الرئيس الفرنسي ماكرون، وهو ما اعتبره المراقبون آنذاك مرحلة جديدة في التعامل مع المحتل القديم فرنسا.

وطلب وقتها ماكرون من تبون أن يتحاور مع الحراك الشعبي، ورد عليه تبون في أول مؤتمر صحفي له بأنه لا يستحق أن يرد عليه، وقتها كان المؤيدون لتبون منتشين بخطاب قطع العلاقات مع فرنسا الصادر عن قائد أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح، الذي دعم تبون.

وبدأت «الحرب» المعلنة مع فرنسا في التلاشي، واسترجعت الجزائر في عيد استقلالها في 5 يوليو الجاري جماجم 24 شهيداً سقطوا في ساحة الجهاد في السنوات الأولى من الاستعمار فيما يعرف بالمقاومة الشعبية، كانت معروضة بمتحف الإنسان بباريس.

ويرى الباحث في تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية منتصر أوبترون «أن تبون يحاول التقرب من ماكرون الذي جازف وتحدى جماعات الضغط في فرنسا، بإعلان الاستعمار جريمة ضد الإنسانية».

وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أواخر العام الماضي «أن الاستعمار كان خطأ جسيماً ارتكبته الجمهورية ودعا إلى فتح صفحة جديدة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في أفريقيا».

وأشار أوبترون في تصريحاته لـ«الرؤية» إلى محاولة تبون التقرب من ماكرون بقوله «رئيسنا ينعت خلال لقاءات مع قنوات وجرائد فرنسية ماكرون بالمخلص والمستقيم، أتمنى أن يكون ذلك صحيحاً».

وكان تبون قد صرح الأحد الماضي خلال حوار أجراه مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية، بأن «الجزائريين مهتمون أكثر بالاعتراف بالدولة الفرنسية بأفعالها خلال فترة الاستعمار أكثر من الاهتمام بالتعويض المادي».

ويرى أوبترون أنه «تصريح يريد من خلاله تطمين ماكرون بأن فرنسا لن تدفع شيئاً».

وتابع «الشعب لم يطالب باعتذار وإذا قامت به فرنسا فإن الجرائم غير قابلة للعفو أو العذر».

وعن آثار تصريحاته على قاعدة مؤيديه، قال أوبترون: «هو لا مؤيدين له مثل بوتفليقة، وكان يعلن ولاءه الأبدي لبوتفليقة لكنه أعلن أنه كان ضد الخامسة والرئيس مريض عاجز».

ومن جهته يرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور إسماعيل دبش «الأساس أن تعترف الدولة الفرنسية بجرائمها وتدمير وسرقة الموارد الجزائرية وضرب الحضارة الجزائرية ككل، لا كما تدعيه أنها طورت وأقامت الحضارة في الجزائر».

وفسر الأستاذ دبش لـ«الرؤية» تصريحات الرئيس بقوله «قصد تبون أن الأولوية للاعتراف وهي ستفتح آفاقاً للتعويضات طبعاً».

وأوضح المتحدث أن «ماكرون ينتمي لجيل جديد، والذهنيات القديمة الاستعمارية لا تحميه ولا تخدم توجهاته، وماكرون ليس له حزب سياسي ينتمي إليه».

وتابع دبش «الجيل الجديد يريد أن تمحو فرنسا تلك المآسي وتتجه نحو تصحيح علاقاتها ليس فقط مع الجزائر وإنما مع كل مستعمراتها القديمة، لأنه إذا استمرت فرنسا في تجاهل هذا فستخسر كل مستعمراتها السابقة، وستتجه تلك الدول نحو الصين وروسيا والهند، ولن تصبح بذلك فرنسا الطرف الأقوى والوحيد المسيطر على العلاقات في تلك الدول، إذن هي ليست وحدها في الساحة».

وعن قول تبون في نفس الحوار «لقد خسرت فرنسا مكانها الأول كمورد للجزائر، والعودة إلى هذه المرتبة ليس مستحيلاً» أكد إسماعيل دبش «فرنسا منذ 1962 وهي المورد الأول للجزائر ولم تخسر هذه المكانة إلى يومنا هذا، ماعدا في 2013».



اقرأ أيضاً : مسبار الأمل .. من الألف إلى الياء