الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

لبنان بعد استقالة الحكومة: شلل سياسي وطريق مسدود

لبنان بعد استقالة الحكومة: شلل سياسي وطريق مسدود

تهم الطبقة السياسية في خطاب استقالته بمحاولة تحميل الحكومة المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد والفساد في البلاد - رويترز

بعد 6 أيام على انفجار ميناء بيروت الهائل الذي خلف أكثر من 170 قتيلاً وآلاف الجرحى، أعلن مجلس الوزراء اللبناني حسان دياب استقالة حكومته وسط الغضب الجماهيري الواسع من تقاعس الحكومة وسوء الإدارة.

لكن أعضاء المعارضة، والنشطاء الذين احتجوا طويلاً على النظام السياسي الممزق والذي يتخبط في الفساد والمحسوبية، والسكان الغاضبين من فشل الحكومة ويحملونها مسؤولية الانفجار القاتل، يشعرون بالقلق ويرون أن هذه الخطوة غير كافية لإحداث تغيير حقيقي.

وفي الوقت الراهن، أصبحت الحكومة نفسها تتولى تصريف الأعمال مع استمرار جهود الإنقاذ والإنعاش، وتدمير البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والميناء الرئيسي للبلاد وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص.

ولكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟

تقول صحيفة نيويورك تايمز إن استقالة الحكومة لا تعني إجراء الانتخابات بصورة آلية.

وأضافت أن الكثيرين يستعدون لفترة طويلة من الشلل السياسي في حين تتولى الحكومة تصريف الأعمال.

وكان دياب اتهم الطبقة السياسية في خطاب استقالته بمحاولة تحميل الحكومة المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد والفساد في البلاد.

وقال: «إن الفساد متجذر في كل أجزاء الدولة».

ويمكن لمجلس الوزراء المستقيل الاستمرار في الاجتماعات لكن بدون سلطة اقتراح القوانين أو إصدار المراسيم.

وفي ظل النظام اللبناني الحالي، يستطيع الرئيس اللبناني ميشيل عون تعيين حكومة جديدة بالتشاور مع مجلس النواب وبدون انتخابات جديدة.

لكن عون لم يدلِ حتى الآن بأي تصريح بخصوص ذلك، ومن المرجح أن يكون بدأ في التشاور داخل البرلمان الطائفي الذي يقع في قلب شكاوى المحتجين.

وقالت لينا الخطيب رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس البريطاني للسياسية الدولية، إن ضغوط المحتجين قد تسرع من تشكيل حكومة جديدة، لكنها لا تعني أن التغيير سيأتي.

وأضافت: «السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستكون مجرد نسخة من الحكومة القديمة».



ومن المرجح أن تضم الحكومة الجديدة مقاعد وزارية لأسماء من خارج الطبقة الحاكمة، إلا أن هناك فرصة ضئيلة لأن يكون لديهم ما يكفي من السلطة لإجراء تغيير حقيقي.

لا وجود للمساعدة والدعم

حتى قبل حدوث انفجار ميناء بيروت، أدت الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل حاد، ما ترك الكثيرين يواجهون احتمال الفقر والجوع.

ومن غير الواضح الآن من سيتولى مسؤولية عملية التعافي وإعادة البناء الطويلة الأمد في بيروت وفي البلد ككل.



ومع الخسائر التي خلفها انفجار الميناء والتي تقدر بحوالي 10 - 15 مليار دولار، بحسب ما أفاد محافظ بيروت، فقد تستغرق العملية سنوات.

وقالت بسمة طباجة نائبة رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر اللبناني في بيان، إن نصف المدينة تقريباً تعرض لأضرار كبيرة جراء الانفجار.

وأضافت أن ما يقارب 300 ألف شخص فقدوا منازلهم وممتلكاتهم في غمضة عين، وأشارت إلى أن هناك حزناً كبيراً على الذين فقدوا وأن من نجوا يحتاجون الآن إلى دعم هائل.

