الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

علماء دين: فتوى حرمان الإماراتيين من الصلاة بالأقصى لا أساس لها في الشريعة

رفض علماء بالأزهر الشريف وأعضاء بمجمع البحوث الإسلامية، فتوى حرمان الإماراتيين من الصلاة في المسجد الأقصى، التي أصدرها مفتي القدس الشيخ محمد حسين، مؤكدين أن لا أساس لها في الشريعة الإسلامية.

قال عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف وأستاذ الفقه المقارن الدكتور عبدالله النجار، إن المسجد الأقصى ليس حكراً على أحد، فلو كان إرثاً لمفتي القدس عن أبيه فمن حقه قول ذلك، وما صدر عنه استخفاف بالدين، وبعقول الناس، فالإمارات اتخذت قراراً من حقها، ولا بد للناس أن تفهم حقيقة الأمر، مشيراً إلى أن دولة الإمارات معروف عنها أنها لا تتاجر بأي قضية.

وأصدر مفتي القدس فتوى حرمان الإماراتيين من الصلاة في المسجد الأقصى في أعقاب معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، والتي تضمنت وقف المخطط الإسرائيلي لضم أراضٍ فلسطينية.

وأضاف النجار في تصريحات لـ«الرؤية»، أن دولة الإمارات برئاسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- لها فضل على الجميع، لافتاً إلى أن الآراء السياسية العنترية هي التي تؤدي إلى الفوضى، فلا يملك أحد أن يمنع دولة أو شعباً عن الأقصى، منوهاً إلى أن المفتى لم يستند إلى الدين في هذه الفتوى، وإنما إلى العاطفة السياسية، وكان عليه أن يربأ بنفسه عن ذلك.

وتابع بقوله إن المسجد الأقصى مفتوح أمام الجميع، ولم يفوّض الله أحداً للسماح للآخرين بدخول بيته أو منعه عنه، مشدداً على ضرورة احترام دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها في قراراتهم، كما لا يجوز لأحد تنصيب نفسه وصياً على شعب ودولة لها وزنها في العالم كله، ولها تاريخها الناصع والنظيف والمشرف في التفاعل مع القضايا العربية والإسلامية.

وأوضح النجار، أنه لا بد من التفرقة بين السياسة والدين، ولا يجوز أن يكون الدين محكوماً بالعواطف السياسية، مطالباً الفلسطينيين بالتفاعل مع هذه المبادرات الإيجابية، والابتعاد عن الظروف السياسية في التعامل معها، وأن يستوعبوا التاريخ ويتعاملوا مع الواقع وفق ما يحقق المصلحة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قائلاً: «ما لا يُدرك كله لا يُترك كله».

من جهته، يقول وكيل الأزهر السابق الدكتور عباس شومان، إن فتوى مفتي القدس لا تستند إلى أي مرتكزات أو قواعد شرعية، مضيفاً أنه باعتباره مختصاً في الفقه الإسلامي لا يرى مسوغاً للحكم بإبطال صلاة شعب دولة مسلمة بكامله في مسجد من مساجد الله، اعتماداً على موقف سياسي اتخذته دولته.

وأشار شومان في تصريحات لـ«الرؤية» إلى أن الفتوى الصادرة عن مفتي القدس انتقائية وغير معتبرة شرعاً، لافتاً إلى أنه من المعروف أن تركيا تجمعها علاقات مع إسرائيل منذ عام 1949، وكانت أول دول إسلامية تعترف بإسرائيل، وهذه العلاقات مستمرة إلى وقتنا هذا ووصلت إلى التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية، ولم نسمع فتوى فلسطينية تُحرّم صلاة الأتراك في المسجد الأقصى.

وأكد رفضه لأي فتوى تمنع أي مسلم من الصلاة في الأقصى، لافتاً إلى أن هذه الفتوى تتعارض مع الضغط القوي من القيادات في فلسطين لإصدار فتوى تطالب المسلمين كافة بزيارة الأقصى والصلاة فيه.

ونوَّه بأنه معلوم لدى أهل الاختصاص أن الفتاوى الشرعية لا تصدر بالتحريم خاصة إلا مع قيام الدليل المثبت لذلك، وليس من الأدلة المحرمة أو المبيحة المواقف السياسية مهما اختلف الناس حولها، مؤكداً أنه لم تصدر في تاريخنا الإسلامي فتوى تمنع شخصاً أو جماعة من الصلاة في أي من مساجد المسلمين، فلا يمكن لعربي أن يقبل التفريط أو التنازل عن الحقوق الفلسطينية، كما لا يقبل تسييس الفتاوى الشرعية، وتحميل فقهنا ما لا يحتمله.

وفي السياق ذاته، تقول أستاذ العقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتورة آمنة نصير، إن فتوى الشيخ محمد حسين لا أساس لها في العقيدة الإسلامية، وبها مغالاة في العداء من شأنها أن تترك رواسب وتمزق مجتمعنا العربي.

ولفتت إلى أن الخطوة التي اتخذتها دولة الإمارات تهدف لإحياء القضية الفسلطينية من جديد بما يعود بالنفع عليها وعلى الأمة العربية بالكامل، مشددة على أنه يجب استغلال هذا التقارب الأخير الذي أحدثته الإمارات لصالح القضية.

وأضافت آمنة نصير في تصريحات لـ«الرؤية»، أن التقارب الذي أحدثته الإمارات مؤخراً بشأن القضية الفلسطينية إذا أُحسن استغلاله سيعود بالنفع على الفلسطينيين، مؤكدة أن فتوى مثل التي أصدرها مفتي القدس هي استغلال للدين لتحقيق أهداف سياسية، وهذا أمر يجب الابتعاد عنه لحُرمته.