الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تركيا وإيران عدو مشترك في مواجهة العرب

تركيا وإيران عدو مشترك في مواجهة العرب

الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره التركي رجب طيب أردوغان. (أرشيف ـ أب)

اختلفا على مر التاريخ، ولم يجمعهما مذهب أو لغة، ولكنهما اتفقا على الهيمنة وعداء الدول، وبسط نفوذهما على غيرهما، هكذا حال إيران وتركيا على مر تاريخهما منذ نشأتهما، بحسب خبراء متخصصين ومراقبين، وعلى الرغم من أن التاريخ شهد صراعاً بينهما في بعض فتراته، إلا أن تقارباً كبيراً واتفاقاً على المصالح المشتركة، التي من شأنها الإضرار بدول عربية تشكلت خيوطه مؤخراً، ما يستدعي يقظة عربية، وخاصة من الجيل الشاب، لمعرفة ما يحاك خلف الستارة، وفي بعض الأحيان في وضح النهار.

فارسي وعثماني

يقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، الدكتور جمال شقرة، إن تاريخ الشرق الأوسط وهذه المنطقة الملتهبة بدأ بصراع مع القرن الـ16، بين الدولة الفارسية شيعية المذهب، وبين الدولة التركية سنية المذهب، موضحاً أن استخدام سنية وشيعية، جاء فقط للتمييز، لكن الصراع بينهما كان صراعاً من أجل المصالح على منطقة الشرق الأوسط، ففي القرن الـ16، كانت الدولة الفارسية تسعى للسيطرة على الدول العربية، ونشر المذهب الشيعي، وبدأ الشاه إسماعيل الصفوي بالفعل في نشر المذهب الشيعي، وحاول أن يستقطب المماليك في مصر والحجاز، ولكن محاولته فشلت.


في المقابل كانت الدولة العثمانية قد وُلدت من قبائل أتت من أواسط آسيا، واستدارت نحو الشرق ودخلت في معركة شهيرة، هي معركة جارديران مع الفرس سنة 1514، ونجحت الدولة العثمانية بعد ذلك في ضم دول الوطن العربي، وتحويلها إلى ولايات عثمانية.


وأضاف «شقرة» لـ«الرؤية»، أنه منذ هذا التاريخ وهناك صراع مصالح بين الدولة الفارسية «إيران»، وبين الدولة العثمانية «تركيا». ورغم التوافق الظاهري حالياً، تجدد صراع المصالح عندما رفعت إيران شعار الهلال الشيعي، ورفعت تركيا أردوغان شعار «العثمانية الجديدة»، الهلال الشيعي تحقق بتمدد الدولة الفارسية لتسيطر على الدول العربية، ونجحت بالفعل في التسلل إلى سوريا ولبنان واليمن والعراق، والمحاولات ما تزال مستمرة حتى الآن.

في الوقت الذي رفع فيه أردوغان شعار العثمانية الجديدة، وأخذ ينادي بالإرث، وأن هذه الدول ما هي إلا ولايات كانت خاضعة للدولة العثمانية، ولعل هذا ما يفسر ضرباته في سوريا، ووجوده في ليبيا ومخططاته ضد مصر. ويشرح «شقرة» أن الصراع بين كل من: إيران وتركيا، حديثاً، لم يخلق بينهما العداء، ولم يمنعهما من إقامة علاقات اقتصادية، ولم يدفعهما إلى محاربة بعضهما البعض، بل مضى كل منهما في طريق الشر لتحقيق حلمه، ومشروعه في المنطقة.

أين المشروع العربي؟

ويوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بيروت، الدكتور رائد المصري، إن إيران وتركيا، تتفقان على رفض الفكرة العربية، يرفضان أي مشروع عربي، ويلتقيان على المساس والإضرار بالعالم العربي.

مشيراً إلى أنه لمواجهة هذين الخطرين، لا بد أن يكون هناك مشروع عربي في مواجهة المشروع الإيراني والتركي، يجب أن يكون هناك مشروع نهضوي تنموي عربي تدعمه رؤية استراتيجية قائمة على قاعدة تفاهم دفاعي عربي، وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وتحقيق مبدأ التضامن العربي.

وشدد المصري على ضرورة أن تتحرك الدول العربية لاستنهاض الدول العربية المنكوبة، كالعراق وسوريا واليمن والسودان، فمساعدة هذه الدول على التعافي سيسد الطريق على المشروع الإيراني والتركي.

الهروب من جحيم أوروبا إلى جنة المال القطري!

