يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغلال أي فرصة من أجل اللعب على مشاعر البسطاء في الدول العربية والإسلامية بمزاعم دعم القضية الفلسطينية، مصوراً نفسه على أنه راعي القضية التي تهم المسلمين في كل أنحاء العالم رغم أن الهدف النهائي لهذه التحركات هو المصالح.
في هذا السياق قال موقع «المونيتور» الإخباري إن تركيا لم تهتم لانتقادات أمريكا وإسرائيل عقب اجتماع الرئيس أردوغان مع قيادة حماس، بل إن العلاقة لا تزال قوية بين الطرفين.
وبحسب تقارير عدة فقد شهدت العلاقة بين حماس وتركيا مؤخراً تطورات سياسية وإعلامية بالتزامن مع الأحداث الإقليمية المتسارعة على الساحة الفلسطينية الداخلية وسياسة تركيا الإقليمية.
وفي 25 أغسطس الماضي أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً انتقدت فيه الاجتماع الأخير لأردوغان مع مسؤولي حماس في إسطنبول.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية أن «الولايات المتحدة تعارض بشدة استضافة الرئيس التركي أردوغان لاثنين من قادة حماس في إسطنبول في 22 أغسطس الماضي، كما وصف البيان قادة حماس الذين استضافهم أردوغان بأنهم مصنفون كإرهابيين عالميين بشكل خاص».
والتقى وفد تابع لحماس برئاسة إسماعيل هنية أردوغان في 22 أغسطس في قصر وحيد الدين في إسطنبول، وناقش الوفد تطورات القضية الفلسطينية، في حين أشاد هنية بدور تركيا في دعم الشعب الفلسطيني كما هنأها على الاكتشاف الأخير لحقل الغاز في البحر الأسود وتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد.
وضم وفد حماس نائب رئيس الحركة صالح العاروري، وزعيم حماس في الخارج ماهر صلاح، ورئيس مكتب حماس للعلاقات العربية والإسلامية عزت الرشق، وممثل حماس في تركيا جهاد يغمور.
وحضر اللقاء رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان، ورئيس دائرة الاتصال الرئاسي فخر الدين التون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كلان.
تركيا تدافع عن الإرهاب
ومن ناحيته، ندد هامي أكسوي المتحدث باسم الخارجية التركية بتصريح وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، واعتبر أن البيان الأمريكي تجاوز الحدود بتسمية ممثلي حماس بالإرهابيين.
ومن ثم قال الناطق باسم حماس حازم قاسم في بيان، إن تصريحات واشنطن تعكس الترهيب الأمريكي لدول المنطقة وإنها جزء من العدوان الأمريكي على الفلسطينيين وقضيتهم.
ليس اللقاء الأول
وأشار الموقع إلى أن هذا اللقاء يعتبر ثاني لقاء بين أردوغان وهنية في تركيا لهذا العام، حيث التقى الاثنان في فبراير الماضي، عندما ناقشا صفقة القرن الأمريكية.
وكان هنية قد وصل من قطر إلى تركيا في 12 أغسطس الماضي، وسعى إلى تكثيف اتصالاته مع الجهات الرسمية والشعبية والإعلامية التركية.
مصالح مشتركة
ومن ناحيته قال حسام الدجاني وهو أستاذ في العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة للمونيتور: «تستفيد كل من حماس وتركيا من العلاقات الثنائية بين الطرفين، حيث تعزز حماس موقعها الإقليمي والدولي وتحصل على دعم جيد لقضيتها الفلسطينية، أما تركيا فهي تعزز نفوذها في الساحة الفلسطينية».
وأضاف الدجاني أن حماس تسيطر على قطاع غزة المطل على البحر الأبيض المتوسط حيث تطمع تركيا في توسيع نفوذها، وأكد أن هناك قواسم أيديولوجية مشتركة بين حماس وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بينما يتبع كلاهما أجندة الفكر الإخواني.
وأكد الدجاني أن تركيا لن تتخلى عن علاقتها مع حماس، بل يرجح أن تزدهر العلاقة وتدوم.
ووفقاً لوكالة رويترز، صرح روي جلعاد القائم بالأعمال الإسرائيلي في تركيا، بأنه في 26 أغسطس منحت تركيا جنسيتها لـ12 من أعضاء حماس دون الكشف عن أسمائهم، وأكد أنهم كانوا يمولون ويخططون لنشاط إرهابي مسلح ضد إسرائيل من إسطنبول، على حد قوله.
وزعمت جهات إسرائيلية في عام 2019، أن تركيا طلبت من حماس تقليص أنشطتها العسكرية ضد إسرائيل من أراضيها، وذلك في أعقاب انتقادات أمريكية وإسرائيلية لأنشطة حماس هناك.
ومن ناحيته قال وزير الصحة السابق وعضو مكتب العلاقات الدولية في حماس باسم نعيم للمونيتور إن تركيا ترى حماس عنصراً أساسياً في الخريطة السياسية الفلسطينية، وأوضح أن حماس يمكنها رفض أي حل لا توافق عليه لأنها منتخبة ديمقراطياً.
وأضاف نعيم أن العلاقة بين حماس وتركيا، علاقة استراتيجية وقائمة على المصالح المشتركة، حيث تزود تركيا الحركة بالدعم السياسي والدبلوماسي، في حين أن تركيا تمتلك المنظمات الإغاثية والخيرية التي تعمل في الأراضي الفلسطينية.
وأشار التقرير إلى أنه في نفس الوقت ستبقى أنقرة تحت الضغط الأمريكي الإسرائيلي الهادف إلى تقييد علاقاتها مع حماس، وهو الأمر الذي يقلق حماس على الرغم من الالتزام التركي معها.
وفي الوقت نفسه تحرص تركيا على عدم تعريض علاقاتها الخارجية للخطر بسبب تقاربها من حماس، وهذا ما يجعل العلاقة بين الطرفين تعتمد على المصالح المتبادلة وتقتصر على الدعم السياسي والإعلامي تماماً كعلاقة قطر وحماس.
ورغم ذلك لم تغامر تركيا يوماً بعلاقاتها مع إسرائيل التي تشهد نمواً منذ أن بدأت عام 1949، عندما اعترفت أنقرة بدولة إسرائيل، وحتى عند وصول حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان للحكم عام 2002، عمل النظام على تعزيز الاتفاقات السابقة مع الدولة العبرية، وظلت تركيا تقوم بهذا الدور المزدوج في الدعم الإعلامي للقضية الفلسطينية عبر دعم حماس فيما يتواصل التعاون العسكري والصناعي مع إسرائيل.