السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

السرقة والإهمال.. تفاصيل صادمة حول انفجار بيروت

السرقة والإهمال.. تفاصيل صادمة حول انفجار بيروت

المنطقة المحيطة بالمستودع رقم 12 في المرفأ، قد شهدت حركة غير مسبوقة في الأيام التي سبقت الكارثة - أ ف ب

يوم بعد يوم تتكشف أمور جديدة حول الانفجار الهائل الذي ضرب ميناء بيروت وتسبب في دمار هائل ووقوع آلاف الضحايا الأبرياء في العاصمة اللبنانية.

آخر هذه التفاصيل الجديدة ما كشفت عنه صحيفة «واشنطن بوست» من أن المنطقة المحيطة بالمستودع رقم 12 في المرفأ، وهو المخزن الذي كان يحتوي على 2750 طناً من نترات الأمونيوم التي كانت مصدر الانفجار الهائل، قد شهدت حركة غير مسبوقة في الأيام التي سبقت الكارثة.

وخلف انفجار المستودع الواقع في ميناء بيروت دماراً هائلاً في المدينة، حيث دمر العديد من الأحياء المكتظة بالسكان، وقتل ما يقرب من 200 شخص، وجرح أكثر من 6000 آخرين.



وقالت الصحيفة الأمريكية إن المحكمة العليا في لبنان أمرت بإرسال 3 عمال لإصلاح باب مكسور وسد فجوة في الجدار الجنوبي للمستودع والتأكد من إغلاق جميع الأبواب الأخرى بإحكام، ووفقاً للوثائق التي حصلت عليها الصحيفة فإن أعمال الإصلاح استمرت حتى ظهر يوم الانفجار.

وكانت هذه المرة الأولى منذ أن رست السفينة التي تحمل نترات الأمونيوم في بيروت عام 2013 التي تتخذ فيها الحكومة خطوات ملموسة لتأمين المواد الخطرة، وأشارت الصحيفة إلى أن خوف المسؤولين كان من احتمال سرقتها وليس لحمايتها من الانفجار، إذ لم يكترثوا لخطورة وجودها في العاصمة على مقربة من المنازل والشركات.

القلق من سرقتها وليس منها

وقالت «واشنطن بوست» إنه بدلاً من حماية المواد، قد يؤدي إغلاق الفجوة في المستودع إلى زيادة خطر وقوع كارثة، إذ قد يجعل نترات الأمونيوم محصورة في المستودع بإحكام شديد لدرجة أنه عندما تم استدعاء رجال الإطفاء بعد ظهر يوم 4 أغسطس لم يتمكنوا من الدخول لإخماد الحريق.

ومن ناحيته، قال العقيد نبيل خانكرلي رئيس الإطفاء في بيروت، إن موظفي الميناء الذين لربما كانت مفاتيح المخزن بحوزتهم كانوا قد عادوا إلى بيوتهم، ولم يتسنَ لرجال الإطفاء فتح المستودع.

كان في داخل المستودع مزيجاً ساماً من المواد الكيميائية والمتفجرات - بما في ذلك كيروسين وزيت الديزل، و 25 طناً من الألعاب النارية وصمامات انفجارية من النوع المستخدم في المناجم، والمحاجر والمذيبات المستخدمة في إزالة الطلاء - والتي تم تخزينها بجانب نترات الأمونيوم، بحسب غسان عويدات، المدعي العام اللبناني.



وأمر عويدات بصفته قاضياً بإغلاق المستودع استجابة لطلب من جهاز أمن الدولة في البلاد. وأشار إلى ذلك في الجرد الرسمي الذي استعاده المحققون منذ ذلك الحين من سجلات الميناء.

وقالت الصحيفة إن الانفجار جاء بعد 7 سنوات من الإهمال الرسمي وعدم الكفاءة واللامبالاة بخطورة هذه المواد.

وأكد عويدات الذي خضع للتحقيق بسبب عدم اتخاذ إجراءات حاسمة قبل الكارثة، أنه لم يتم إخطاره بمحتويات المستودع، أو المخاطر الكاملة التي قد تنتج عن نترات الأمونيوم عندما طلب منه جهاز أمن الدول الإذن لتأمين المنشأة.



وأشار إلى أنه تم الاتصال به من جهاز أمن الدولة وقالوا إنهم يخشون من السرقة وأخبروه بوجود نترات الأمونيوم فقط ولم يخبروه بوجود مواد أخرى، فأصدر الأمر بتأمين المكان وإغلاقه حتى لا يتمكن أحد من سرقته.

وأشار تقرير تم إرساله إلى مكتب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء صادر عن جهاز أمن الدولة بتاريخ 20يوليو، إلى أن السرقة كانت الأمر الوحيد الذي يهتم لأمره المسؤولون.