أما الخبير في الشأن التركي والإيراني، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بشير عبدالفتاح، فقد قال إن إيران وتركيا تخلصتا من الصدامات، اليوم، المشروع التركي لأردوغان، والمشروع الإيراني لخامنئي والمفاجأة وقعت عقب 2011، حيث بدأ الرئيس التركي أردوغان يتحول ويقترب أكثر من إيران، ويبتعد عن الدول العربية (التي كان يقترب منها قبل 2011)، وأوروبا، وأمريكا، حتى حلم الاتحاد الأوروبي بدأ يتخلى عنه، لأنه كان يطلب من أردوغان ديمقراطية وحرية وسلاماً واستقراراً، وهو لم يكن يفعل ذلك.

ويضيف عبدالفتاح أن أردوغان كان يستخدم الدين في السياسة، ويقترب من جماعة الإخوان، ويستخدم المال القطري، وبدأ يستلهم النموذج الإيراني، عبر توظيف الدين في السياسة، وأن شرعية النظام تعتمد على أساس ديني، حامي حما الدين والقدس والمدافع عن الدين، ولعل استخدام الميليشيات المسلحة والمرتزقة أبرز النقاط المشتركة.

ويوضح عبدالفتاح، أن أردوغان استلهم النموذج الإيراني فيما يتعلق بالميليشيات، حيث بدأ يعد ويكون ميليشيا تشبه الحرس الثوري، والميليشيا الإيرانية التي يوظفها داخل بلاده وخارجها، بدأ يصنع جيشاً موازياً وشرطة موازية، على نمط الحرس الثوري الإيراني، وخارجياً بدأ يعتمد على الميليشيا والمرتزقة مثل إيران، فإيران صنعت حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وخارجياً قد بدأ أيضاً في صنع ميليشيا بأفراد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ومن أصول تركية وسوريين، بدأ يوظفهم في الحروب، والتدخلات العسكرية الخارجية، وبدأ يعسكر السياسة الخارجية التركية، وبدأ يعتمد على التدخلات العسكرية، مثلما فعل في ليبيا.

كما بدأ يحتذي بإيران أيضاً في الخطاب السياسي، ويتحدث عن مساعدة الأمم والشعوب المقهورة، وهو الخطاب نفسه الذي كانت تستخدمه إيران وتبرر به تدخلاتها الخارجية، بل بدأ كلاهما ينسق سوياً للتدخل في العراق، وبينهما عمليات عسكرية مشتركة، وينسقان في سوريا، ويتبادلان المعلومات الاستخباراتية، وكلاهما ينكلان بالمعارضة الخاصة بهما.

بمعني أنه لو هناك معارض إيراني في تركيا، تقوم تركيا بتسليمه، كذلك يتعاونان سوياً في ليبيا، حيث إن إيران تستغل خبرتها في نقل المرتزقة والسلاح التركي إلى ليبيا من بداية الأزمة، وينسقون سوياً في اليمن عن طريق الحوثي، تنسيق يتم لدور تركي وبتمويل قطري هناك، بين الحوثي وحزب الإصلاح الإخواني في اليمن، فقد أصبح أردوغان يرى أن إيران نصير يمكن التنسيق معه، وتوزيع المكاسب والمغانم معها.

مبدأ تركي إيراني.. الدين خادم للسياسة

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، إن إيران وتركيا وظفا الدين لخدمة أهدافهما السياسية، فقد استخدماه لدغدغة مشاعر العرب والمسلمين، بأن كليهما يدافع عن القضية الفلسطينية، تحت زعم أن الأنظمة العربية فرطت وباعت وأقامت سلاماً مع الإسرائيليين، وأنهم هم من يقاتلون ويجاهدون ويدعمون المقاومة، والإسلام في العالم، والخطاب السياسي الخاص بهما دائماً ما يحمل إشارات للدين والقدس والإسلام، الأمر الآخر تجنيد المرتزقة والميليشيات بداعي أن هذا من أجل الدين، والله، والجهاد، ودولة الخلافة.

ويضيف فهمي لـ«الرؤية»: لا يوجد شك أن ما تفعله إيران وتركيا دفع عدداً من الدول العربية والخليجية للتقارب مع إسرائيل، لأنه من ضمن الأوراق التي قدمتها إسرائيل لإقناع الدول العربية بالسلام معها، هو التنسيق بغرض مواجهة الخطر الإيراني، لأن إيران بغبائها تحولت لتهديد حقيقي للأمن القومي العربي، وبالتالي فإن قدرات إسرائيل الاستخباراتية، وعلاقتها الخاصة بأمريكا وأقمار التجسس الإسرائيلية، نجحت في تقديم معلومات استخباراتية لدول عربية وخليجية، في مواجهة إيران، وبالتالي أثبتت أن إيران عدو مشترك.