الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

10 سنوات من الحرب.. السوريون في مصر عمل واستثمار وحياة كريمة

10 سنوات من الحرب.. السوريون في مصر عمل واستثمار وحياة كريمة

السوريون في مصر نجحوا في العديد من الأنشطة.(أرشيفية)

10 سنوات مرت على اندلاع الثورة السورية، والتي صاحبتها حرب ضروس دفعت أكثر من نصف سكان سوريا إلى النزوح إلى مختلف أنحاء العالم، وكانت مصر مقصداً للكثير منهم، بنسبة 10% من اللاجئين السوريين على مستوى العالم، وفق وزارة الخارجية المصرية، فيما أكد سوريون يعيشون في مصر، والتقت بهم "الرؤية"، أنهم ينعمون بمعاملة متساوية مع المصريين بعيداً عن وضع اللجوء الذي يعيشه رفاق لهم في دول مجاورة لوطنهم.

الشعور بالأمان

يقول لقي محمد صلاح الدين مقداد (37 عاماً) «جئت لمصر في 2017، بعدما ضاقت بي الحياة في سوريا، وعاونني السوريون الذين قدموا لمصر قبل ذلك، وهناك رابطة للسوريين، في مدينة 6 أكتوبر» القريبة من القاهرة.

وأضاف لـ«الرؤية» قائلاً «أعمل بشكل منتظم، وأغطي مصاريف المعيشة، وعندما جئت لمصر شعرت بالأمان الذي افتقدناه في بلدنا، فقد كنت أعيش يومياً في قلق وخوف من الخطف أو القتل».

واستطرد قائلاً «أنجبت طفلتي الأولى في سوريا وعمرها الآن 6 سنوات، والتحقت بالمدرسة الحكومية المصرية، وأنجبت باقي أولادي في مصر، وأنا سعيد بحياتي في مصر، فأطيب شعب رأيته هو الشعب المصري، يكرمون الغريب، وبينما يعيش السوريون في مخيمات كضيوف في دول عديدة، دون اختلاط بشعوب تلك الدول، ربما تكون مصر هي البلد الوحيد الذي استضاف السوريين، وعاملهم معاملة جيدة، وأدمجهم مع شعبه».

وتقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن حوالي 5.6 مليون نسمة فروا إلى خارج سوريا منذ اندلاع الأزمة قبل عشر سنوات، وثلثهم تقريبا من الأطفال من عمر 11 عاما وما دون.

وتأتي الميزة التي يتمتع بها أطفال السوريين في مصر على النقيض من الصورة التي رسمتها ارقام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وتوضح أرقام اليونيسيف أن حوالي 2.45 مليون طفل في سوريا بالإضافة إلى 750 ألف طفل سوري في دول مجاورة لا يذهبون للمدارس.

سهولة إجراءات الاستثمار

أما الشاب السوري معاذ محمد (30 عاماً)، صاحب محل لتجارة الأقمشة، فيقول إنه جاء لمصر في 2016، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا، وعدم توفر مقومات الحياة الأساسية، وانقطاع الكهرباء والمياه، وارتفاع سعر الدولار، وغيرها.

وأضاف محمد «هاجرت لمصر، وأقمت مشروعاً صغيراً، سرعان ما نما، والإجراءات القانونية الخاصة بالاستثمار في مصر سهلة، ولا توجد أي صعوبات، والدولة المصرية لها الفضل في تواجد وعمل السوريين بها، فهناك تعاون كبير».

وعن الحياة في مصر قال محمد «السوريون في مصر لا يشعرون بالغربة، ولي أصدقاء من المصريين ربما أكثر من أصدقائي السوريين، والعودة لسوريا أمر صعب، فالوضع لا يساعد على المعيشة، ولا يوجد أمل الآن، ولا أفكر في العودة نهائياً».