وأشارت إلى أن الكثير منهم «لحقت بهم إصابات غيرت حياتهم، وكانت هذه الضربة بالنسبة لأهالي بيروت تفوق العديد من الأزمات الأخرى ومن غير المرجح أن يتعاملوا معها بمفردهم».



وعلى الرغم من تعهد الدول المانحة بملايين الدولارات للمساعدة في إعادة عمليات البناء، ووقوف المانحين على أهبة الاستعداد، يشعر الكثيرون بالقلق من أن الجهات الفاسدة في البلاد ستعيق جهود المساعدات.

وبعد الكارثة امتلأت شوارع العاصمة اللبنانية بجيوش المتطوعين المبادرين بإزالة الأنقاض من الشوارع والحطام وإزالة الزجاج المكسور والحطام، وقال الكثيرون إنهم لا يتلقون دعماً يذكر من السلطات.

وقال العشرات من الأشخاص الذين فقدوا أفراداً من عائلاتهم في الانفجار إنهم تلقوا القليل من الدعم، ومن بينهم إيلي حصروتي الذي كان والده غسان يعمل في الميناء وقت الانفجار.

وكتب في تغريدة «أرجأت السلطات بدء البحث عن المفقودين في صوامع القمح في مرفأ بيروت ثم تلقينا نبأً مفاجئاً بأن البحث عن ناجين انتهى بدون أن تقدم لنا دليلاً على مصيرهم.. كفى التخلي عن المسؤولية».

وعلى الرغم من استقالة الحكومة إلا أن الاحتجاجات لم تتوقف، واستمرت في شوارع لبنان، وقال نشطاء إن الاستقالات لم تلبِ مطالبهم بتنازل النخبة السياسية عن السلطة.



ويعتقد الكثيرون أن استقالة الحكومة تركت البلاد في طريق مسدود واجهته من قبل في أكتوبر الماضي، عندما أجبرت الاحتجاجات رئيس الوزراء حينها سعد الحريري على الاستقالة، ولم يتسلم مكانه حسان دياب حتى أواخر يناير.

وقالت مها يحيى مديرة مركز كارينغي للشرق الأوسط ومقره بيروت، إن أصل المشكلة هو نظام مبني لموازنة القوة بين الجماعات الدينية والعرقية المتنافسة بدلاً من تشكيل حكومة فعالة.

وأضافت أن مجلس الوزراء «لم يعمل أبداً كحكومة متماسكة، ويجب على المجتمع الدولي أن يفهم أن هذا هو أحد أسباب وصولنا إلى ما وصلنا إليه».

وقالت إنه من أجل استعادة الثقة يتعين على الحكومة أن تضم أشخاصاً يلهمون الثقة للشعب اللبناني والمجتمع الدولي.

ماذا بعد؟

من المقرر أن يجتمع أعضاء البرلمان اللبناني غداً الخميس على الرغم من أن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة لا يزال بعيد المنال.

وفي الوقت الحالي، سيستمر إسناد العديد من جهود الإغاثة في بيروت إلى المنظمات غير الحكومية والمتطوعين المحليين وجماعات الإغاثة الدولية، وبينما كان الكثيرون يأملون في مستقبل بقيادة حكومة فاعلة فإن الحاجة إلى الإغاثة فورية.



وقالت بولا يعقوبيان النائبة السابقة في البرلمان اللبناني والتي استقالت مؤخراً، إنه حتى عندما كانت الحكومة في وضع السيطرة الكاملة، فإنها لم تعتنِ بمواطنيها، تاركة الكثير من المسؤولية لمجموعات المجتمع المدني والمانحين الدوليين الذين وصفتهم بأنهم القائمون الحقيقيون على النازحين والجرحى بعد هذه الكارثة.

وقالت: «ما نحتاج إليه حقاً بسيط: حكومة مستقلة نزيهة وذات كفاءة». وأضافت: «لقد أظهرت لنا تداعيات الكارثة من يمكنه حقاً خدمة وقيادة هذه الأمة ويجب أن نختار منهم».