السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

من الأحلام إلى الجحيم.. عمال قطر يروون معاناتهم

من الأحلام إلى الجحيم.. عمال قطر يروون معاناتهم

تأخر رواتب العمال قد يصل لمدة ثلاثة أشهر - الرؤية

نقلت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الإنسان، قصة أحد العمال المهاجرين الذين قابلتهم في قطر من أصل 93 عاملاً، وذلك بهدف إعداد تقرير جديد عن انتهاكات الرواتب قبل كأس العالم 2022 في قطر.

وقال العامل المهاجر الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إن تأشيرات العمل وتصاريح الإقامة للعمال المهاجرين مرتبطة بشكل مباشر بأصحاب العمل، وأشار إلى أنه بسبب ذلك يخشى العديد من العمال في كثير من الأحيان من التحدث علناً ضد انتهاكات الرواتب.

ويقول العامل إن حاله مثل آلاف العمال المهاجرين من أفريقيا وآسيا، وظن أنه وصل إلى أرض الأحلام، وقال إنه كان يعلم أن العمل سيكون صعباً، ولكنه كان يعتقد أنه مقابل ذلك سيتمكن من إرسال المال بانتظام إلى عائلته والعيش الكريم.

قال العامل المهاجر «كنت أتخيل أنني سأتمكن من استراق النظر لرؤية المنتخب الإيطالي المفضل لدي، ولكن عندما رأيت الطريقة التي تعامل بها قطر العمال أمثالي أثناء التحضير لكأس العالم 2022، تضاءل حماسي».

وأضاف: «في أرض أحلامي، كل يوم يبدو وكأنه كابوس».

وأشار إلى أن معدل البطالة في بلده الأم كينيا مرتفع جداً، وآلاف الشباب يبحثون عن الوظائف في الخارج، وعندما انتقل صديق له للعمل في قطر مؤخراً في مجال الضيافة بدا له أنه يتمتع بحياة كريمة، وقال إن عدم وجود ضريبة على الدخل والتمتع بالتأمين الطبي كانا من المغريات للقدوم.

ويقول العامل إنه حاصل على درجة البكالوريوس بمرتبة الشرف، إلا أنه لم يجد فرصة عمل مستقرة في بلده، وكان بحاجة إلى الاستقرار.

وعندما تواصل مع وكيل توظيف محلي يعمل على تسهيل التأشيرة وتأمين الوظيفة، طلب منه مقابل تأمين وظيفة حارس أمن مبلغ 1500 دولار كرسوم استقدام، وأشار إلى أن المبلغ كان ضخماً جداً إلا أن والديه عرضا عليه المساعدة معتقدين أن الأمر يستحق، خاصة أنهم في سن التقاعد وكانا بحاجة إلى معيل.

وفي وقت لاحق تبين أن وكيل التوظيف تلاعب بالعامل، وبدلاً من حصوله على عقد عمل بوظيفة حارس أمن، وبعد سداد المبالغ غير القابلة للاسترداد، اكتشف أن تأشيرته وعقد العمل الخاص به يخص وظيفة في مجال التنظيف، وأبلغه الوكيل أنه عندما يصل لقطر يمكنه تغيير وظيفته.

وعند وصوله إلى المطار لم يأت إليه صاحب العمل الذي كان من المفترض أن يقابله، وبعد العديد من المكالمات الهاتفية أمره بأن يركب سيارة أجرة ويذهب لمكان إقامته.

صندوق الأحذية

وصف العامل المهاجر لهيومن رايتس أن غرفته أشبه بصندوق الأحذية، فعندما دخل إليها كان هناك 4 عمال آخرين بدت ملامح البؤس على وجوههم، وكانت الغرفة متهدمة ولا توجد فيها أسرّة، بل يوجد فقط المراتب والأغطية المتسخة والمليئة بالحشرات.

إلا أن العامل قرر أن يكون أكثر تفاؤلاً وتحدث إلى صاحب العمل في صباح اليوم التالي لتغيير وظيفته، وعندما ذهب لمقابلة شركة خدمات أمنية محلية، تلقى عرض عمل مقابل 8 ساعات عمل باليوم وبراتب 1500 ريال قطري أي ما يعادل 412 دولاراً، اعتقد أن ذلك عادل، خاصة أن صاحب العمل سيغطي سكنه وعلاجه.



