في مديرية ميفعة بمحافظة شبوة جنوب شرقي البلاد، اغتيل الجندي زكريا العاقل أحد أفراد قوات النخبة الشبوانية، صباح الخميس 21 يناير، لتعيد حادثة الاغتيال إلى الذهن جرائم الاخوان المسلمين بحق جنود قوات النخبة الشبوانية التي كانت تسيطر على محافظة شبوة، قبل اجتياح قوات حزب الإصلاح للمحافظة، والسيطرة عليها في أغسطس 2019. ومنذ سيطرة الإصلاح على محافظة شبوة، بدأت الملاحقات والاعتقالات وعمليات الاغتيال تطارد جنود النخبة الشبوانية، فاضطر كثير من منتسبي النخبة إلى مغادرة شبوة نحو محافظات مجاورة مثل حضرموت وأبين؛ لكن من فضلوا البقاء في محافظاتهم لم يسلموا أبداً من إرهاب جماعة الإخوان المسلمين طوال الفترة الماضية، وحتى بعد تنفيذ اتفاق الرياض الذي أرسى مصالحة لإنهاء هذه الفوضى. وقال سالم ثابت العولقي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، إن «اغتيال تنظيم القاعدة للجندي في النخبة الشبوانية زكريا باعوضه العاقل، جريمة جديدة تشترك فيها السلطة الإخوانية وقيادات الميليشيات الأمنية والعسكرية». وأكد المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان له، أن أبناء شبوة ومنتسبي النخبة الشبوانية على وجه الخصوص، يتعرضون لأعمال "القمع والتنكيل والإرهاب التي تمارسها سلطة الإخوان المسلمين بمحافظة شبوة". وأضاف البيان، أن "جماعة الإخوان تصر على تعطيل تنفيذ هذه الالتزامات، وفي صدارة ذلك عرقلة عودة قوات النخبة الشبوانية وانتشارها في المحافظة، وقد لاحظنا وبأسف شديد تزايد أعمال القتل والقمع والإرهاب والاعتقالات والمطاردة التي تستهدف قوات النخبة دون مبرر سوى الانتقام من دورها في تطهير شبوة من الإرهاب وأعمال التقطع والحرابة". وطالب الانتقالي بوقف كل الأعمال القمعية التي تستهدف منتسبي قوات النخبة والتهيئة لعودتهم وانتشارهم في مواقعهم المحددة تجنباً لسيناريوهات لا تخدم الهدف الذي جاء من أجله الاتفاق. مؤكدا أنه لن يقف مكتوف الأيدي أمام تواصل مسلسل الاستهداف لهذه القوة. وقال الجندي في النخبة الشبوانية محسن القُميشي لـ«الرؤية» إنه قضى في معتقل تابعٍ لحزب الإصلاح في شبوة، 3 أشهر تعرض فيها للتعذيب الشديد، بسبب أنه ينتمي لقوات النخبة، ولم يُفرج عنه إلا بعد التزامات تعسفية وقد طال أذى التعذيب كل أنحاء جسده. وأضاف القميشي، أن مسؤولين أمنيين تابعين للإخوان، اعتقلوه في سجن معسكر الشهداء، وهنالك تناوبوا على ضربه والاعتداء عليه وتعذيبه، لانتزاع اعترافات منه بالقوة. مشيراً إلى أنه اضطر لتقديم اعترافات كاذبة، منها «تنفيذ كمائن وتفجير أنابيب النفط ومسايرة قائد النخبة الشبوانية محمد البوحر» ليُسلم جسده من التعذيب. وذكر القميشي أن سلطات الإخوان خلال احتجازه منعوا عنه الزيارات وكانوا يتيحون لعناصر آخرين من القاعدة كل وسائل الراحة، ويسمحون لهم بزيارة أسرهم والخروج إلى الأسواق بكل أريحية. من جانبه، اعتبر الناشط السياسي والحقوقي المختص بشؤون محافظة شبوة أحمد الحر، أن جرائم الإخوان في شبوة فاقت كل التصورات، وهنالك المئات من جنود النخبة الشبوانية وأبناء شبوة، تعرضوا لانتهاكات الإخوان التي لا تزال مستمرة إلى اليوم. وشدد الحر على أن ما يحصل في شبوة "هي عمليات تصفية واغتيالات متكررة لكل من ينتمي لقوات النخبة الشبوانية وإن اختلفت الطرق، فتارة من خلال الأطقم العسكرية التابعة لمليشيات الإخوان، وتارة بسيارات تنظيم القاعدة، وتارة من خلال التعذيب داخل السجون في تنسيق واضح وعلني بين قوى الإرهاب سواء التي تتغطى برداء الجيش والأمن التابع للإصلاح، أو تلك التابعة لتنظيم داعش والقاعدة الإرهابيين." ونوّه الحر إلى ضرورة ألّا تمر تلك الجرائم وغيرها من جرائم الاعتقالات والاختطافات والتعذيب وترويع الآمنين مرور الكرام. مؤكداً أنها انتهاكات ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم وسيأتي اليوم الذي يقدم كل المتورطين في هذه العمليات للمحاكم ويأخذون جزاءهم بالقانون.

