الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

قيادات الرفض والفرص الضائعة.. السبب الأول لأزمة الفلسطينيين

يبدو أن السلطة الفلسطينية لا تدرك الخسائر المتوالية للقضية الفلسطينية في ظل سياسة «المقعد الشاغر» في عملية السلام ورفض فرص السلام المتوالية لتتآكل معها العروض المطروحة لإيجاد حل نهائي.

ومنذ رفض معاهدة السلام الأولى في كامب ديفيد، لم يتعلم قادة الفصائل الفلسطينية الدرس. ولم يتغير موقف السلطة الفلسطينية بعد فشلها في نيل موافقة جامعة الدول العربية على مشروع قرار ينتقد معاهدة السلام الإماراتية. وتكررت القرارات الخاطئة على مدى سنوات القضية الفلسطينية ليدفع الشعب الثمن. وفسر محللون هذا السلوك الرافض والقرارات الخاطئة بأنه أقرب إلى تفكير وسلوك قادة ميليشيات وجماعات أكثر من كونه سلوك قادة مسؤولين عن شعب ويسعون لتكوين دولة.

ورغم أن معاهدة السلام الإماراتية كانت بمثابة أول ضغط حقيقي على إسرائيل، وأجبرها على وقف مخطط الضم ما يعد أكبر مكسب للفلسطينيين منذ اتفاق السلام الإسرائيلي الأردني منتصف التسعينات، إلا أن السلطة الفلسطينية لم تتجاوب مع الأمر وكل ما فعلته هو النقد والرفض.


ولا تعد مبادرة السلام الإماراتية هي الفرصة الوحيدة التي تعترض عليها السلطة الفلسطينية بل هناك العديد من الفرص التي خسرتها الشعوب الفلسطينية نتيجة اعتراض السلطة.


كامب ديفيد

اتفاقية «كامب ديفيد» وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، في منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة عام 1978 بحضور الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.

تضمنت الاتفاقية انسحاب إسرائيل على مراحل من شبه جزيرة سيناء المصرية، وإنشاء حكم ذاتي فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لكن الاتفاقية قوبلت بالرفض من منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها حينها.

الغزو العراقي للكويت

قرار خاطئ آخر من قادة الفصائل الفلسطينية. أيدت تلك الفصائل وبينها منظمة التحرير الفلسطينية غزو العراق للكويت عام 1990، وتم إصدار العديد من البيانات والتصريحات التي تؤيد الاحتلال العراقي للكويت، ووقع جميع ممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية وأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني بياناً يؤيد غزو الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين للكويت معتبرين أنه المدخل الحقيقي لمعالجة كافة قضايا الوطن العربي بشكل يضمن حقوق الشعب العربي والفلسطيني.

وأثر هذا الموقف في الأوضاع الفلسطينية ودعم دول الخليج للمنظمة الفلسطينية سياسياً وإعلامياً واقتصادياً ومالياً رغم أن القضية الفلسطينية من أبرز القضايا التي توليها دول الخليج اهتمامها.

قمة مدريد للسلام

استمرت تداعيات التأييد الفلسطيني للغزو العراقي حتى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر 1991 برعاية مشتركة أمريكية سوفييتية، ومُنع حينها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات من الحضور بسبب تأييده ودعمه لصدام حسين خلال غزوه للعراق.

اتفاقية أوسلو

ضمت اتفاقية أوسلو عام 1993 عرفات، ورئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين، ورئيس الولايات المتحدة بيل كلنتون.

وشملت البنود اعتراف منظمة التحرير بدولة إسرائيل، واعتراف إسرائيل بالمنظمة ممثلاً للشعب الفلسطيني.



ومن بين البنود أنه يجب خلال 5 أعوام من الاتفاق، انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض أراضي الضفة والقطاع، والاعتراف بحق الفلسطينيين بإقامة حكم ذاتي، على أن يتم بعد 3 سنوات من الاتفاق، بدء «مفاوضات الوضع الدائم.«

لكن بسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي لم يكتمل تنفيذ الاتفاقية. ورفضت فصائل فلسطينية اتفاقية أوسلو وعلى رأسها حركة «حماس»، بالإضافة إلى منظمات أخرى مثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» و«جبهة التحرير الفلسطينية»، حيث رفضت تلك المنظمات الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.

خطاب بار إيلان

خطاب بار إيلان هو خطاب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان في 14 يونيو 2009، حيث قال نتنياهو في خطابه إنه مستعد إلى التوصل إلى اتفاق سلام يتضمن إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح. ووضع شرطاً آخر، هو اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، وحل مشكلة اللاجئين خارج حدود إسرائيل.

أثار العرض غضب القادة الفلسطينيين، ورفضوا المبادرة.

استغلال القضية

ومن ناحيته قال رئيس المركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط أمجد طه إنه منذ اتفاقية كامب ديفيد تستمر السلطة الفلسطينية بموقف الرفض ليس فقط بسبب الانقسام الداخلي، بل هناك أسباب خاصة.

وأضاف أن أحد هذه الأسباب أن السلطة لا تكترث بالشعب الفلسطيني بل تهتم بالسلطة فقط، فعندما تأتي للتفاوض تفكر بالسلطة فقط دون فلسطين.

واستطرد قائلاً إنه هنا ينبع أساس المشكلة لدى السلطة الفلسطينية.

وفي إشارة للتبرعات بملايين الدولارات للسلطة الفلسطينية، قال طه «عندما نعطي لشخص واحد مليون دولار يمكن أن يقوم ببناء 7 محلات ويوظف بها 20 أو 30 شخصاً يصنعون مستقبلهم، إلا أن هذه الأموال تتبخر تماماً عندما تصل إلى القيادات الفلسطينية».

وأكد أمجد طه أن هناك العديد من البراهين والدلائل والوثائق التي ستظهر خلال الأيام القادمة والتي تثبت أن الخزانة المالية الفلسطينية تحت سيطرة مديرة مكتب الرئيس محمود عباس انتصار أبو عمارة والتي تقوم بالتوقيع على تصدير هذه الأموال للحسابات الخاصة.

وقال إن مشكلة السلطة الفلسطينية تكمن بالفساد وسرقة الأموال أي التجارة بالقضية وليس مبادئ وقضية حقيقية.

أما عن الموقف الفلسطيني أثناء غزو الكويت، قال طه إن الجانب الفلسطيني اعتقد حينها أنه سيستفيد من غزو الكويت، وأشار إلى أن هناك مواقف مماثلة ضد أشقائهم العرب حيث أنهم ناصروا الميليشيات في بيروت عندما قامت بمجزرة الدامور في لبنان.

وأوضح أنهم لطالما كانوا من مناصري العنف، واليوم يقفون مع النظام التركي والإيراني وهناك شبه غرفة تنسيق بين تركيا وإيران في اسطنبول لإدارة السلطة الفلسطينية، فيما يشبه التنسيق الذي أدى إلى احتلال تركيا شمال سوريا وسيطرة إيران على دمشق.

وقال إن تركيا وإيران تريدان استغلال ورقة القضية الفلسطينية عند المفاوضات مع أمريكا وكذلك إسرائيل.

وحذر طه من تداعيات الرفض الفلسطيني المستمر على سلام وأمن المنطقة، وقال إن إيران استخدمت هذه الورقة لتصدير الثورة الإيرانية بزعم تحرير القدس، وهو ما تستغله لقمع شعبها والتدخل في دول أخرى.