وأشار إلى أن العامل المهاجر في قطر يحتاج إلى خطاب موافقة من صاحب العمل حتى يمكنه تغيير وظيفته، في حين أن العديد من زملائه أخبروه أنه في معظم الأحيان يستخدم أصحاب العمل السلطة التي لديهم لاستغلالهم بشكل أكبر.

ويضيف أنه استغرق من الوقت للنقل الكامل بشكل قانوني قرابة الشهر وهو ينتظر بدون أجر، وعندما باشر عمله الجديد كان يعتقد أن الوضع بات أفضل، وكان السكن الخاص به دون الحد الأدنى من المعايير، حيث يتكدس 10 عمال في غرفة واحدة، ويتشارك نحو 15 شخصاً نفس المرحاض، ونحو 60 شخصاً نفس المطبخ.

وأشار أنه منذ ذلك الحين عمل في مهام مختلفة، وعاش في أماكن مختلفة، وفي بعض الأحيان كان ينام في المنشأة التعليمية التي كان يحرسها، وأضاف أنه على مدى الشهر الماضي كان يتشارك في غرفته مع خمسة رجال آخرين، وكان الماء يتسرب من أجهزة التكييف إلى أسرتهم، وبقي الوضع كذلك لفترة من الوقت.

تأخر في الرواتب ولا إجازات

وبالنسبة لظروف العمل الصعبة التي عاشها، أكد العامل أثناء حديثه، أنه يعمل لمدة 4 ساعات يومياً من العمل الإضافي فيما يتم تجاهلها ولا يحتسب له أجر إضافي مقابل ذلك، وأشار إلى أنه يعمل 7 أيام في الأسبوع دون يوم عطلة، وتتأخر الأجور لمدة تصل إلى 3 أشهر، وفي الوقت الحالي لا يحصلون على بدل الطعام.

وأشار إلى أن راتب شهر مارس تقاضاه في يونيو وراتب شهر أبريل تقاضاه في يوليو فيما لم يتقاض حتى الآن أجر شهر مايو ويونيو ويوليو.

وأضاف أنه في كل يوم يتأخر راتبه يغرق في الديون، لأنه يرسل 1000 ريال قطري أي ما يعادل 275 دولاراً شهرياً إلى عائلته، ولا يوجد أمامه خيار سوى اقتراض المال للحصول على الطعام.

وأكد العامل أنه يعيش في قطر منذ 6 أشهر، وحتى اللحظة لم يحصل على بطاقة الهوية القطرية التي تعد إلزامية للعمال، وأخبره زملاؤه الموظفون أن إصدار البطاقات يستغرق من 8 إلى 10 أشهر، مما يمنعه من تقديم أي شكوى لوزارة العمل أو حتى الخروج من مسكنه دون المخاطرة بالاعتقال.

ومنذ قدومه حتى اليوم لم يحصل على يوم عطلة واحد، وأشار إلى أن يوم العطلة سيكلفه 50 ريالاً قطرياً، وهو بحاجة ماسة لبضعة أيام ليزيل التعب والإرهاق، كما أنه بحاجة ماسة ليتقاضى رواتبه الكاملة، ليسد احتياجاته ويعيش حياة كريمة.

وحتى التغطية الصحية حصل عليها بعد مضي 5 أشهر على الرغم من وجود جائحة كورونا، وحتى معدات الحماية الشخصية لا يحصل عليها بشكل منتظم من قبل شركته.

وأشار إلى أنه وزملاءه يشجعون بعضهم من وقت إلى آخر عند الوصول للانهيار، ويعتقد العامل أن إجراءات إصلاح قوانين العمل التي تتحدث عنها قطر باستمرار يبدو أنها حبر على ورق فقط، حيث إن معظم الناس يعانون من الظلم، والتقسيم الطبقي الصارخ في قطر.

يشجعني زملائي في العمل عندما ينال مني الإحباط. نحن نفهم التحديات المنهجية التي يواجهها العمال يومياً.