الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

سفر برلك.. جريمة عثمانية في الحرم النبوي

سفر برلك.. جريمة عثمانية في الحرم النبوي

مؤرخون: كان الأتراك يقتحمون البيوت ويختطفون سكانها. (شاترستوك)

كانت مأساة إنسانية ومذبحة للهوية وسرقة للتراث ومحاولة لتشويه صورة إحدى أطهر بقاع الأرض، هكذا تعددت أوصاف المؤرخين لما يعرف بـ«سفر برلك» أو كارثة التهجير الجماعي القسري التي طبقتها الدولة العثمانية في حق الآلاف من البشر في المدينة المنورة.

في اللغة التركية تعني كلمة «سفر برلك» السفر أو الترحيل الجماعي، وفي بلاد الشام تشير على تجنيد العثمانيين قسرياً الشباب للزج بهم في أتون الحرب العالمية الأولى، إلا أنها في تراث المدينة المنورة تعني جريمة إنسانية متكاملة الأركان ما تزال أهوالها غائرة في ذاكرة سكان المدينة جيلاً بعد جيل.

وفقاً لكتاب «سفر برلك.. قرن على الجريمة العثمانية في المدينة المنورة» للكاتب السعودي محمد الساعد، فإنه وفي عام 1915 ترجل عدد كبير من الجنود الأتراك في المدينة المنورة قادمين من إسطنبول ومدججين بالسلاح والفظاظة، حيث «كانت الأوامر الصادرة لهم من فخري باشا قائدهم العسكري هي القيام بعملية تهجير قسرية وقاسية ومروعة لكل رجل يلاقونه أو امرأة أو طفل» وذلك استباقاً للأحداث المتسارعة في الأقاليم العربية التي باتت تنشد الخلاص من ظلم الحاكم التركي.



وحسب مؤرخين، خلفت حملة «سفر برلك» في المدينة المنورة خلال 5 أعوام فقط، مدينة منكوبة يسكنها ألفا جندي تركي وبضع عشرات من النساء والأطفال نجوا من الترحيل، حيث تعرضوا لمجاعة قاسية اضطرتهم لأكل حشائش الأرض.

وحسب الروايات المتداولة بين سكان المدينة، فقد كان الأتراك يقتحمون البيوت ويختطفون سكانها ليجروهم عنوة إلى عربات «قطار الحجاز» الذي كان ينقلهم نحو وجهات عشوائية في تركيا أو بلدان أخرى.

ولم تقتصر ممارسات القائد التركي فخري باشا على تهجير السكان، بل امتدت لتشمل محاولة تحويل الحرم النبوي إلى قلعة عسكرية ومخزن للسلاح، وترحيل كنوز نبوية لا تقدر بثمن نحو تركيا.

وفي وصفه لتداعيات الكارثة التركية، يقول الباحث السعودي سعيد طوله في كتابه «سفر برلك وجلاء أهل المدينة»، «كانت مأساة نُقشت في أذهان المدنيين، حتى صارت حديث المجالس بينهم، وحدثاً يؤرخون به أحوالهم.. ليحكوا لأولادهم قصص الثكالى واليتامى والأُسَر التي تبددت بالرحيل والجوع والوباء والموت».