الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تقرير دولي.. الظلم يدفع عاملات المنازل في قطر إلى حافة الانهيار

تقرير دولي.. الظلم يدفع عاملات المنازل في قطر إلى حافة الانهيار

تتنوع أشكال الاعتداءات في حق العاملات من الإساءات اللفظية، البصق، الضرب إلى التحرش والاغتصاب. (شاترستوك)

اعتداء جنسي، إيذاء جسدي، تجويع، حرمان من الرواتب، وانعدام أوقات الراحة، معالم مأساة ترزح تحتها آلاف العاملات المنزليات بين جدران الظلم في المنازل القطرية في ظل تقاعس حكومي تام عن وضع حد لهذه المأساة الإنسانية، وفقاً لما كشفه تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية.



وأوضح التقرير، الصادر اليوم الثلاثاء، أن العاملات المنزليات الأجنبيات المستخدمات في قطر يُدفعن إلى حافة الانهيار جراء العمل المفرط والمعاملة المسيئة والمهينة.



ونقلت المنظمة شهادات العشرات ممن تحدثت إليهن من ضحايا سوء المعاملة في المنازل القطرية، حيث كشفت 105 نساء في مقابلات مع المنظمة، عن عالم الجحيم الذي يعشن فيه، والذي تتنوع ملامحه من الشتم والبصق والتجويع والحرمان من النوم إلى الاعتداء الجنسي.



معاملة «الكلاب»

وكشف التقرير عن تجاهل الحكومة القطرية لمعاناة العاملات المنزليات، مؤكداً أن قوانين الدوحة في هذا المجال لا تزال حبراً على ورق.

وأكدت الغالبية العظمي من العاملات اللواتي تحدثن للمنظمة أنهن يعملن يومياً بانتظام لمدة 14 ساعة ويجبرن أحياناً على المواصلة لـ18 ساعة يومياً دون أي إجازات ولو ليوم واحد.

وقالت غالبية العاملات إن أرباب عملهن صادروا جوازات سفرهن، وأنهن لا يقبضن رواتبهن على الوجه الصحيح، في حين أوضحت إحداهن للمنظمة أنها عوملت "مثل الكلبة".



مقتنيات لا بشر

وقال رئيس برنامج العدالة الاقتصادية والاجتماعية في منظمة العفو الدولية ستيف كوكبيرن إن الصورة العامة في قطر تظهر «وجود نظام يستمر في السماح لأرباب العمل بمعاملة عاملات المنازل كمقتنيات لا كبشر».



ولفتت المنظمة إلى أن عدد العمال المنزليين في قطر يقارب 173 ألف شخص، مشيرة إلى صعوبات تتعلق بإبلاغ العمال عن الانتهاكات والأفعال الجرمية بحقهم حيث تسود في قطر «ثقافة الإفلات من العقاب على نطاق واسع».



وبرزت ساعات العمل الطويلة دون أخذ قسط من الراحة كأحد أكثر أشكال الانتهاكات شيوعاً، وتضع عقود العاملات حداً لعدد ساعات العمل يومياً عند 10 ساعات لستة أيام في الأسبوع، ورغم أن هذا الرقم يفوق معايير منظمة العمل الدولية، فإن مدبرات المنازل القطرية يعملن في المتوسط 16 ساعة يومياً دون أي إجازة أسبوعية ولا يتقاضين أي أجر إضافي.



تجويع وحرمان من النوم

وشكت عاملات للمنظمة الدولية من عدم حصولهن على قدر كافٍ من الطعام أو النوم، ووصفت بعضهن كيف يعشن في غرف ضيقة، وينمن على الأرض دون مكيف هواء.



ووصفت عاملة من الفلبين (45 عاماً)، أطلقت عليها المنظمة اسم «رينا» لحمايتها، كيف تعرضت لحادث سيارة بسبب الإرهاق الشديد، قائلة إنه تم إيقاظها في الثالثة صباحاً لتشتري مشروباً، وبعد ذلك بدأت دوامها اليومي في الـ5و30 دقيقة، حيث واصلت المشاوير حتى فقدت السيطرة أثناء قيادة سيارة الأسرة وصدمت جداراً بسبب عدم نومها أكثر من ساعتين في اليوم.

تكميم الأفواه والإفلات من العقاب

وأكدت المنظمة الدولية أن قطر «تقاعست تقاعساً تاماً عن مساءلة أرباب العمل المسيئين، ما يعني وجود رادع ضئيل للانتهاكات المستقبلية»، كما أنه «لا تُجرى أي تحقيقات تلقائية في ممارسات مثل مصادرة جواز السفر وعدم دفع الأجور، وهو ما يشير إلى عمالة قسرية، وقلما يواجه مرتكبوها العواقب حتى عندما يرفضون تسليم جوازات السفر أو دفع المستحقات».

وأشارت المنظمة إلى أن النساء اللاتي يتركن عملهن يمكن أن يواجهن إجراءات انتقامية من جانب أرباب العمل وأن يُتهمن «بالهروب» أو غيره من الجرائم التي تحمل في طياتها عقوبات جنائية.



وحسب شهادات موثقة، تنوعت الاعتداءات من الإساءات اللفظية إلى البصق، والضرب، وشد الشعر، وصولاً إلى الأذى الجنسي من جانب أرباب العمل أو أقربائهم.

وروت عاملة أطلقت المنظمة عليها اسم «جوليا»، كيف أبلغت الشرطة بتعرض زميلة لها في المنزل لمحاولة اغتصاب من طرف ابن رب عملهما، مؤكدة أن محقق الشرطة الذي نظر في القضية، اتهم جوليا وزميلتها «باختلاق القصص»، وصرف النظر عن الملف، وفي النهاية اشترى لهما رب العمل تذكرتي سفر للعودة إلى بلدهما الأصلي مقابل التوقيع على إفادة كُتبت بالعربية ولم تفهمانها.



إصلاحات وهمية

وبيّن التقرير أن الانتهاكات الموثقة، تضاف إلى عوامل «رسمية» تشمل انعدام آليات التفتيش لضمان التقيد بقانون المستخدمين في المنازل، ونظام الكفالة القطري الذي يمنح أرباب العمل سلطات مفرطة على مستخدميهم.

وحول الإصلاحات التي يدعي نظام الدوحة إقرارها لتحسين ظروف عيش هذه الفئة من العمال، أوضحت المنظمة في تقريرها أنه من غير المرجح أن تقلص هذه التغييرات «بشكل ملموس من الانتهاكات أو تحسّن أوضاع المستخدمين في المنازل من دون اتخاذ تدابير إضافية لتعزيز سبل الحماية وضمان الإنفاذ».