مع انتهاء المهلة المحددة لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، يبقى اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في البلاد مهدداً، خصوصاً مع احتمال اندلاع أعمال عسكرية مجدداً بين طرفي النزاع. وكانت الجهود الدبلوماسية نجحت في وقف الأعمال العسكرية، وتوجت بتوقيع اللجنة العسكرية الليبية في جنيف برعاية الأمم المتحدة، في أكتوبر الماضي، اتفاقاً لوقف إطلاق النار بشكل دائم في أنحاء البلاد، ومن أهم بنود الاتفاق رحيل القوات الأجنبية والمرتزقة في مهلة 90 يوماً تنتهي، اليوم السبت، فيما لم يصدر أي إعلان حتى اليوم عن رحيل هذه القوات. وكشفت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، في مطلع ديسمبر الماضي، عن وجود 20 ألفاً من القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، معتبرة ذلك انتهاكا مروعاً للسيادة الوطنية. وأرسلت تركيا طائرات مسيرة ومدربين ومستشارين عسكريين إلى ليبيا بموجب اتفاق عسكري موقع مع حكومة الوفاق، كما أرسلت مرتزقة سوريين، بحسب خبراء الأمم المتحدة، وفي 22 ديسمبر الماضي، مدد البرلمان التركي الإذن بنشر هؤلاء الجنود لمدة 18 شهراً. وقال خالد المنتصر، أستاذ العلاقات الدولية في ليبيا، إن قرار إخراج المرتزقة «ليس بيد الأطراف الليبية بل بيد القوى الأجنبية». وأكد أن «وجودهم يعني أن الصدام العسكري يمكن أن يتجدد في أي لحظة، وبالتالي التهدئة الحالية يظل مصيرها مجهولاً». من جهته، رأى جلال الفيتوري، أستاذ القانون في حديث لـ«فرانس برس»، أن «تمديد أنقرة تواجدها العسكري لمدة 18 شهراً لا يعكس نوايا جادة للخروج». وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شدد خلال الأسبوع الجاري في تقرير قدم إلى مجلس الأمن، على ضرورة مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة قبل السبت. وبات يتعين على السلوفاكي يان كوبيش، الذي تم تعيينه مبعوثاً جديداً إلى ليبيا، القيام بمهمة فرض تطبيق هذا الاتفاق، وإدارة المفاوضات الصعبة بين الليبيين. وتوافق الفرقاء الليبيون في ملتقى الحوار السياسي الذي عقدت أولى جولاته في تونس في 9 نوفمبر الماضي، على تحديد موعد إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021. كما اتفقوا الثلاثاء الماضي، على آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة (الحكومة) التي ستحضر لعملية الانتخابات نهاية العام الجاري، بعد جولات مضنية من المناقشات وبضغوط دولية. وتتواصل هذه المفاوضات التي يشارك فيها محاورون ليبيون لوضع خارطة طريق سياسية للانتخابات التي أُعلن عنها في ديسمبر 2021، شريطة ألا يتم انتهاك وقف إطلاق النار.

البشير الدخيل، القيادي السابق في جبهة البوليساريو.

نور الدين بلالي، القيادي السابق في جبهة ''البوليساريو''.

نور الدين بلالي رفقة الملك المغربي الراحل، الحسن الثاني.

