شكّلت استقالة القيادي في حركة النهضة، لطفي زيتون، حديث الشارع السياسي في تونس؛ نظراً لأهمية موقعه ووزنه في الحركة، وقربه طيلة 30 عاماً من زعيمها راشد الغنوشي، والمواقع التي شغلها منذ عام 2011 سواء في الحكومة أو في الحركة.
المثير للانتباه أن زيتون لم يكتفِ بالاستقالة من مجلس شورى الحركة، بل استقال من كل هياكلها، وتحدث بسلبية كبيرة عن زعيمها الغنوشي، الذي اعتبره وراء ما تعيشه البلاد من أزمات خانقة، مشيراً في تصريحات إذاعية إلى أن الحركة قد تندثر في مؤتمرها القادم؛ بسبب حدّة الخلافات.
زيتون في ظهوره الإعلامي طيلة اليومين الماضيين لم يستبعد تأسيس حزب جديد بمرجعية إصلاحية محافظة تقطع مع الإرث الإخواني، يكون حاملاً المرجعية الإصلاحية التونسية. وقد أثارت تصريحاته ردود فعل متباينة خاصة أنه كان من أكثر الوزراء تشدداً في حكومة النهضة الأولى عام 2012، لذا هناك من اعتبر تصريحاته بأنها ردة فعل على استبعاده من الدائرة المقربة للغنوشي وليس لمراجعات فكرية عميقة، وهو الرأي الذي يتبناه الباحث في الحركات الإسلامية منذر بالضيافي.
وأكدت المحللة السياسية، فاطمة بن عبدالله الكراي، لـ«الرؤية» أن استقالة لطفي زيتون تكشف عن أن الخلافات وصلت إلى نقطة اللاعودة بين قيادات الحركة، خاصة أنه معروف بقربه من الأوساط البريطانية. وأضافت: «هناك ترتيبات لما بعد راشد الغنوشي، وقد يكون زيتون أراد استباق المؤتمر والضغط الدولي المتوقع على الحركة بسبب علاقتها بالإسلام السياسي المحاصر دوليًا اليوم، خاصة من الاتحاد الأوروبي».
واعتبر المحلل السياسي، خليفة بن سالم، أن استقالة زيتون لن تكون الأخيرة، وتوقع أن تتبعها استقالات أخرى ومن شخصيات نافذة، لكنه في المقابل يرى أن المشروع السياسي الجديد للطفي زيتون لن يكتب له النجاح؛ فكل الذين غادروا الحركة طيلة تاريخها «لفَّهم النسيان وطواهم الصمت».
وأضاف: «الذين سيغادرون الحركة لن ينجحوا في بناء حزب منافس لها أو قادر على استقطاب قواعدها؛ لأن القاعدة التي تعمل بها الأحزاب الإخوانية هي الشيخ والمريدون والطاعة والولاء للمرشد».
من جهة أخرى قال أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة صفاقس، الدكتور فتحي ليسير، لـ«الرؤية» إن زيتون لم يقدم نقداً ذاتياً، وبالتالي لم يقم بالمراجعات الكافية رغم أنه من القليلين في حركة النهضة الذين لهم اطلاع على ما ينشر من كتب، وهو من المثقفين القليلين في الحركة، ولا أعتقد أنه قادر على النجاح في حالة تأسيس حزب».