السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

نيويورك تايمز: إيران خسرت نفوذها في المنطقة بعد انفجار بيروت ومعاهدة السلام الإماراتية

نيويورك تايمز: إيران خسرت نفوذها في المنطقة بعد انفجار بيروت ومعاهدة السلام الإماراتية

بعد تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني استدعت الإمارات القائم بالأعمال الإيراني في أبوظبي وتسليمه مذكرة احتجاج - رويترز

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً شرحت به كيف تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة مؤخراً وكيف سيتأثر بشكل أكبر بعد معاهدة السلام الإماراتية ـ الإسرائيلية.

وفي التفاصيل توجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بيروت الأسبوع الماضي لتقديم الدعم لميليشيات حزب الله، والتي تعد الميليشيات والجماعة السياسية المدعومة من إيران وتلعب دوراً قوياً في الحكومة، في الوقت التي تعاني من غضب شعبي كبير كرد فعل على انفجار ميناء بيروت.



ولكن بمجرد وصوله أصيب ظريف بالصدمة من المفاجأة الجديدة التي تعرضت لها إيران، بعد إبرام معاهدة السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، واللتين تعتبران من أكبر المنافسين الإقليميين لطهران.

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران مرت بشهر قاس جداً بسبب هذين التطورين وذلك بعد عامين من المعاناة، حيث دفعت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الحكومة الأمريكية الاقتصاد الإيراني إلى الانهيار.

ولم يتمكن الجيش الإيراني من القيام بعملياته العدائية، سوى بالانتقام الرمزي بعد سلسلة من الضربات الإسرائيلية على الميليشيات الإيرانية في سوريا، وبعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة أمريكية في العراق.

وبعد ذلك تم كشف الحكومة الإيرانية وهي تحاول نكران إسقاط دفاعاتها الجوية لطائرة الركاب الأوكرانية، والآن يكافح النظام الصحي الإيراني لاحتواء تفش لجائحة كورونا يعد من بين الأسوء في العالم.

وأشار التقرير إلى أنه لم يكن بوسع ظريف خلال زيارته لبيروت أن يفعل شيئاً أكثر من مجرد التهديد فقط، حيث حذر الدول الأخرى من محاولة توسيع نفوذها في لبنان وسط الفوضى التي تمر بها البلاد الآن، كما اعتبر أن معاهدة السلام هي مجرد مسرحية أمريكية الصنع، بحسب وصفه.



السيناريو الأسوأ لإيران

ومن ناحيته قال إيان بريمر، رئيس مجموعة أوراسيا، وهي شركة رائدة في مجال المخاطر السياسية والاستشارات، إن انفجار ميناء بيروت ومعاهدة السلام الإماراتية ـ الإسرائيلية كانا أسوأ سيناريو بالنسبة لإيران.

وتفاعل الغضب الإيراني بعد ذلك، وصدرت تصريحات مستنكرة لمعاهدة السلام حتى من الرئيس الإيراني حسن روحاني مما دفع الإمارات إلى استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في أبوظبي وتسليمه مذكرة احتجاج.

الغضب الإيراني فسره سياسيون إيرانيون بأن المعاهدة قد تفتح الباب أمام تغيير هائل في المنطقة ليس على هوى نظام الملالي.

في حين أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش أن معاهدة السلام الإماراتية ـ الإسرائيلية قرار سيادي ليس موجهاً إلى إيران.



وقال قرقاش اليوم، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية قرار سيادي ليس موجهاً إلى إيران، نقولها ونكررها. ولا نقبل التدخل في قراراتنا، كما نرفض التهديد والوعيد، سواء كان مبعثه التنمر أو القلق».



وأضاف: «القرارات الاستراتيجية تحوُّلية ولها وقعها وتأثيرها، وقرارنا مستقبلي يعزز موقعنا وتنافسيتنا».

وقال محمد علي أبطحي نائب الرئيس السابق الذي يطلق تصريحات أحياناً مناهضة للحكومة، إنه في نظر الشارع العربي إيران هي العدو الآن.

وقبل عقد من الزمان، كانت تنديدات كبار القادة الإيرانيين بإسرائيل وواشنطن خلال زياراتهم إلى العواصم العربية في جميع أنحاء المنطقة تثير إعجاب الجماهير.