تخلي عبدالدائم المصطفى عن «البوليساريو» عام 2013.
«قيادات تائبة».. كيف يتعامل المغرب مع العائدين من «البوليساريو»؟
على مدى سنوات طويلة أسهمت مبادرة «الوطن غفور رحيم»، التي أطلقها الملك المغربي الراحل، الحسن الثاني، في عودة الآلاف من الصحراويين الموجودين في مخيمات تندوف بالجنوب الغربي للجزائر، إلى وطنهم المغرب، وكان من بينهم أشخاص شاركوا في تأسيس جبهة «البوليساريو» الانفصالية.
وأُنشئت مخيمات من تسميهم «البوليساريو» بـ«اللاجئين الصحراويين» في تندوف بين عامي 1975 و1976، وهي مقر للجبهة التي تأسست عام 1973 لطرد المستعمر الإسباني من الصحراء المغربية، ثم بدأت تطالب لاحقاً بانفصالها عن المغرب، وتأسيس دولة مستقلة.
دعوة للعودة
ومؤخراً، جدَّد رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، دعوة المغرب إلى مواطنيها الصحراويين في مخيمات تندوف، للعودة إلى المملكة.
ومن بين نماذج العائدين من المخيمات، يبرز نموذج البشير الدخيل (66 عاماً)، أحد مؤسسي «البوليساريو»، الذي عاد إلى المغرب بعد 19 سنة قضاها مؤمناً بطرح الجبهة الانفصالية.
وأشرف الدخيل على النظام التعليمي وتأطير شباب «البوليساريو»، ورأس لجنتها العسكرية، كما مثلها في سويسرا، وموزمبيق، وإسبانيا، التي عاد منها سنة 1992 إلى المغرب.
وأدت مبادرة «إن الوطن غفور رحيم» كذلك، إلى عودة نور الدين بلالي (68 عاماً)، أحد مؤسسي «البوليساريو»، ووممثَّلها السابق في ليبيا، وسوريا قبل أن يتخلى عنها عام 1989.
وساهمت المبادرة كذلك في رجوع من يُسمَّون بـ«انفصالي الداخل»، الذين يعيشون في مدن الصحراء المغربية، ويتبنون أفكار «البوليساريو» عن الفكر الانفصالي. ويعد عضو المكتب التنفيذي السابق لـ«اتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين» عبدالدائم المصطفى (58 عاماً) أحد هؤلاء، حيث قرر التخلي عن الفكر الانفصالي عام 2013.
الحقيقة الصادمة!
وقال الدخيل، في حديث مع «الرؤية»، إنه عاد إلى المغرب بعد توقفه عن الاقتناع بخطاب وممارسات البوليساريو، لأنها شرعت في التعامل مع الصحراويين في تندوف باعتبارهم أعداءً، وسجنتهم وعذبتهم، «كما حدث معي عام 1975، إذ قضيت عاماً كاملاً مسجوناً في ثكنة عسكرية على الحدود الجزائرية-الموريتانية، وتعرضت لأكثر من محاولة اغتيال».
وكشف الدخيل، عن أن «دور البوليساريو أصبح خوض حرب بالوكالة ضد المغرب، لصالح جهات أخرى تريد تصفية حسابات لها مع المملكة، وأنا لا أريد أن أكون وسيلة في يد دولة أخرى».
بدوره، أوضح نور الدين بلالي أن تعرض الصحراويين في تندوف للقمع والاعتقالات الكثيرة على يد قيادات البوليساريو، هو ما جعله يختار العودة إلى المغرب.
من جهته قال عبدالدائم المصطفى «إن قطع علاقتي بجبهة البوليساريو، جاء بعد اكتشافي أن قياداتها اعتقلت وعذبت وقتلت المئات من الصحراويين بدم بارد. وأنها تريد إرساء نموذج عسكري ديكتاتوري، وهو ما يعززه دستورها الذي يشترط أن يكون رئيس الدولة عسكرياً».
وأضاف المصطفى أنه «في الوقت الذي تقول فيه البوليساريو إنها حركة تحررية، لا تزال فئة العبيد موجودة في مخيمات تندوف، وهي ممنوعة من قِبل قيادات الجبهة الانفصالية من تقلّد المناصب في مؤسسات البوليساريو»، مؤكداً أن «البوليساريو لن تقود الصحراويين إلى مستقبل أفضل؛ لأن قياداتها لا تسعى إلى إيجاد حل للقضية».
وطالبت المغرب، الأمم المتحدة، بإجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف، لوقف استغلال الجبهة للمساعدات التي تقدمها دول أوروبية لسكان تلك المخيمات. وهو الأمر الذي رفضته البوليساريو.
الاندماج في الوطن
وأوضح بلالي أنه بعد عودته إلى المغرب عينه الملك الراحل، الحسن الثاني، في المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء، «الذي كان يرأسه جلالته، ثم مستشاراً في وزارة الخارجية المغربية».
وأسس البشير الدخيل، معهد «الأندلس» الدولي للدراسات الصحراوية، «الذي يضم باحثين من مختلف دول العالم، لتقديم دراسات علمية أَسَاسُها المعلومات الصحيحة حول المجال الصحراوي المغربي».
وبيّن الدخيل «لاحظت ندرة الدراسات العلمية المتعلقة بالمجال الصحراوي، في الوقت الذي تنتشر فيه كتابات اليسار الإسباني حول الصحراء المغربية، في أمريكا اللاتينية وأوروبا. وتتحدث عن عدم وجود علاقة بين تلك المنطقة والمغرب، في حين أن محكمة العدل الدولية أعلنت عام 1975 أن سكان الصحراء المغربية كانوا يبايعون السلطان المغربي».