احتفالات السودان باتفاق السلام. (سونا)
الخرطوم تحتفل بالسلام.. ودعوات للحركات المسلحة للحاق باتفاق جوبا
تشهد العاصمة السودانية اليوم الأحد احتفالات حاشدة بمناسبة عودة حملة السلاح إلى الخرطوم ودخول اتفاقية جوبا حيز التنفيذ، ما يجعل حركات الكفاح المسلح شريكاً في السلطة الانتقالية.
واحتشدت أعداد كبيرة من المواطنين السودانيين في ساحة الحرية رغم الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا، للاحتفال بتوقيع السلام واستقبال قيادات أطراف عملية السلام إيذاناً بالبدء الفعلي لتنفيذ الاتفاق على أرض الواقع، بحسب وكالة الأنباء السودانية.
ومن المقرر أن تبدأ مفاوضات بين الحكومة الانتقالية وكل من الحركة الشعبية - شمال جناح عبدالعزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور والمتبقي من الحركات المسلحة التي لم تنضم لمسيرة السلام، بعد الانتهاء من الاحتفالات.
ودعا مراقبون ومحللون سياسيون حركتي عبدالعزيز الحلو (في جنوب كردفان- جبال النوبة- جنوب غرب السودان) وعبدالواحد محمد نور (في وسط وغرب إقليم دارفور)، إلى الانضمام إلى ركب السلام في البلاد، واللحاق بالجبهة الثورية التي وقعت اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية في جوبا عاصمة الجنوب الشهر الماضي.
ووقعت الحكومة السودانية والجبهة الثورية وعدد من الحركات المسلحة الأخرى اتفاق سلام في أكتوبر الماضي في جوبا، يقضي ببدء فترة انتقالية في البلاد تستمر 3 سنوات. مع تخصيص 3 مقاعد في مجلس السيادة، و5 حقائب وزارية في مجلس الوزراء، لقادة الفصائل المسلحة. ومنح الحكم الذاتي لجنوب كردفان والنيل الأزرق. ودمج قوات فصائل الجبهة الثورية في القوات المسلحة مع تشكيل قوة مشتركة قوامها 20 ألف جندي لحفظ الأمن في إقليم دارفور.
ويتخوف مراقبون من استحواذ الجبهة الثورية على حقائب وزارية مهمة، وإزاحة قوى الحرية والتغيير من السلطة. بينما يرى آخرون أن دخول الحركات المسلحة في السلطة الانتقالية سيسهم في تعزيز مكانتها لدى الشعب، وكبح جماح الحرب.
ونفى الناطق الرسمي باسم التحالف السوداني، أحد فصائل الجبهة الثورية، حذيفة محيي الدين، ما تردد من شائعات حول تخصيص وزارات بعينها للجبهة الثورية، موضحاً في حديثه لـ(الرؤية) أن حقائب الجبهة الوزارية 5 ولم يتم تسميتها بعد.
من جهته، وصف الإعلامي والمحلل السياسي عمرو شعبان، توقيع اتفاقية السلام بأنه مكسب وداعم للتحول الديمقراطي. مشيراً إلى أن غياب القائدين عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور، لا يعني عدم حرصهما على السلام.
ونفى أن يكون اقتسام الثروة هو الدافع وراء اتفاق السلام، قائلا: "أين هي الكيكة التي يراد اقتسامها؟ البلد على فوهة الفقر بعد ما أفلس مواردها نظام الإخوان".
قال رئيس حزب البعث السوداني يحيى الحسين، إنه متحفظ على الاتفاق؛ لأنه تجاوز الخطوط العريضة التي تم الاتفاق عليها في تحالف نداء السودان، الذي يضم الحركات المسلحة والأحزاب السياسية التي كانت تعارض نظام الإخوان البائد، مضيفاً أن بنود التفويض التي طالب نداء السودان بالتفاوض حولها هي فتح المسارات ووقف العدائيات والترتيبات الأمنية.
وأضاف الحسين "عموماً نحن في حزب البعث نرحب بالسلام ونختلف حول تفاصيل بالاتفاق مثل وجود تفويض لبعض حملة السلاح في مناقشة بنود حساسة كان يجب أن تنتظر المؤتمر الدستوري. مع العلم أن القوتين الموجودتين حقيقة على الأرض هي: قوات الحلو، وعبدالواحد، لذلك يعتبر هذا الاتفاق منقوصاً، وقد لا يؤدي إلى سلام نهائي على الأرض".
بدوره قال رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة محمد المهدي حسن، إن حزبه مرحب وداعم للاتفاق، مشيراً إلى أن الاتفاقية مشهودة ومسنودة بالمجتمع الدولي والإقليمي. مطالباً الحركات بتنفيذ الاتفاق دون الإخلال بقيمه.
وجدد المهدي دعوته إلى الحلو وعبدالواحد للالتحاق بركب السلام، مبيناً أن أسباب حملهم للسلاح قد انتفت بسقوط نظام البشير.