ولكن كان ذلك قبل أن تتدخل إيران للمساعدة في تأجيج الأزمة السورية، وقبل تصاعد التوترات الطائفية التي أثارها التنافس السياسي بين إيران ذات الأغلبية الشيعية وجيرانها من الدول ذات الأغلبية السنية، وقبل موجة من الاحتجاجات من قبل العراقيين واللبنانيين المنددين بالتدخل الإيراني بسياستهم الداخلية.

ومن ناحية أخرى توقع محللون أن تقوم دول خليجية أخرى بما قامت به الإمارات، ومن الدول المرشحة بشكل رئيسي البحرين وسلطنة عمان.

و حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني الإمارات من السماح لإسرائيل بالحصول على موطئ قدم في المنطقة، وقال في خطاب يوم السبت: «احذروا حينها سنتصرف ونتعامل معهم بشكل مختلف».

وعلى الرغم من ذلك لم يقدم المسؤولون الإيرانيون أي إشارة إلى قيامهم بأي سلوك عدائي ضد الإمارات أو في المنطقة، خشية من المخاطرة بقطع العلاقات التجارية أو الدبلوماسية.

وبالنظر إلى العلاقات الاقتصادية الإيرانية الطويلة مع الإمارات وضعف الاقتصاد الإيراني يرى محللون أنه ليس بحوزة إيران أي خيار آخر.

ومن ناحية أخرى يعتقد العديدون أن التأثير الكامل للاتفاق الإماراتي ـ الإسرائيلي على إيران لن يتضح إلا بمرور الوقت.

وعلى الرغم من ذلك فإن التهديد بإجراء تعديل إقليمي لن يؤثر إلا على تعقيد جهود إيران لتعزيز نفوذها من خلال حزب الله في لبنان، وهو بلد يسميه المسؤولون الإيرانيون باسم حدودنا الجنوبية أو حدودنا مع إسرائيل.

وكان ظريف قد قال أمام الصحفيين اللبنانيين خلال زيارته إلى لبنان: «أمن لبنان هو أمننا».



ولكن إذا كانت أسلحة حزب الله التي قدمتها إيران، قد وفرت لطهران بعض الأحيان نفوذاً ضمنياً ضد إسرائيل، فإن الأزمة الداخلية اللبنانية قد استهلكت طاقة الحركة بالكامل، ومنعت أي تهديد من هذا القبيل.



وقالت الباحثة سانام فاكيل من معهد تشاتام هاوس البريطاني إن إيران وحزب الله محاصران الآن نتيجة انفجار ميناء بيروت، ولا يمكن لإيران الاعتماد على حزب الله لإلقاء أية صواريخ على إسرائيل في الوقت الحالي، حيث لا يوجد الآن أي جرأة أو أي دعم لخوض مثل هذه المغامرة.

تهديدات مبطنة

وكان تحذير وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من عدم محاولة أي من الدول لزيادة نفوذها في لبنان، هو تهديد مبطن للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار لبنان وتجول في بيروت وسط شعبه المنكوب، وقاد الجهود الدولية لتمويل عملية إعادة الإعمار، وهو الدور التي كانت إيران تسعى إليه في السابق كراع خيري للبنان.

كما حث ماكرون على تشكيل حكومة تكنوقراطية جديدة، والتي يمكن أن تقلص النفوذ الإيراني ونفوذ حزب الله في لبنان.

في حين وبخ المعلقون الإيرانيون الغاضبون ماكرون للسيطرة على المشهد، واتهموه بنسيان استقلال لبنان عن فرنسا.

ولكن في نفس الوقت أرسل زعيم حزب الله حسن نصرالله ممثلين للقاء ماكرون ورحبوا علناً بالمساعدة.



ومن ناحيته يرى المحلل السياسي الإيراني المعارض صادق زيبالام، أن هناك أوجه تَلاق بين زيارة ماكرون إلى لبنان، وعدم قدرة إيران على وقف الضربات الجوية الإسرائيلية ضد نقاطها في سوريا، واختيار رئيس وزراء عراقي مدعوم من الولايات المتحدة مؤخراً.

وأشار إلى أن طهران ضخت الموارد إلى الميليشيات والأحزاب المتحالفة معها في جميع الدول الثلاث كجزء مما يطلق عليه المسؤولون الإيرانيون «المقاومة» للولايات المتحدة وإسرائيل.

وقال إن النكسات التي حدثت في لبنان وسوريا والعراق الآن تظهر «نتائج استثمار مليارات الدولار في استراتيجية المقاومة».