الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بعد الخروج من لائحة الإرهاب.. السودان يبدأ مسيرة الألف ميل لاستعادة الثقة وإنعاش الاقتصاد

استقبلت الأوساط السودانية قرار رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب بعد 27 عاماً من إدراجه، بفرح عارم، معبرة عن أملها في أن يسفر ذلك عن بدء خطوات لإنعاش القطاع المصرفي وإصلاح المجالات التي تأثرت سلباً من العقوبات بسبب الإدراج في قائمة الإرهاب، وزيادة الإنتاج.

وقال خبراء ومحللون تحدثوا لـ«الرؤية» إن من أهم فوائد القرار عودة الثقة في السودان التي كانت مفقودة لدى العالم، لعدم قدرته على الوفاء بالعهود والالتزامات، وتسهيل انسياب التحويلات النقدية، وعودة السودان للنظام المصرفي العالمي، ولاستيراد الأدوات والبرمجيات وكل مستلزمات البنية التحتية، وذكروا كذلك أن السودان بإمكانه الآن الاستفادة من إعفاء أكثر من 60 مليار دولار من ديونه عبر مبادرة «الهيبيك» التي أطلقها صندوق النقد والبنك الدوليين لخفض أعباء الدين الخارجي.

وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قد أعلن رسمياً رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقال بيان الخارجية الأمريكية «تم رسمياً إلغاء تصنيف السودان بوصفه دولة راعية للإرهاب، وهذا يمثل تغييراً جوهرياً في علاقتنا الثنائية، نحو زيادة التعاون والدعم للتحول الديمقراطي التاريخي في السودان».

وكان السودان قد تأثر بشدة من وضعه في قائمة الإرهاب، وبدا ذلك واضحاً في التدهور الاقتصادي المريع، وانخفاض قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأخرى، وزيادة التضخم، وقلة الإنتاج، مما أدى إلى خلل في ميزان المدفوعات، وصعوبة التحويلات المالية نتيجة الحظر الذي فرضته أمريكا بموجب لائحة الدول الراعية للإرهاب.


خطوة متميزة.. تحتاج للاستكمال

ويرى المحلل وأستاذ الاقتصاد د. محمد الناير أن «القرار خطوة متميزة ويساعد على التحسن الذي لا يأتي بالقرار وحده بل بإجراءات تتبعه، فالقرار لا بد من أن يعمم على كل دول العالم، لتسهيل انسياب تحويلات النقد الأجنبي للسودانيين الذي كان مقتصراً على بنك الخرطوم فقط».



وأشار الناير في حديث لـ«الرؤية» إلى وجوب إعادة هيكلة المصارف لتكون مهيأة للوضع الجديد، قائلاً «نقصد بالهيكلة رفع رؤوس الأموال لتكون 5 مليارات جنيه مدفوعة (ما يعادل 22 مليون دولار أمريكي)، لتكون لها القدرة على التعامل مع البنوك العالمية بقدرة ائتمانية عالية، وعلى الحكومة الإسراع بتعيين مدراء عامين لعشرة بنوك وأعضاء مجالس الإدارات بدلاً عن الذين تم إعفاؤهم قبل 6 أشهر، وهناك بنوك لم تعقد اجتماعاتها العمومية بعد».

وأضاف الناير أن السودان يستطيع بعد رفع اسمه من قائمة الإرهاب، طلب إعفاء الديون الخارجية كلياً أو جزئياً من خلال مبادرة الهيبيك، علماً أن ديون السودان 60 مليار دولار، وأصلها 17 مليار دولار أي أن ضعفي الديون فوائد مركبة وجزاءات.

ومبادرة الهيبك أنشأها صندوق النقد الدولي عام 1997 بالتعاون مع البنك الدولي لتقديم المساعدات الاستثنائية لخفض أعباء الدين الخارجي للدول الفقيرة.

ويتخوف الناير من التأخير في إجازة قانون الحصانة للسودان لحمايته من المساءلة في القضاء الأمريكي، وطلب تعويضات تستند لتفجيرات إرهابية سابقاً، لأن هذا سيجعل السودان معرضاً لعقوبات جديدة إذا لم يسدد تلك التعويضات وفقاً لأحكام القضاء.

نقلة مصرفية تعالج الأزمات

من جانبه أكد الخبير المصرفي طه صالح أن قرار رفع السودان يعتبر نقلة كبيرة للمصارف التي استعدت له من قبل إعلانه، مشيراً إلى المعاناة التي يتكبدها السودانيون عند إرسال تحويلاتهم الخارجية من العملات الأجنبية، وأن بنكاً واحداً كان معفياً من المنع.

وقال صالح إن الإجراءات التي تتصل بلائحة التعامل مع الدول الراعية للإرهاب مثل التحري عن الأموال ومعرفة مصادرها، والتوريد الشخصي منعا لتمويل الإرهاب، قللت من ورود الأموال إلى البنوك السودانية، ما أثر على التحويلات وأدى لقلة العملات الأجنبية بالبنوك السودانية.

وأوضح صالح أن البنية التحتية السودانية تأثرت بشكل واضح في كل مجالات الزراعة والصناعة والخدمات، لعدم القدرة على استيراد قطع الغيار والبرمجيات، كما تأثر المجال الطبي من نقص المعدات الحديثة، وتأثر التعليم وخدمات الشركات البرمجية لحجب خدمات إضافية في غوغل، وحجب أمازون وبرامج الكمبيوتر الأمريكية.



زيادة الإنتاج

من جهته اشترط الكاتب والمحلل السياسي الباقر عبدالقيوم للاستفادة من رفع السودان من قائمة الإرهاب زيادة الإنتاج والإنتاجية للمساهمة في معادلة الميزان التجاري الذي تميل كفة المدفوعات به، وتغيير العقلية السودانية باتجاه العمل المنتِج بدلا من ممارسة «السمسرة».



وقال عبدالقيوم إن الذهنية التجارية أصبحت تميل إلى عدم التعامل مع البنوك، وتفضل السوق السوداء لبيع العملات الأجنبية بدلاً من تحويلها بالبنوك، مضيفاً أن الثقة في السودان أصبحت مفقودة لدى العالم، لعدم قدرته على الوفاء بالعهود، كما فعل مع الصين التي استثمرت مليارات الدولارات خلال السنوات السابقة غير أنها لم تحصل على عائدات مناسبة.