حياة جديدة

أما رجل الأعمال السوري وسام بكير (40 عاماً) فيعمل في صناعة «المجالس» العربية ويقول إنه جاء لمصر في 2012، نظراً لأن الترابط بين المصريين والسوريين قديم، قائلاً «أقمت حياة جديدة في مصر، وأنجبت بناتي بها، بعدما لحقت بي زوجتي، وأنا وأسرتي اعتدنا على الحياة في مصر، وإذا استقرت الأوضاع في سوريا، ستكون حياتنا ما بين البلدين».

وأضاف بكير لـ«الرؤية» قائلاً «أصبحنا مستثمرين في مصر، وكانت هناك تسهيلات كثيرة، وهناك روابط وعلاقات طيبة مع الأسر المصرية، ونشعر كأن جيراننا المصريين بمثابة أهل لنا، نتبادل معهم الزيارات العائلية، ويحصل السوريون على كل الخدمات مثل المصريين».

وعندما سألنا علا عكام (32 عاماً) زوجة بكير عن حياتها في مصر قالت «يا حبيبتي يا مصر»، معبرة عن شعورها تجاه مصر، مضيفة لـ«الرؤية»: «أدرس في جامعة القاهرة، والدراسة جيدة، وزملائي متعاونون معي، وأتمنى حصول بناتي على الجنسية المصرية، بجانب جنسيتهم السورية، فقد أنجبتهم في مصر».

550 ألف سوري في مصر

وقال ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر فيليب سبويري إن مسار التسوية السياسية الذي يمهّد للسلام في سوريا "معطّل" ووصل إلى "طريق مسدود" في بلاد تواجه "أزمة اقتصادية كبرى".

واعتبر سبويري أن "السوريين يائسون حقا" بعد عقد من اندلاع الأزمة في بلادهم، مشيرا إلى أوضاع "بائسة" في مخيمات النازحين حيث "لا مستقبل" للأولاد المحرومين من المدرسة.

لكن اللاجئين السوريين في مصر لا يعيشون في مخيمات.

ويقول مساعد وزير الخارجية المصري، للشؤون العربية، السفير ياسر عثمان «مصر فتحت أذرعها للأشقاء في سوريا، عقب اندلاع الثورة هناك، في إطار مسؤولياتها والتزاماتها تجاه الدول العربية».

وأضاف لـ«الرؤية» قائلاً «مصر لا تنظر إلى السوريين كلاجئين، وإنما كإخوة بين أشقائهم في مصر، يتمتعون بكافة الحقوق؛ كالتعليم، والعلاج، والخدمات الأساسية، مثلهم مثل المصريين، وهذه سياسة مصرية ثابتة، تتبعها الدولة مع كل الإخوة العرب، فمصر هي البلد العربي الكبير، الذي يحتضن كل من يحتاج إليه من الأشقاء العرب».

وتابع «عدد السوريين في مصر يبلغ نحو ٥٥٠ ألف سوري، يعيشون ضمن المجتمع المصري، ويتمتعون بحرية التنقل والإقامة والعمل، واستطاع السوريون في مصر تحقيق النجاح باستثماراتهم الصناعية والتجارية، لاسيما في مجال الملابس والمنسوجات والمطاعم والمفروشات، وينتشرون في كل المحافظات، ولا توجد منطقة محددة لهم، وهذا يدل على أن الشعب المصري يفتح أذرعه لهم».

نجاحات في أنشطة عديدة

يقول الكاتب السوري أحمد شيخو الذي يعيش في مصر، بعد قدومه عقب الثورة السورية «السوريون يتواجدون في محافظات مصرية عديدة، ويتمركزون في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، ومنطقة العبور، والعاشر من رمضان».

وأضاف لـ «الرؤية» قائلاً «السوريون نجحوا بشكل أكبر في مجال المطاعم، وهناك مطاعم لهم في عدد من المحافظات، أبرزها القاهرة، والجيزة، والإسكندرية».

وتوفر مصر للسوريين الفرص لإقامة استثمارات بها، ويقدر حجم مساهمة المستثمرين السوريين في الاقتصاد المصري منذ مارس 2011، بحوالي 800 مليون دولار . ويصل عدد المستثمرين السوريين في مصر إلى حوالي 30 ألف مستثمر مسجل لدى الدولة، وفقاً لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.