السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

وسط درجات الحرارة القاسية.. العراقيون بين ويلات الوباء وانقطاع الكهرباء والفقر المدقع

وسط درجات الحرارة القاسية.. العراقيون بين ويلات الوباء وانقطاع الكهرباء والفقر المدقع

ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات قياسية هذا الصيف - حيث وصلت إلى 52 درجة مئوية (125 فهرنهايت) في بغداد الأسبوع الماضي - رويترز

للتغلب على درجات الحرارة القياسية في زمن فيروس كورونا يواجه سكان جنوب العراق، الغني بالنفط، خيارين أحلاهما مر: البقاء في المنزل وتحمل درجات الحرارة العالية في ظل انقطاع الكهرباء لساعات، أو الخروج من المنزل والمخاطرة بالإصابة بالفيروس.

هذا ما يعانيه زين العابدين. أحد سكان ناحية الهارثة في محافظة البصرة، الذي فقد وظيفته بسبب تدابير الإغلاق.

خلال النهار لا يملك زين العابدين سوى الاستماع إلى أنين طفلته حديثة الولادة، التي تبلغ من العمر 4 أشهر، من شدة حرارة لا تطاق. فمن هم على شاكلة زين العابدين، ممن يعيشون في فقر مدقع، لا يستطيعون تحمل كلفة شراء مولدات الكهرباء لتعويض انقطاع التيار الكهربائي الذي يمكن أن يصل إلى 8 ساعات.

وقال «لا حيلة لي للتعامل مع هذا سوى الدعاء».



مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية هذا الصيف - حيث وصلت إلى 52 درجة مئوية (125 فهرنهايت) في بغداد الأسبوع الماضي - عجزت إمدادات الطاقة في العراق مجدداً عن تلبية مطالب العراقيين، مما أدى إلى تجدد الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

فرض العراق حظر تجول صارماً لمواجهة تفشي الفيروس، دفع العائلات لإنفاق المال في شراء الوقود والمولدات وفي حال لم تتمكن من ذلك، فلا سبيل لديها سوى مواجهة جو خانق في المنازل دون تكييف الهواء.

تراجع احتياطي العراق من العملة الصعبة بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط والوباء، ما أثر على قدرة العراق في الاستثمار للحفاظ على البنية التحتية للكهرباء. لم يجد أمامه سوى استيراد الكهرباء من الخارج.

من ناحية، يطالب الإيرانيون العراق بتسديد ديون الطاقة التي قدموها للعراق بالفعل. ومن ناحية أخرى، تدفع الولايات المتحدة بغداد للابتعاد عن إيران وإبرام اتفاقات مماثلة مع حلفاء الخليج، وفقاً لثلاثة مسؤولين كبار في الحكومة العراقية، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم.

امتد انقطاع التيار الكهربائي، الذي تزامن مع قيود الإغلاق، إلى لبنان وسوريا، اللتين تقفان أيضاً على شفير حافة الانهيار الاقتصادي.

في لبنان، يعاني السكان من انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 20 ساعة في اليوم في بيروت رغم ارتفاع معدلات الرطوبة إلى أكثر من 80%، مما عزز الغضب الشعبي تجاه الأزمة المالية الحادة في البلاد. واضطرت المولدات التي تقوم بتوصيل الكهرباء إلى الأحياء للتوقف عن العمل لراحة المحركات وتقنين استهلاك الوقود، مما دفع السكان للعيش على الشموع والمصابيح التي تعمل بالبطارية.

وكما هو الحال في العراق، تحول انقطاع التيار الكهربائي في لبنان إلى وجه ثابت من أوجه نمط الحياة هناك، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التربح والفساد وسوء الإدارة، منذ الحرب الأهلية 1975-1990.

في سوريا، تسبب نحو عقد من الحرب في جعل البنية التحتية في حالة من الفوضى، حيث تنقطع الكهرباء بشكل متكرر.

انقطع التيار الكهربائي الأسبوع الماضي لساعات حتى عندما وصلت درجات الحرارة في دمشق إلى مستوى قياسي بلغ 48 درجة مئوية.

أما في بغداد، فتشهد انقطاعاً يومياً بشكل منتظم.

يجد العراقيون فترة راحة قصيرة الأمد باستخدام حمامات عامة أقيمت في الشوارع.



تسببت الحرارة في انفجار بمستودع أسلحة تابع للشرطة الاتحادية.

يقول أحمد محمد، من سكان بغداد، «ننقل أطفالنا إلى الطابق السفلي، ونرشهم بالماء من أجل التخفيف عليهم».

تعثرت الإصلاحات في قطاع الكهرباء بسبب الاحتجاجات والمصالح الخاصة لشركات المولدات، التي يمتلك بعض أصحابها علاقات بشخصيات سياسية.

أدى الإحجام العام عن دفع الدولة أموال الكهرباء إلى إرباك المسؤولين العراقيين لفترة طويلة.

في صيف عام 2018، أثار سوء تقديم الخدمات احتجاجات مزعزعة للاستقرار في البصرة.

وفي العام التالي، شلت الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة بغداد وجنوب العراق، حيث انتقد عشرات الآلاف الفساد المستشري والذي أعاق توصيل الخدمات، بما في ذلك الكهرباء.

قُتل متظاهران على أيدي قوات الأمن في بغداد الأسبوع الماضي أثناء احتجاج ضد انقطاع التيار الكهربائي.

تعني خطوط الكهرباء المتداعية أن الطاقة باتت أقل 1000 ميغاوات هذا الصيف.

وقال مسؤول بارز بوزارة الكهرباء إن العرض ينخفض الآن بمقدار 10 آلاف ميغاوات دون الطلب.



وقال علي الصفار، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة الطاقة الدولية - ومقرها باريس، «عليك أن تعمل بجد لمجرد الوقوف على قدميك».

ومن أجل البقاء على قيد الحياة في أشهر الصيف، يوصي الصفار بمراجعة فورية للمولدات المستخدمة في المكاتب العامة لمعرفة ما يمكن وضعه ضمن الشبكة الوطنية، حيث يأتي عدد أقل من الأشخاص للعمل بموجب إجراءات الإغلاق.

وقال مسؤولون في وزارتي النفط والكهرباء إن الحكومة نفذت بالفعل إجراءات طارئة لتحويل الطاقة المستخدمة في حقول النفط إلى الشبكة.

يعتمد العراق بشكل كبير على إيران في الطاقة، خاصة خلال فصل الصيف.

لكن النقص في الموازنة أعاق جهود بغداد.

قال مسؤولان حكوميان إنه تم رصد مخصصات عاجلة لتجنب تكرار ما حدث عام 2018، عندما أوقفت إيران الواردات في الصيف بسبب مدفوعات مستحقة.

كما أدى الاعتماد على الطاقة الإيرانية إلى توتر بالعلاقات الأمريكية-العراقية.

من أجل تجاوز عقوبات متتالية واستمرار الواردات، يجب على العراق أن يثبت لإدارة ترامب أنه يتخذ خطوات ملموسة لتأهيل نفسه للتوقف عن الاعتماد على إيران.

قال 3 مسؤولين إن الولايات المتحدة ضغطت من أجل عقد صفقات مع حلفاء في الخليج العربي لتنويع مصادر الكهرباء للعراق.