الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«الحوثي» يختلس 100 مليون دولار من اليمنيين باسم «المولد النبوي»

«الحوثي» يختلس 100 مليون دولار من اليمنيين باسم «المولد النبوي»

وظفت الميليشيات 3000 شخص من أتباعها في حملتها لجمع الأموال. (صنعاء ـ أ ف ب)

لم تتوقف سيارات «لجان جمع التبرعات» التابعة لميليشيات الحوثي عن التجول في شوارع العاصمة صنعاء، ليل نهار، منذ 3 أسابيع؛ في سباقٍ مع الوقت، للوصول إلى كل المواطنين والتجار في العاصمة وإلزامهم بدفع «التبرعات النبوية» أو «تبرعات المولد» كما تسميها الميليشيات.

وفيما تزعم الميليشيات الحوثية أنها تقيم هذه الاحتفالات حباً بـ«النبي»، ينظر الكثير من المواطنين إلى هذه الممارسة باعتبارها ابتكاراً حوثياً لابتزاز اليمنيين، خاصة وأن عمليات التحصيل تتم بطرق إجبارية (جباية)، يتعرض من يرفضها لانتهاكات الميليشيات بطرق مختلفة، من الإيذاء، والتخوين وحتى السجن.

وتثير الجبايات الحوثية بمناسبة المولد النبوي غضب الكثيرين بسبب حالة العوز التي يعيشها بسطاء المواطنين، حيث تبلغ نسبة الفقر 75%، وتتجاوز نسبة الفقر المدقع 65%، في ظل الخسائر الاقتصادية الهائلة بسبب الحرب الحوثية التي كلفت اقتصاد البلد منذ 2015، حتى نوفمبر الماضي قرابة 90 مليار دولار، وسط مخاوف من أن يصبح اليمن أفقر بلد في العالم بحلول 2022، طبقاً لتقرير أممي صدر في نوفمبر 2019.





موسم الاستثراء

ويجري هذا الاستعراض الطائفي استغلالاً لذكرى المولد النبوي، الذي يتحول في كل عامٍ إلى موسم ثراء لميليشيات الحوثي؛ بيد أنه هذا العام يأتي بميزانية ضخمة جُمعت من المواطنين والتجار والمؤسسات الحكومية، وشركات ومؤسسات القطاع الخاص «وقد بلغ إجمالي ما تم جمعه حتى يوم الأحد 25 أكتوبر نحو 100 مليون دولار، أي ما يعادل 60 مليار ريال يمني» وفقاً لمصدر مطلع في وزارة المالية التابعة للحوثيين.

وقال المصدر الذي يعمل في «لجنة الحسابات»، إن ميليشيات الحوثي كلفت هيئة خاصة هذا العام من مكتب زعيمها عبدالملك الحوثي لجمع المال والإشراف عليه، واستعانت هذه الهيئة بخبراء ومحاسبين من وزارة المالية، وكان المصدر الذي فضلّ عدم ذكر اسمه هو أحد المحاسبين المُختارين لدى الهيئة الحوثية.

وأوضح المصدر أن الميليشيات الحوثية أعدت قبل شهرين قوائم متكاملة، تضمنت آلية جمع وحصر هذه الأموال، حيث يدفع كل تاجر 30 ألف ريال على الأقل عن كل مليون ريال يمني لديه، ويتم تقييم ثروته من خلال لجان متخصصة تابعة للهيئة، بينما يفرض على المواطنين العاديين دفع 2000 ريال يمني كحد أدنى للشخص.



كافة المحافظات

وأكد المصدر أن المبالغ الضخمة جمعت من كافة المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وليست من صنعاء وحدها، لافتاً إلى أن الميليشيات وظفت أكثر من 3000 شخص من أتباعها في لجان لجمع التبرعات توزعت في المدن والأرياف بمناطق سيطرتها، وستستمر بالعمل إلى يوم الأربعاء المقبل.

وقال زياد الريمي، سائق سيارة أجرة يعمل في صنعاء، إن الحوثيين ألزموه بثمانية آلاف ريال دفعها على مضض عنه وزوجته وطفليه، لافتاً إلى أن والده، المزارع البسيط في محافظة ريمة، لم يجد ما يدفعه للميليشيات، ففرضت عليه رأساً من الغنم بدلاً عن المال الذي كان سيدفعه عن أبنائه الثمانية.

وأفاد عبدالولي، وهو اسم مستعار اختاره مالك معرض سيارات في منطقة حدة جنوب صنعاء عند حديثه مع «الرؤية» لاحتياطات متعلقة بسلامته، بتسليمه الميليشيات 30 ألف دولار، بعد تهديده «بإغلاق المعرض حال لم أدفع قبل حلول المولد النبوي»، معتبراً ما يحدث «استغلالاً غير قانوني ولا أخلاقي من قبل سلطة أمر واقع تعامل اليمنيين بمنتهى السوء».

توجيهات قسرية

ووجهت مكاتب التربية والتعليم الحوثية مدراء المدارس في كل مناطق سيطرتها، بحشد 15 طالباً على الأقل من كل مدرسة لزيادة الزخم الجماهيري خلال الاحتفالات والنشاطات والفعاليات التي يُقدر أن تصل إلى 10 آلاف نشاط متنوع ستقام طيلة أسبوع كامل.

وأخبر «الرؤية» مكين سالم، مدير مدرسة في مديرية شرعب بمحافظة تعز، جنوب غربي اليمن، بأنه هُدد بالإقالة من منصبه إذا لم يجمع 15 طالباً من مدرسته لحضور فعالية مركزية ستقام بمنطقة الحوبان، قائلاً: «تلقت كل المدارس نفس التوجيه من مكتب التربية بالمحافظة».

واطلعت «الرؤية» على وثيقة وجهتها ميليشيات الحوثي لتجار محافظة البيضاء، تنص على صبغ ألوان محلاتهم باللون الأخضر، وتركيب إضاءات خضراء في الشوارع وتعليق لوحات قماشية تتضمن شعارات الميليشيات الطائفية.

وأكدت مصادر في صنعاء، أن هذه التوجيهات شملت كل المحافظات، حتى بدت العاصمة صنعاء في صور تداولها ناشطون متشحة باللون الأخضر، إذ إن الحوثي يستخدم ذكرى المولد النبوي «مناسبة للتجييش والنهب باسم النبي». على حد تعبير أحمد الصباحي، مدير المنبر اليمني للدراسات والإعلام في تغريدة له على «تويتر».