وأشار الخطاب إلى أن هذه المادة خطيرة وتستخدم في تصنيع المتفجرات، وفي حال تمت سرقتها يمكن للسارق استخدامها في تصنيع المتفجرات.

وفي مكان آخر أشار التقرير إلى احتمال وقوع كارثة في حال انفجرت النترات، ولكن التركيز الأكبر كان على مخاطر السرقات.

كما أضاف التقرير أن الفتحة الموجودة في جدار المستودع والباب المكسور، سيسمحان لأي شخص بالوصول إليها.

تساؤلات بدون إجابات

وحتى اللحظة لا يزال المحققون يجهلون السبب الأولي للحريق الذي تسبب بالانفجار الهائل، وأحد الاحتمالات التي يجري التحقيق فيها هو أن الشرارات الصادرة عن عملية اللحام أثناء عملية الإصلاح التي قام بها عمال الذين هم الآن قيد الاعتقال، ربما كانت السبب الرئيسي في إشعال الحريق.

وقال شخص قريب من التحقيق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن 3 عمال سوريين عملوا في الموقع من 31 يوليو حتى يوم الانفجار لكنهم غادروا بالفعل إلى منازلهم عندما وقع الانفجار وهم الآن قيد الاحتجاز ويجري التحقيق معهم.

ومن ناحية أخرى يحقق مسؤولون أمنيون فيما إذا كان قد تم إشعال الحريق عمداً لإخفاء أدلة على سرقة نترات الأمونيوم التي كان جهاز أمن الدولة يحقق بها.



ويرى المحققون أن هناك العديد من الأسئلة التي لا تزال دون إجابات، كصاحب الشحنة ووجهتها الحقيقية، وما إذا تم تحويلها عمداً إلى بيروت ربما نيابة عن أحد أطراف الحرب في سوريا المجاورة.

وقالت الصحيفة إن العديد من المحاولات المتقطعة جرت على مر السنين من قبل مختلف المسؤولين في سبيل إزالة الشحنة من الميناء، لكن البيروقراطية منعت ذلك.

وأشارت معظم الالتماسات المقدمة إلى القضاء إلى أن شحنة نترات الأمونيوم كانت خطيرة، وأشار البعض إلى أنها تشكل تهديداً على سلامة موظفي الميناء، إلا أنه لم يشر أي منهم إلى الخطر الذي تشكله على الأحياء المجاورة.

كانت مادة نترات الأمونيوم دخلت إلى بيروت عبر سفينة تدعى إم في ريسوس، وتحمل علم مولدوفا، ويملكها شخص روسي، يدير شركة مسجلة في بنما، وكانت السفينة متجهة من جورجيا إلى موزمبيق، لكنها توقفت في بيروت في 16 نوفمبر 2013، وعلى متنها حوالي 2750 طناً من نترات الأمونيوم. وجاء في وثيقة إشعار الوصول «مواد خطرة»، التي ذكرت أن السفينة تنوي البقاء في بيروت ليوم واحد فقط لنقل شحنة إضافية من 5 حاويات شحن و8 شاحنات.

أثبتت الشحنة الإضافية أنها ثقيلة جداً على السفينة، وفقاً لبيان أدلى به القبطان لوسائل الإعلام. ووضعت السفينة في الميناء، وبعد شهر استولت عليها السلطات اللبنانية، مستشهدة بادعاء أحد الدائنين بأن مستأجر السفينة مدين لهم بالمال. وبعد 6 أشهر، أجاز القاضي للمسؤولين تفريغ نترات الأمونيوم لأن السفينة كانت مهددة بالغرق، بحسب أمر محكمة بتاريخ 27 يونيو 2014.

أمل ضئيل في المحاسبة

ومن ناحيته قال رياض قبيسي وهو محقق صحفي في قناة الجديد اللبنانية، إن جميع الفصائل السياسية اللبنانية، تحافظ على تواجدها في المرفأ الذي يستخدم لأغراض التهريب والرشاوى.

ولا يستبعد قبيسي عدم علم المسؤولين بالمخاطر التي تمثلها الحمولة حيث قال: إنهم أغبياء بما يكفي لوضع الألعاب النارية بجانب نترات الأمونيوم، كما أنهم أغبياء بما يكفي لعدم معرفة مدى خطورتها وأضاف: «لقد تعاملوا معها وكأنهم غير مدركين».



وصرح مسؤول رفض الكشف عن هويته، أن أحد الأمور التي يتم التحقيق بشأنها هو ما إذا كان يتم بيع نترات الأمونيوم بكميات صغيرة، ويرجح مسؤول أمني رفض الكشف عن هويته أيضاً أن يكون الثقب الصغير الذي تم إحداثه بالجدار والذي أمر القاضي بإصلاحه قد يكون بفعل فاعل.