الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

السودان: تعديل قانون الحريات خطوة نحو طي صفحة الإخوان المظلمة

السودان: تعديل قانون الحريات خطوة نحو طي صفحة الإخوان المظلمة

النظام السابق تسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في السودان. (أ ف ب)

لا تزال بصمات جماعة الإخوان المسلمين أمراً يؤرق السودانيين رغم الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في ثورة شعبية اندلعت قبل عام، ويرون أن طي صفحتهم لن يتم إلا عبر إزالة كل القوانين التي أدخلوها عبر التسلل إلى المنظومة القضائية في البلاد وليس فقط إزالة بعض القوانين.

ونشرت وزارة العدل أمس في الجريدة الرسمية نصوص تعديلات قانونية أقرها رئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان وصفت بأنها إصلاحية.

وطالت التعديلات قانون «الحقوق والحريات الأساسية» المعني بحقوق الإنسان وحرياته كإنصاف حقوق المرأة والطفل عبر إلغاء عدد من المواد التي تحط من قدر وكرامة المرأة كتجريم ختان الإناث والإقرار بحق المرأة في اصطحاب أطفالها في حال السفر خارج السودان وغيرها.

وكانت من أبرز التعديلات أيضاً تلك التي طالت القانون الجنائي الذي فُرض على الشعب من قبل جماعة الإخوان بعد انقلابهم في 1989، واحتوى على نصوص فضفاضة حول العلاقات غير الشرعية ومعاقبة غير المسلمين على شرب الخمر ومعاقبة النساء بتهم مثل الزي الفاضح وغيرها من القوانين غير الدستورية والجائرة.

المحامي والقانوني معز حضرة، أكد أن أزمة السودان بدأت حين أعلن الرئيس الأسبق جعفر نميري، قوانين سبتمبر في عام 1983، واصفاً قوانينه بـ«تلفيقات» جاءت عبر قضاة لا علم فقهياً لهم. وأنها قوانين ذات اجتهادات متطرفة لا تمت بصلة للدين الإسلامي ووجدت لقهر السياسيين.

وقال إن القوانين التي طبقها نميري تختلف قليلاً عن القوانين التي سنها المخلوع البشير وإن كان الدكتور حسن الترابي زعيم الإخوان في السودان قاسماً مشتركاً بين الاثنين.

وأضاف «إن قوانين الترابي ليس لها أصل في الشريعة الإسلامية، فأتى بقانون النظام العام القاهر للشعب»، على حد قوله، مشيراً إلى أن التعديلات التي تمت مؤخراً على هذه القوانين بداية طيبة، وتوقع المزيد من التعديلات لأن النظام القانوني تم العبث به من قبل البشير.

وكان الرئيس الأسبق جعفر نميري أعلن قوانين أسماها (قوانين الشريعة الإسلامية) وعلى إثرها اندلع تمرد في جنوب السودان، وأسست معه الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة (جون قرنق) الذي رفض قوانين نميري، مع طائفة من السياسيين، قائلين إنها تميز بين السودانيين على أساس الدين.

ويرى الكاتب والسياسي الراحل منصور خالد في كتابه (قصة بلدين) أن قوانين سبتمبر التي فرضها نميري بإيعاز من الإخوان المسلمين، ثم انقلابهم في 1989 كانا السبب الرئيسي لتفاقم أزمة الجنوب ثم انفصاله فيما بعد.

من جهتها، تؤكد المحامية حنان حسن حسين، أن أغلب التعديلات ألغت قوانين مقيدة للحريات ومنتهكة لحقوق الإنسان وهددت الوحدة الوطنية وأدت لانفصال الجنوب.

كما فككت القوانين العديد من الأسر وأساءت لسمعتها عبر اتهام الأفراد بتهم مثل الدعارة لمجرد التواجد في أي مكان لأي احتفال يجمع بين رجال ونساء.

وأضافت أن قوانين الإخوان كانت منتهكة لحقوق الإنسان الأساسية والتي تتمثل في تقييد الحركة والحرية الشخصية في الملبس المعتقد وفي كل جوانب الحياة الشخصية.

وأوضحت أن التعديلات تضمنت نقاطاً مهمة مثل إنصاف المرأة والطفل.. حيث جرمت تشويه الأعضاء التناسلية (الختان).. كما اعترفت بحق المرأة في اصطحاب أطفالها خارج السودان.

وأضافت أن هذه التعديلات ستساهم في تعريف السودان كبلد يحترم حقوق الإنسان، ما يمهد لاسترجاع مكانته في الأسرة الدولية.

من جهته، قال المحلل السياسي محمد عبدالعزيز إن القوانين الجنائية الإخوانية صممت في الأساس لتركيع المجتمع السوداني وإخضاعه عبر إرهاب الدولة والقانون، لذلك أتت منافية لقيم حقوق الإنسان وجوهر الأديان السماوية، على حد قوله.

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي هشام فضل الله، أن ردة الفعل المجتمعية تجاه التعديلات لم تكن سيئة كما تصورها الجميع «بمن فيهم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك» الذي ألمح إلى ذلك خلال خطابه في 29 يونيو الماضي، حين قال: (ستتوالى على مسامعكم في الأيام المقبلة عدداً من القرارات الحاسمة في مسار الفترة الانتقالية، وقد يكون لبعضها أثرا كبير - سياسياً واقتصادياً واجتماعياً - وستحاول بعض الجهات عرقلتها.